Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الثاني November 2012

الدكتور لبيب ميخائيل"ألطاف" جمع "لطف"، و"اللطف" بحسب ما جاء في المصباح المنير يعني الرفق، ويمكن القول أن اللطف هو الرحمة والرأفة والحنان.
وما الذي يمكن أن يقوله المؤمن الأمين في عيد الشكر مخاطبًا الرب أفضل من الكلمات التي نطق بها يعقوب:


"صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ" (تكوين 10:32)، ولا يمكن أن ينطق المؤمن بهذه الكلمات إلا إذا جلس مع نفسه، وأحصى إحسانات الرب عليه. لكن الخطية التي سقط فيها الكثيرون من المؤمنين هي خطية نسيان ألطاف وإحسانات الله، لذلك أوصى الله شعبه قائلاً: "اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ وَلاَ تَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَفَرَائِضَهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ. لِئَلاَّ إِذَا أَكَلْتَ وَشَبِعْتَ وَبَنَيْتَ بُيُوتًا جَيِّدَةً وَسَكَنْتَ، وَكَثُرَتْ بَقَرُكَ وَغَنَمُكَ، وَكَثُرَتْ لَكَ الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ، وَكَثُرَ كُلُّ مَا لَكَ، يَرْتَفِعُ قَلْبُكَ وَتَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ، الَّذِي سَارَ بِكَ فِي الْقَفْرِ الْعَظِيمِ الْمَخُوفِ، مَكَانِ حَيَّاتٍ مُحْرِقَةٍ وَعَقَارِبَ وَعَطَشٍ حَيْثُ لَيْسَ مَاءٌ. الَّذِي أَخْرَجَ لَكَ مَاءً مِنْ صَخْرَةِ الصَّوَّانِ. الَّذِي أَطْعَمَكَ فِي الْبَرِّيَّةِ الْمَنَّ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْهُ آبَاؤُكَ... وَلِئَلاَّ تَقُولَ فِي قَلْبِكَ: قُوَّتِي وَقُدْرَةُ يَدِيَ اصْطَنَعَتْ لِي هذِهِ الثَّرْوَةَ. بَلِ اذْكُرِ الرَّبَّ إِلهَكَ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لاصْطِنَاعِ الثَّرْوَةِ" (تثنية 11:8-18).
على كل مؤمن أن يشكر الرب ليس فقط في مناسبة عيد الشكر، بل في كل حين وفي كل شيء.
"اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ". (1تسالونيكي 18:5)
"شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ، الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ". (كولوسي 12:1-13)
"شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، للهِ وَالآبِ" (أفسس 20:5).
"لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (فيلبي 6:4-7).
الشكر - ليس بمجرد اللسان، بل من القلب - يدفع المؤمن لرؤية الورود في بستان حياته، ولا يتذمّر لوجود الأشواك!
إن هناك عدة دوائر تدفع المؤمن للشكر من كل القلب:

1- دائرة اختيار الله لك


المؤمن الحقيقي ليس أفضل من غيره... هو بالدرجة الأولى خاطئ بالوراثة وبالتصرفات، ولكن الله اختاره قبل تأسيس العالم حسب مسرة مشيئته، وهذا ما يقوله بولس الرسول: "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ".
(أفسس 3:1-5)
أعرف سيدة أمريكية ذهبت إلى الهند وتبنّت طفلة من أحد ملاجئ الأطفال هناك. كانت هذه السيدة دائمة التساؤل عن عدالة الاختيار الإلهي. فلما عادت بطفلتها التي تبنّتها، وجدتُ فرصة لأشرح لها عدالة الله في اختياره.
قلت لها: هل كان في الملجأ الذي اخترتِ منه "سارة" طفلات أخريات.
قالت: كان هناك الكثيرات.
قلت: لماذا اخترت "سارة" دون سواها.
قالت: لأني أحببتها ووجدت فيها مسرة قلبي.
قلت: هل من حق أحد من الطفلات الأخريات أن تتذمر وتتّهمك بالظلم لاختيارك "سارة" دونها؟
قالت: لا مجال لاتهامي بالظلم، فأنا اخترت سارة بحسب مسرتي.
قلت: هذا هو الاختيار الإلهي! كلنا خطاة بالولادة وبفعل الخطية، لكن الله اختار البعض بحسب مسرة مشيئته، ولا ظلم في هذا الاختيار الإلهي، كما أنه لا ظلم في اختيارك لسارة دون غيرها.
إن الاختيار الإلهي يجب أن يدفع المؤمن أن يشكر الله من كل قلبه.

