Voice of Preaching the Gospel

vopg

آب Agust 2012

القس يعقوب عمارييتحدث الرسول بولس إلى كنيسة كورنثوس: "لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي" [أي لو متنا – لو اندثرت خيمتنا الأرضية التي هي حياتنا] فلنا [كمؤمنين مخلصين بدم المسيح] في السماوات بناءٌ من الله بيت غير مصنوع بيدٍ أبدي" (2كورنثوس 1:5).

نعم، لو نقضت خيمة حياتنا الأرضية – أي لو متنا وانتهت حياتنا هذه التي يشبّهها بولس بالخيمة، فنحن كمؤمنين مفديين بدم المسيح الذي مات عنا وقام، يكون لنا بيت أبدي غير مصنوع بيدٍ بشرية. لأن كل ما يصنعه الإنسان مهما كان عظيمًا وقويًا ومحصنًا يأتي يوم ينقض ويهرأ ويصبح في خبر كان...

لذلك قال المسيح بين ما قاله: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟".

من عادة الناس أن لا يفطنون لساعة الموت إلا عند حلولها وقد لا يفطنون حينها لانشغال الفكر في الصراع مع الحياة أملاً بالشفاء.

قبل أيام تكلمت في جنازة إحدى الأخوات المؤمنات وقد انتقلت إلى الحياة الأبدية بعد نزاع مع الموت.. فخاطبت الجمهور الذي حضر لتشييع الراحلة، ووجدت نفسي أقول:

"سألت نفسي اليوم أكثر من سؤال لم أستطع الإجابة عنها:

"السؤال الأول: كم مرة حضرت أنا إلى هذا المكان لأودع من مروا من هنا إلى العالم الآخر؟ فقلت: لا أعلم.

"السؤال الثاني: كم مرة ستظل تحضر إلى هنا وتودع أصدقاء آخرين جاء دورهم لينتقلوا إلى عالم الخلود؟ فقلت: هذا أيضًا لا أعرف أن أجيب عنه.

"وسؤال آخر ورد إلى ذهني يقول: متى ستتوقف عن المجيء إلى هنا لتودع الراحلين إلى الأبدية؟ هنا توقفت قليلاً وقلت: سأتوقف عن المجيء إلى كنيسة المقبرة هذه عندما أُحمل على الأكتاف بحضور أحياءٍٍ آخرين لتوديعي… وهذه حقيقة لا يفطن لها غالبية الناس. فكلما توفّى الله إنسانًا يعزّ علينا أو صديقًا أو جارًا لنا نذهب لنشارك أهل العزاء ونقول الكلمات المعتادة: ’البقية بحياتكم... أطال الله عمركم‘... وننسى أنه سيأتي يوم نكون نحن في صندوقٍ خشبي بلا حراك والناس من حولنا قد حضروا لوداعنا".

وأعود من جديد إلى قول بولس الرسول في الأصحاح الخامس من رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس، "لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السماوات بناءٌ من الله بيت غير مصنوع بيدٍ ، أبديٌ".

هذه الآية كانت من بين الآيات التي سندت إيماني عندما فتحت قلبي للمسيح في وسط الخمسينيات من القرن الماضي، فكنت قد آمنت بعد توبة ورجوع إلى الله في صيف عام 1954. والآية هذه كانت من بين آيات خاصة من آيات الكتاب المقدس شدت إيماني وأعطتني عزمًا روحيًا وثقة بما أنا فيه من سيرٍ على طريق الإيمان والارتباط بشخص الرب يسوع المسيح.

"لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السماوات بناءٌ من الله بيت غير مصنوع بيدٍ أبدي". ويكمّل الرسول بولس ليقول: "فإننا في هذه [أي في هذه الحياة الدنيا، أو في هذه الخيمة الأرضية] أيضًا نئن مشتاقين إلى أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء".

