Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2013

الدكتور القس لبيب ميخائيلالعقل هو العضو الذي ميّز الله به الإنسان عن الحيوان، وهو السلطة العليا التي تضبط تحركات وقرارات الإنسان. وهو أقسام: قسم يسيطر على الكلام، وقسم على الذاكرة، وقسم على الأعصاب، وقسم على حركة الأعضاء، وقسم على العواطف. والرب تبارك اسمه يطالب الناس باستخدام عقولهم حتى لا تتدهور حياتهم فيقول:


"وشعب لا يُعقل يُصرَع" (هوشع 14:4)، أي يُداس بالأقدام ويُهزم هزيمة ساحقة. ويطالب الملوك والرؤساء الذين يريدون التحرر من الوصايا الإلهية قائلاً: "فالآن يا أيها الملوك تعقّلوا" (مزمور 10:2). ويقول لكل من له أذنان للسمع: "إذا دخَلتْ الحكمة قلبك، ولذّت المعرفة لنفسك، فالعقل يحفظك، والفهم ينصرك، لإنقاذك من طريق الشرير، ومن الإنسان المتكلم بالأكاذيب" (أمثال 10:2-12).
ويعلن الكتاب المقدس أنه من الممكن خداع العقل فيقول: "فإنه يوجد كثيرون متمردين يتكلمون بالباطل، ويخدعون العقول" (تيطس 10:1)، ويُخدع العقل بالفلسفة وبالخرافة.
وعن خداع الفلسفة يقول بولس الرسول للمؤمنين في كولوسي: "انظروا أن لا يكون أحد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل، حسب تقليد الناس، حسب أركان العالم، وليس حسب المسيح" (كولوسي 8:2). أما عن خداع الخرافة فسيأتي الحديث عنه في مكانه.
هذا يصل بنا إلى حقيقة جديرة بالانتباه، وهي أن هناك ثلاثة أصناف من العقول يعيش الناس حياتهم بواحد منها: العقل الطبيعي، والعقل الخرافي، والعقل الروحي.

1- العقل الطبيعي


العقل الطبيعي هو العقل الذي نولد به، وقد قيل أنه لكي نصنع كمبيوتر فيه قدرات العقل الطبيعي، نحتاج إلى مساحة من الأرض تعادل مساحة ولاية تكساس. هذا العقل ميّزه الخالق بقدرات هائلة، فهو يستطيع أن يتعلم الطب، والهندسة، والموسيقى، والرياضة، والكتابة، واللاهوت، وشتى العلوم الإنسانية... وبهذا العقل استطاع الإنسان أن يصل إلى القمر، وإلى كوكب مارس، وأن يصنع الكمبيوتر، والتليفون المحمول، وما زال يخترع كل يوم اختراعًا جديدًا.
لكنه مع كل هذه القدرات عجز تمامًا عن الإجابة عن الأسئلة:
من هو الإنسان؟ ولماذا يعيش؟ وإلى أين يذهب بعد موته؟
كذلك عجز عن إيجاد حلول لمشاكل الإنسانية... مشكلة الألم، ومشكلة التعاسة والشقاء، ومشكلة الأمراض النفسية كانفصام الشخصية، والأفكار المتسلطة، والجنون بمختلف أنواعه... والجريمة التي يرتكبها البعض بغير سبب، والأمراض الجسدية كالسرطان... وتدهور جهاز المقاومة.
ومع عجز العقل الطبيعي عن إيجاد حلول لمشاكل ومصائب وأمراض البشرية، فهو عاجز أيضًا عن فهم الأمور الروحية، وعن هذا قال بولس الرسول: "ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة، ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يُحكم فيه روحيًا" (1كورنثوس 14:2).
فالذي يعيش بالعقل الطبيعي يقرأ الكتاب المقدس، لكنه لا يفهم ما يقرأ، ويصاب بالملل فيتوقّف عن قراءته، أو يحاول البحث عن ما يبدو متناقضات فيه، وفي قدرة الشيطان أن يصيب هذا العقل بالعمى (2كورنثوس 4:4)، أو بالجنون (مرقس 15:5).

