Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2013

الدكتور عصام رعدما أشبَهنا اليوم بالمريمات وهن يسألن: "مَن يُدحرج لنا الحجر؟" لأن الحجر كان عظيمًا جدًا. ونحن، كم من الحجارة تقف موانع في حياتنا مثل حجارة الخوف والموت... الخوف من الموت والهزيمة، وحجارة الفشل والضعف. كم من الحجارة تقف سدًا منيعًا بيننا وبين بركات الرب، فنتساءل دائمًا: مَن يُدحرج لنا الحجر؟ دعني أُجيبك: إن ذاك الذي قام من الأموات وغلبَ الموت بل أباد بالموت ذاك الذي له سُلطان الموت أي إبليس، قادر أن يُدحرج من أمامك ليس حجرًا واحدًا بل كل الحجارة العظيمة.

1- حجر الموت وسكنى القبور

لقد دخل الموت مع السقوط والخطيئة، وهو كما يقول الكتاب، "أقوى عدو" و"آخر عدو" للإنسان. ومَن لا يخاف الموت ويرتعب أمام القبر؟! ولكن يا لها من مُفارقة عظيمة أن رب الأرباب وملك الملوك أخذ ظُلمة القبر وحَوّله إلى نور ومنارة، ومن رهبة ويأس وضعَ فيهِ نور الرجاء والقيامة والحياة الأبدية بفضل قوة قيامتهِ.
أيُها الأحباء إننا اليوم لا نحتفل بمُناسبة دينية أو ننظر إلى قبر فارغ لنؤكد أن المسيح قام.. بل نُعلن أن المسيح حيٌّ في حياتنا ونحن بدونهِ لا نقدر أن نفعل شيئًا كما قالَ للتلاميذ، بل بهِ نحيا ونتحرك ونُوجد، إننا ننظر إليهِ وهو وحده سَيد القيامة وربها.
لو كان الموت فعلاً كما يقولون "سُنّة الحياة"، أو واقع الحياة مثل الزواج أو الولادة لقَبِلهُ الإنسان ولم يَنزعج مِنه أو يخاف، ولأن الإنسان غير المؤمن يجهل أين يكون مصيره بعدَ الموت، فهو يَخاف ويرتعب من الموت، لأن في داخله شيئًا يقول له: هناك شيء رهيب خلف الموت، وهو حياة البُعد عن الله؛ أي انفصال أبدي عَنه، "هناك يكون البُكاء وصرير الأسنان". لكن حين يَسكن المسيحُ في قلبك يُعطيك حياة بدل الموت، "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ" (يوحنا 25:5).
نحن أموات بالذنوب والخطايا ولكن عندما يسمع الخاطئ التائب صوت الرب ودعوته للخلاص ويأتي إليهِ في توبة حقيقية ومعرفة شخصية، يسكن فيهِ روح المسيح ويهبه حياة جديدة. عندئذ يَمتلك حياه أبدية، حياة المسيح نفسه التي انتصرت على الموت، ومن هُنا يستطيع أن يُدحرج حجر الموت، وسُكنى القبور، ويَختبر القيامة الروحية. "وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيح. بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُون وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوع" (أفسس 5:2)، ويومًا ما سنَختبر القيامة في أجساد مُمَجدة مع الرب يسوع المسيح.
ما أعظم هذه الحقيقة التي هي أساس إيماننا وهي القبر الفارغ وقيامة المسيح. "وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ... إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ" (1كورنثوس 17:15-19).
ليسَ للحياة معنى بدون المسيح وقيامته، ومسكين الإنسان الذي يضعُ كل آماله هُنا على هذه الحياة الطبيعية وليس في إله الحياة الذي هو "الطريق والحق والحياة"، وقد صارت قيامته واقعًا في تاريخ البشر؛ الله الابن سَكن في جسد إنسان، وجاء إلى الأرض، وحملَ كل خطايانا على الصليب وحِملَ الموت، وغلبَ الموت وقام، ومن هُنا صارَ حياة لكل من يؤمن به إذ يُقيمه معه.
شيْءٌ لا يُوصف من أجلي وأجلك، إنها نعمة الله التى لا نستحقها ولا نَستطيع أن نعمل شيئًا لكي نحصل عليها. فقط علينا أن نقبلها بكل تواضع، وتوبة صادقة. ما أحلى هذه النعمة التي يُقدمها الرب! عطية مجانية! عطية القيامة والحياة الأبدية في المسيح الذي تألمَ لأجلك على الصليب ودخلَ القبر بدلاً عنكَ. هذه هي عطية الخلاص وهي حقيقية وليست خدعة.

