أذار March 2013
القبر رمز للظلام حسًا ومعنى ومع هذا، ففي أرض فلسطين منذ ألفي سنة تقريبًا – وُجد قبر يشع بالنور السماوي المجيد!
ذهبتْ إليه بعض النسوة باكيات، "خائفات ومنكسات وجوههن للأرض"، ولكن هناك وجدن النور، إذ نزل من السماء ملاك الرب الذي "كان منظره كالبرق، ولباسه أبيض كالثلج" وقد أعلن لهن أن المسيح قد قام من بين الأموات: "ليس هو ههنا، لكنه قام كما قال"!
إن الموت ما زال لغزًا محيرًا عند الكثيرين. يواجهه الناس بخوف لأنهم يواجهون المجهول. كم من نظريات وفلسفات وآراء وتعاليم دارت حول الموت، وأمام هذه كلها يقف الإنسان حائرًا في الظلام ومعذبًا بين الشكوك.
أما الذين آمنوا برسالة الإنجيل وبشارة القيامة فقد تخلصوا من ظلمة القبر، وتبددت أمامهم الشكوك والريب التي تنتاب الناس في مواجهة ما بعد الموت. ذلك لأنهم يؤمنون بالمسيح الذي "أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل". وفي نور المسيح ظهر كل شيء واضحًا جليًا، فاستطاع بولس أن ينطق في ثقة أكيدة: "لأنني عالم بمن آمنت، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم".
إن العالم مدين للرواد الذين اقتحموا مجاهل أفريقيا متحملين المتاعب والمشاق، بل مضحين بحياتهم ليكتشفوا قلب القارة السوداء.
بعد ذلك أقبل الناس من كل حدب وصوب إلى تلك البقاع بثقة واطمئنان. وهذا ما فعله المسيح، لقد دُفن بعد موت الصليب، نزل إلى القبر المظلم، ولكنه قام في مجد وجلال وسناء باهر ليعلن أنه هزم الموت ونزع عنه سلطانه المخيف. وفي أثره وإيمانًا به، واجه أتباعه الموت بأقدام ثابتة مطمئنة.
من أروع مشاهد الحياة أن ترى مؤمنًا حقيقيًا يواجه الموت. كم من مؤمنين استقبلوه بالابتسام والترحاب ولسان حالهم ما قاله بولس: "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل جدًا". كان الموت عندهم رمزًا للنور، لأنه يؤدي إلى المدينة النورانية التي يسطع فيها شمس البر.
لا زلت أحلم باليوم الذي يغير فيه المؤمنون نظرتهم إلى الموت والقبر. آن لهم أن يتخلصوا من الظلام الأسود المقبض، واليأس القاتل، والوحشة القاسية التي لا زالت تقترن بالقبر في الأذهان. إن النور الذي ينبعث من القبر الخالي كفيل بأن يبعث الفرح في كل قلب.
إذا كان هذا هو مفهوم الموت عندنا نحن المؤمنين، ألا يجدر بنا أن نذكر إخوتنا أيضًا الذين يرقدون في الإيمان على رجاء القيامة بالاطمئنان والسلام والأمل المشرق؟
ألا يجدر بنا في عيد القيامة بصفة خاصة أن نرفع أنظارنا عن قبورنا المظلمة المقبضة ونتجه إلى قبره المنير مرنمين:
قدني إلى القبر المنير يا سيدي الجريح
حيـث ملائــك القديــر هنـــاك أستريــح