2- العقل الخرافي


عرّف قاموس المنجد كلمة خرافة بهذه الكلمات: "خرف – وخرّف أي فسد عقله من الكبر والشيخوخة. والخرافة حديث الخرف المضحك، والحديث الباطل". ومن أسف أن كثيرين حتى من الذين يحملون شهادات عليا يعيشون بعقل خرافي.
وقد دخلت الخرافات إلى اليهودية حين أخذ اليهود الحية النحاسية التي رفعها موسى في البرية، وأوقدوا لها ودعوها "نحشتان"، حتى جاء الملك حزقيا وسحقها (2ملوك 4:18)... صارت الحية خرافة بإخراجها من رسالتها وما قامت به في زمانها ووضعها في مكان الألوهية.
ودخلت الخرافات إلى الكنيسة المسيحية منذ أيام الرسل، ولذا كتب بولس الرسول إلى تيموثاوس قائلاً: "وأما الخرافات الدنسة العجائزية فارفضها" (1تيموثاوس 7:4). وبولس يصف الخرافات بأنها دنسة وعجائزية، فهي دنسة لأنها تدنِّس العقل وتنحرف به عن الحق المعلن في الكتاب المقدس، وهي عجائزية اخترعها آباء شاخوا فخرّفوا.
وقد احتضنت بعض الكنائس هذه الخرافات... فالخرافات جذّابة، وأذكر لما كنت صبيًا في الثامنة من عمري كانت جدتي تلهب خيالي الصغير بالقصص الخيالية... فكانت تحدثني عن بساط سليمان الذي يجلس عليه الإنسان، ويأمره أن يأخذه إلى أقصى بلاد الأرض ويضربه بالعصا، فينقله إلى حيث يريد... وكنت أحب هذه الخرافات.
وما زال الكثيرون ممن يُدعون مسيحيين يعيشون رغم التقدم العلمي بالعقل الخرافي، ولذا كتب بولس الرسول إلى تيموثاوس قائلاً:
"أنا أناشدك إذًا أمام الله والرب يسوع المسيح، العتيد أن يدين الأحياء والأموات،  عند ظهوره وملكوته. اكرز بالكلمة. اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب. وبّخ، انتهر، عظ بكل أناة وتعليم. لأنه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم، فيصرفون مسامعهم عن الحق، وينحرفون إلى الخرافات" (2تيموثاوس 1:4-4). فبعض كنائس الأيام الأخيرة يعيش المنتسبون إليها بعقل خرافي، تلهبه الخرافات العجائزية. والخرافات التي يؤمن بها الملايين، ترتبط بالفرائض المقدسة التي انحرفت عن القصد الإلهي منها، مثل المعمودية، وعشاء الرب، وشفاعة القديسين الراحلين وظهورهم، والاعتراف بالخطايا الشخصية لغير الله.
والذي يحمي المؤمن من تصديق هذه الخرافات هو التوقف عن سماع التعليم المنحرف "كف يا ابني عن استماع التعليم للضلالة عن كلام المعرفة" (أمثال 27:19)، ودراسة الكتاب المقدس بتدقيق لمعرفة الحق بخصوص هذه الفرائض ومعناها والقصد الإلهي منها.

3- العقل الروحي


العقل الروحي هبة تُعطى من الله للإنسان حين يؤمن بيسوع المسيح.
والعقل الروحي يحتاج إلى التغذّي بالكلمة المقدسة لينمو في المعرفة. وعن هذا قال بطرس الرسول: "فاطرحوا كل خبث وكل مكر والرياء والحسد وكل مذمة، وكأطفال مولودين الآن، اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به" (1بطرس 1:2-2)، والنمو هنا هو نمو العقل الروحي.
ويوبّخ كاتب الرسالة إلى العبرانيين المؤمنين الذين لم يتقدموا في المعرفة رغم إيمانهم بزمن طويل فيقول لهم:
"لأنكم إذ كان ينبغي أن تكونوا معلمين لسبب طول الزمان تحتاجون أن يعلمكم أحد ما هي أركان بداءة أقوال الله، وصرتم محتاجين إلى اللبن، لا إلى طعام قوي. لأن كل من يتناول اللبن هو عديم الخبرة في كلام البر لأنه طفل، وأما الطعام القوي فللبالغين، الذين بسبب التمرّن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر" (عبرانيين 12:5-14).
وعلى هذا يمكننا القول بأن كثيرين من المؤمنين يختلط فيهم العقل الروحي مع العقل الجسدي، ويظهر العقل الجسدي في تصرفاتهم.
والمؤمن الذي لا ينمو عقليًا في معرفة كلمة الله مؤمن جسدي، مثل الإخوة في كنيسة كورنثوس الذين كتب إليهم بولس الرسول قائلاً:
"وأنا أيها الإخوة لم أستطع أن أكلمكم كروحيين، بل كجسديين كأطفال في المسيح، سقيتكم لبنًا لا طعامًا، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون، بل الآن أيضًا لا تستطيعون، لأنكم بعد جسديون" (1كورنثوس 1:3-3).
وسبب المتاعب والانشقاقات في كنائس العصر الحاضر هو جهل أعضائها بمعنى الكنيسة ومكانها، وعدم نمو عقولهم في معرفة الله وكلمته. والطريق الملكي لنمو العقل الروحي هو الامتلاء بالروح القدس، أي إعطاء الروح القدس مكان السيادة والقيادة في الحياة. "فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق، لا كجهلاء بل كحكماء، مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة. من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب. ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح" (أفسس 15:5-18). والمؤمن الممتلئ بالروح القدس تستنير عيون عقله فيعرف عظمة قدرة الله الفائقة التي ظهرت في المسيح إذ أقامه من الأموات (أفسس 19:1)، ويطبق في حياته العملية كلمات بولس الرسول:
"أخيرًا أيها الإخوة كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مسرّ، كل ما صيته حسن، إن كانت فضيلة وإن كان مدح، ففي هذه افتكروا". (فيلبي 8:4)
ويتيقن من كلمات بولس الرسول القائلة: "أذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون. هادمين ظنونًا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2كورنثوس 4:10-5). لذلك كتب بولس للقديسين في فيلبي قائلاً: "وهذا أصليه: أن تزداد محبتكم أيضًا أكثر فأكثر في المعرفة وفي كل فهم، حتى تميزوا الأمور المتخالفة، لكي تكونوا مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح، مملوئين من ثمر البر الذي بيسوع المسيح لمجد الله وحمده" (فيلبي 9:1-11).
والآن يا قارئي الكريم، بأي عقل تعيش؟ هل تعيش بالعقل الطبيعي، أم بالعقل الخرافي، أم بالعقل الروحي؟ أنت وحدك تستطيع الإجابة عن هذا السؤال.

 

المجموعة: أذار March 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

105 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10557293