ثم يقول: "فإننا نحن الذين في الخيمة نئن مثقلين، إذ لسنا نريد أن نخلعها [يعني لا نرغب أن نموت – هذا ليس من اختيارنا، الانسان يحب الحياة ويتمنى أن يطول العمر مهما عاش وعمَّر] بل أن نلبس فوقها، لكي يبتلع المائت من الحياة". بتعبير آخر، أننا نحن الأحياء نتمنى أن نلبس الحياة الأبدية فوق ما نحن فيه من حياة هذه الدنيا دون أن نجتاز في ما يسمى بالموت، أو دون أن نعبر في نفق الموت.

يقول: "فإننا في هذه أيضًا نئن"، هذه الحياة مليئة بالأنين والأحزان... الكثيرون يئنون الآن بسبب كابوس الحروب... فكم من أم متألمة تئن في أحشائها على ابنها في ساحة القتال! وكم من زوجة، وأخت، وأخ، وأب...

قلوبنا تئن معهم، ونصلي إلى الله القدير أن يرفع عنهم هذه الشدة.

ويقول الرسول بولس في أصحاح 6 من نفس هذا السفر: "كحزانى ونحن دائمًا فرحون".

بولس هنا يصف حاله وحال من معه من المؤمنين المشاركين له في الخدمة الدينية، ويصف المعاناة التي كانوا يواجهونها وهم ينشطون في تبشير الوثنيين من الشعوب من حولهم كي يؤمنوا بالله ويتحرروا من سلطان الشيطان ويرجعوا إلى الله الحي الذي لا سواه... فهم في محاولاتهم تلك بين غير المؤمنين كانوا يتعرضون للأذى، والضرب، ومقاومة الحكام، والسجون، الشيء الذي كان يفوّت عليهم فرص الخدمة لتقديم رسالة الخلاص لتلك الشعوب... لذلك يقول عن نفسه وعن رفاقه: "كحزانى [بمعنى، صحيح أن الحزن يسدل ظلاله علينا في مواقف متعددة، لكن] ونحن دائمًا فرحون".

يظهر وكأن الكلام متناقض... ولكن الأمر بعيد عن التناقض! فهم حزانى بسبب غلاظة قلوب الشعوب التي أغلقت عليهم الأبواب، ولكن مع ذلك هناك فرص كثيرة تفتح أمامهم، وثغرات كثيرة كانت تُشَقُّ بين صفوف المتصلبين المعاندين المقاومين لهم، وهذا يفرّحهم...

يقول المسيح لأتباعه: "أقول لكم أنه يكون فرح في السماء بخاطىء واحد يتوب أكثر من تسعةٍ وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة".

عزيزي القارئ،

تئن النفس وتنحني تحت ثقل الأحزان والبلاء، ويتفتت القلب وينكسر إثر لطم أمواج التجارب والمخاوف والأهوال المحيطة به، فيصرخ الإنسان صرخات النجدة والاستغاثة، ويذرف دموع الثّكل والأسى إفراجًا عن همه وتعبيرًا عن انكساره ناسيًا أن هناك وسيلةً أفضل.

يقال أن أعذب الينابيع توجد وسط مياه البحار المالحة، وأجمل الأزهار تنمو في أشد المضايق وعورةً وأكثرها جُدْبًا، وأن أروع المزامير — كمزامير داود النبي — كانت عصارة نفسٍ اختبرت أعمق الحزن وأشده!

هكذا الحال مع محبي الله فإنهم يقفزون فرحًا وطربًا حتى في ساعات الحزن الشديد والأسى العميق ويهللون لاسم الله شاكرين.

أيها المعذبون في أي مكان، إليكم هذه الكلمات لعل فيها من تعزية نتمناها لكل متألم حزين:

في ظلمة الغمِّ الشديد                وكربةِ القلب الوحيد

يسطع نور  من جديد               ينير لي سبل الخلود

يقول سر واقصد هداه              واترك تكاليف الحياة

من سار في طرْق الإله             لقي سلامًا لا يحول

يا نفسي لوذي  بالمسيح            واسترشدي الحق الصريح

ذوقي جنى الخير الصحيح                    فهو شفى القلب الجريح

 

 

المجموعة: آب August 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

94 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10555841