أيلول - تشرين الأول Sep - Oct 2012
طرق الله ومعاملاته معنا
حدثني صديق راحل قائلاً: "كلما امتدّ بي العمر ازداد شكري لله، لأنه قد دعانا لنعلن عن نعمته غير مفسرين لطرقه". ولقد تكلم أخونا بحكمة، فقد أعلن الله نعمته كاملة في إنجيل المسيح، ومن امتيازنا وفرحنا أن نعلنها نحن أيضًا بكل قدرتنا وإمكانياتنا.
أما عن طرقه مع خاصته، فالأمر يختلف. فهي كثيرًا ما تكون مبهمة وتتطلب منا الخضوع بإيمان وثقة في حكمته ومحبته.
قالت الأرملة الحائرة المذكورة في 2ملوك 1:4 للنبي أليشع: "إِنَّ عَبْدَكَ زَوْجِي قَدْ مَاتَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَكَ كَانَ يَخَافُ الرَّبَّ. فَأَتَى الْمُرَابِي لِيَأْخُذَ وَلَدَيَّ لَهُ عَبْدَيْنِ". لقد فارق ذلك الرجل التقي حياته على الأرض تاركًا وراءه أرملة وولدين دون أن يترك لهم شيئًا ليعتاشوا به سوى دهنة زيت. لكن الرب حوّل ظروفها القاسية إلى راحة وبحبوحة مادية.
لا يستطيع أحد أن يفسر مثل هذه المعاملة الإلهية، ولكن يا لها من بركة عظيمة حصلت عليها تلك الأرملة!
وقد نرى في حياتنا أشياء مماثلة لتلك الأرملة لا نستطيع أن نفسرها.
وقد يوضح لنا الله مشيئته أحيانًا - ولكن بعد حين - كما نرى ذلك في سفر أيوب. فخسائره التي لم يسبق لها مثيل، وآلامه التي كانت سرًا غامضًا بالنسبة لأصحابه الذين لما حاولوا تفسيرها وبانت غباوتهم، لكن الرب أظهر كل شيء فيما بعد وبكل جلاء... فكان اختبار أيوب سبب بركة كبيرة لمؤمنين متألمين وثقوا بالرب على مر التاريخ بينما لم يستطيعوا أن يفهموا قصده وقتئذ.
لكن أعظم أسرار الدهور هو صليب الجلجثة، إذ فيه نرى الإنسان الكامل الوحيد، الذي عاش على الأرض - الرب يسوع المسيح، وابن محبة الآب - متروكًا من الله في مذلته وآلامه المبرحة مع "صرخات شديدة ودموع".
وأولئك الذين أحبوا ذلك الشخص القدوس كانوا حينئذ مكسوري القلوب دون أن يقدر أحدهم أن يفهم أو يفسر سر ذلك الحدث.
لكن قيامة المسيح أوضحت الحقيقة... وفي الطريق إلى عمواس أظهر ذلك الشخص القدوس نفسه وفسّر كل ما حدث له. وكيف أنه بفدائه أصبحت نعمة الله بحق متاحة لجميع الخطاة في كل زمان ومكان. إن الفداء يُكرز به الآن لغفران الخطايا لكل الشعوب.
وعندما نصل إلى بيت الآب السماوي - حالما يأتي الرب يسوع - ستتَّضح لنا كل قصص حياتنا - وسنبارك اليد التي أرشدتنا، والقلب الذي وضع خطط حياتنا - وحينئذ سنتوَّج بمجد أبدي في ملكوت عمانوئيل.
وإلى أن يأتي ذلك الحين، يا ليتنا في كل ظروفنا نتعلم أن نخضع لإرادة الرب ونثق بمعاملاته معنا ونكون أمناء في كل شيء نعمله أو نفكر به ونشكره ونعطيه كل المجد.