2- دائرة تجديدك

التجديد هو الميلاد الثاني، وهو هبة إلهية تُعطى للمؤمن، وهذا ما يقوله بولس الرسول: "لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضًا قَبْلاً أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَائِشِينَ فِي الْخُبْثِ وَالْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا. وَلكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ­ لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ ­ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (تيطس 3:3-5).
حين يذكر المؤمن ماضيه الأسود، وكيف حرره الرب من عبودية خطاياه وشهواته ونجاسته، لا بد أن يشكر الله مرددًا كلمات بولس الرسول: "فَشُكْرًا للهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا" (2كورنثوس 15:9). "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رومية 23:6).
ماضي المؤمن مجلل بالسواد... كان ميتًا بالذنوب والخطايا... كان يسلك بوحي من "رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل...  في أبناء المعصية"... كان يتصرف في شهوات جسده عاملاً مشيئات الجسد والأفكار، وكان بالطبيعة ابنًا للغضب كسائر الناس.
لكن "اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ­ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ­ وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ" (أفسس 4:2-9).
لنذكر أن النعمة معناها "إحسان إلى إنسان لا يستحق الإحسان"، وعندئذ تفيض ألسنتنا شكرًا وتسبيحًا وتعبّدًا.

 

3- دائرة حسنات الرب لك


يذكر داود النبي حسنات الرب على المؤمنين بالكلمات: "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ.
الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ.
الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ.
الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ.
الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ.
الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ" (مزمور 1:103-5).
من ذا الذي يفكر في هذه الحسنات ولا يشكر الرب بكل قلبه وبكل أوتار حياته؟!

4- دائرة خدمتك


مبارك الإنسان الذي اختاره الرب لخدمته... وهذا الاختيار أزلي كما نقرأ في سفر إرميا: "فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلاً: قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ" (إرميا 4:1-5).
الخادم المدعو من الله، ليس بالضرورة خرّيجًا من إحدى كليات اللاهوت – مع أهمية التعليم والمعرفة الجيدة للكتاب المقدس – ولكنه إنسان أفرزه الرب لخدمته قبل ولادته، وجعل في كلماته مسحة خاصة تلمس القلوب وتقود الخطاة للمسيح، وأنار ذهنه ليفهم التعاليم الكتابية ويوضحها لسامعيه.
كان هذا هو اختيار بولس الرسول الذي كتب عنه الكلمات: "وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا. وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي. وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا" (غلاطية 11:1-16).
وإزاء هذه الدعوة السماوية للخدمة شكر بولس المسيح قائلاً: "وَأَنَا أَشْكُرُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الَّذِي قَوَّانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِينًا، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ، أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إِيمَانٍ" (1تيموثاوس 12:1-13).
الشكر هو تعبير عن الامتنان والتقدير... فيا أيها المؤمن، اشكر الرب من كل قلبك!
اشكره على اختياره لك...
اشكره لأنه جددك..
اشكره لأجل حسناته عليك..
وإن كنت خادمًا أمينًا للمسيح - قد دعاك الرب لخدمته - فاشكره لأجل دعوته لك، وقل مع داود النبي: "يَمِينُكَ تَعْضُدُنِي، وَلُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي" (مزمور 35:18).
وقل مع يعقوب حين أحصى بركات الرب عليه:
"صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ" وليكن شكرك عمليًا لا مجرد كلمات جوفاء يرددها لسانك.

المجموعة: تشرين الثاني November 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

92 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10570086