ما السر وراء القبر الفارغ؟

قال اليهود أن التلاميذ سرقوا الجسد! هل هذا معقول أن يَسرقوا الجسد ثمَ يموتون من أجل كذبة؟ لا يُوجد إنسان يموت من أجل كذبة إلا إذا كان مخدوعًا ولا يعلم أنها كذبة. كل واحد من التلاميذ تَعذب بطريقة وحشية بَشعة ومات، فهل يُعقل أن يَتحملوا كل ذلك من أجل كذبة؟ طبعًا لا، بل هُم تعذبوا وماتوا من أجل حقيقة القيامة وواقعها. لقد ظهرَ لهم الرب عدة مرات بعد القيامة، وأثبت لهم حقيقة قيامتهِ لكي لا يَدع أي شك يتسرب إلى أذهانهم؛ هذه الحقيقة تُعطينا رجاء الحياة الأبدية إذا تمسكنا بها ورجِعنا للرب يسوع في توبة صادقة. "الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا" (رومية 25:4). إنه يسوع المسيح الذي لا مثيل لهُ ولا بديل، ومهما قِيلَ فيه فهو قليل. إنه إله المجد بكل معنى الكلمة، الذي جَاء وأطاعَ حتى الموت موت الصليب، وسفكَ دمه عني وعنك! أرجوك، تأكد من خلاصك لكي يكون عندك ضمان الحياة الأبدية حتى إذا جاءت ساعة الموت تستطيع أن تقول: قد حَوّل سيدي المسيح الموت إلى جسرٍ لعبور الحياة الأبدية معه.
يا لها من طمأنينة تُنعش قلب الإنسان وتسود عليه لدى علمه بأن قيمة حَياتنا غالية جدًا في نظر الرب - لقد كلفته أن يَسفك دمه على الصليب لأجلك - وقيمتك في نظر الرب لا تُقدّر بثمن لأنها من قيمة وغلاوة دم المسيح الذي غطانا بدمهِ حتى حينَما تأتي ساعة الموت تَعبر عنا الدينونة لأننا في حماه.

2- حجر الضعف والهزيمة والفتور

هُناك حالة ضعف روحي تنتاب كل واحد منا بعد الإيمان. كُل منا يَمر في مراحل ضعف عندما يَهمل الصلاة وحياة الاقتراب من الرب عن طريق الكلمة، وتَزل قدميه، ولكن في قيامة المسيح لنا قوة فوق طبيعية كل يوم.
يجب أن نسمح للرب أن يستخدمنا ويملأنا من روح القوة لأن الرب من خلال قيامتهِ أعطانا قوة خاصة، لذلك يقول الرسول بولس: "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ" (فيلبي 10:3)، "وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا" (رومية 4:1).
وضع الله فينا الروح القدس الذي هو روح القداسة والقوة، فلماذا نشكو من الضعف؟ نحن نشكو لأننا نسير مُعتمدين على إرادتنا وقوتنا الشخصية وأهملنا قوة المسيح. لقد علمني الرب دروسًا كثيرة كي لا أعتمد على قوتي الشخصية وحكمتي وطريقة تحليلي للأمور بل على روحه القدوس الساكن فيَّ؛ أَطلب مِنهُ حكمته وإرادته وقوته، وهذا أساس النُصرة في الحياة المسيحية.
إرادتنا الذاتية تَقودنا إلى الضعف والفتور وتكون حجرًا يقف أمامنا ويُبعدنا عن حياة النُصرة، لكن الرب قادر أن يُفرغك من ذاتك ويملأك بروحهِ القدوس لتختبر حياة النُصرة والقوة حتى تكون فعلاً مُشابهًا لصورة الابن الحبيب، وهذا هو قصد خلاصِنا بعد أن غَسّلنا بدمهِ وأعطانا الحياة الأبدية. "لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِه. ِعَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ" (رومية 5:6-6). اطلب من الرب أن يُعطيك قوة جديدة وملئًا جديدًا. قل لهُ: يا رب، لتكن إرادتك لا إرادتي، ساعدني أن أعيش معك وأعتمد على قوتك حتى تقودني في حياة الانتصار والقداسة والنصرة. قالت عروس النشيد: "قَدْ خَلَعْتُ ثَوْبِي، فَكَيْفَ أَلْبَسُهُ؟ قَدْ غَسَلْتُ رِجْلَيَّ، فَكَيْفَ أُوَسِّخُهُمَا؟ حَبِيبِي مَدَّ يَدَهُ مِنَ الْكَوَّةِ، فَأَنَّتْ عَلَيْهِ أَحْشَائِي" (نشيد 3:5-4). مرات كثيرة ننشغل عن الرب لأسباب تافهة، وأمامك طريقان: إما أن تتبع الرب يسوع المسيح، وتحمل صليبك، وتُنكر ذاتك، وهو يَقودك بروحه القدوس، "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ" (رومية 14:8)، أو تتبع شهواتك التي تُدمر نفسك! الرب يَدعوك الآن لتعيش حياة النُصرة، وتَحصلُ على ميراث من الرب، وتُدحرج حجر الضعف والهزيمة والفتور.

3- حجر برودة المحبة والنفور


بعد السقوط، تشوّهت علاقة الإنسان مع الله ومع أخيه الإنسان. وينعكس ذلك أيضًا على محيط العائلة الواحدة؛ الزوج مع الزوجة، والأب مع الأولاد، وحتى الأولاد مع بعضهم البعض. وهذه كلها تحتاج إلى اهتمام يومي من عمل نعمة المسيح. ليُساعدنا الرب أن نكون على علاقة جميلة معه ولا نَحرم أنفسنا من هذهِ البركة. إن كنيسة المسيح من كل شعب ولسان وأمة، يَجمعها شخص الرب يسوع والروح القدس - سُقينا روحًا واحدًا - ودعوة الرب لنا في هذه الأيام الأخيرة هي: "طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ" (1بطرس 22:1). فلا نفشل من بعضنا البعض في هذه الأيام الصعبة بل نُظهر محبتنا في البذل والعطاء، وحمل الأعباء، وستر الأخطاء، وحُب البِناء، والتخلي عن كثرة الأشياء. لا تَفشل من ربح النفوس للسلام... لا تفشل من أن تُصلي للخطاة البعيدين عن الرب والمتكبرين، لأنه يومًا ما سيُحوّلهم الرب إلى أبطال روحيين، كما علينا أن نُصلي من أجل أولادنا، ولبعضنا البعض، ونُظهر المحبة للجميع.

4- حجر الفشل ومآسي الدهور

عندما كنا في ريعان الشباب كنا مأخوذين بحلاوة الدنيا ولذتها وكُنا نهتف مع شباب الكشافة:
نحن الشباب لنا الغُد    ومجدهُ المُخلدُ
لكن مع تقدم العمر اكتشفنا أن الحياة مفعمة بالمآسي... هل تعلم لماذا تشتعل الثورات في العالم وبين الشباب؟ لأنهم أحسّوا بالفشل والإحباط من الأنظمة الحاكمة والمستقبل أمامهم مُظلم - وهذا ليسَ معناه أن البديل أفضل - وذلك لعدم وجود قائد يُقدم لهم غدًا أفضل. لكن المسيح يَضمن لكَ غدًا أفضل هُنا على الأرض وهناك في السماء حينَ نلتقي مَعهُ عن قريب، لذلكَ هو وحده الرجاء والقائد القادر أن يُدحرج حجر الفشل حتى لا يُسيطر عليك "لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ" (2تيموثاوس 7:1).
مِسكين الإنسان بدون المسيح! حياتُه كلها ظلمة لأن المسيح هو نُور العالم وشمس البر. تَصور معي مريم المجدلية والمريمات وهن ذاهبات إلى القبر والظلام ما برح مخيمًا لينظرن جُثة المسيح، كن في حالة من اليأس والفشل والإحباط قائلات إن هذا الذي أعطاهم أحسن تَعليم، والمُزمع أن يَفدي إسرائيل، ما الذي جرى له على الصليب حتى تخلى عنه الجميع بل صرخ: "إلهي إلهي لماذا تركتني؟". تأمل معي مقدار يأسهن... لقد كان الظلام المملوء باليأس والخوف في داخلهن أشد كثافة من الظلام المحيط بهن! وقبل أن يصلن إلى القبر كن يتساءلن: "مَن يُدحرج لنا الحجر؟".
وهُنا كما يقول الشاعر الفاضل بلسان مريم المجدلية:
رأت رجلاً فظنَتهُ الخفير
ودمعُ العين يَنهمرُ غزيرا
أتدري أينَ وضعوا يسوعَ
تَرقُبهُ وقلبُها أمسى كسيرا
فَناداها بصوتٍ غُر صافٍ:
يسوعُ الحي لا يبقى أسيرا
صاحت: "سيدي" وضياءُ عيني
لقد حَولتَ لي حُزني سرورا
دعني أقول لكَ إن هذا الإله العظيم الحي قَامَ من الأموات ودحرج لهن الحجر حتى استطعن أن يَدخلن ويرين القبر الفارغ تأكيدًا لهن على حقيقة قيامته.
عزيزي المؤمن، الرب يُريد أن يُدحرج من أمامك حجارة الموت واليأس. تَذكر كلام الرب المُطمئن: "ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُم" (1تسالونيكي 13:4). لا سلطان للموت على المؤمنين بالمسيح بل يَرقدون ولو إلى قليل.
هذا هو رجاء المسيح وفجر القيامة. هُناك فجر سيأتي حينَ نَرى أحباءنا الذين سبقونا إلى المجد، ونرى كيفَ دحرجَ لنا الرب هذه الحجارة التي تعترض طريقنا وكل ما يُخيفُنا ويُضعفنا. هُناكَ فجر لأن المسيح هو نور العالم ونور القيامة.

المجموعة: أذار March 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

131 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473031