Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2013

الدكتور القس ميلاد فيلبستأملت سِيَر وحياة القادة العظام، وجهابذة العلم، ورجال الاقتصاد، وأفذاذ القوم، ومدى المسؤولية التي وضعت على عواتقهم مما يجعلهم أحيانًا ينسون أو يتناسون حساسية مهمتهم، وأدركت أن الظلام إذا ساد العقل قد يقودنا إلى الإلحاد وتبرير النفس، وفقد الإحساس، والبلادة، والجمود، والوقوع في أخطاء جمة قد تغير مجرى التاريخ. وهنا يحضرني ما جاء عن المرحلة قبل اختراع الكبريت في القرن التاسع عشر إذ كان الناس يحتفظون بالنار لمدة طويلة. ويقال أن راهبات كلدارا بأيرلندا إحتفظن بالنار مشتعلة لمدة 600 سنة وظل الناس يتزودون منها. ولكن هناك قوم كالملح الذي فقد ملوحته فإنه لا يصلح لشيء كما قال المسيح إلا لأن يُطرح خارجًا ويُداس من الناس. ولذلك قال غاندي زعيم الهند مرة: "يجب أن يظل بيتي في مهب كل الثقافات والحضارات ولكن لن أسمح لإحداها أن تقتلعني من مكاني". وقال فلافيوس لما اكتشف أن ابنه اشترك في المؤامرة التي حيكت ضد بلاده قال له بحزن وألم: "أنا لم أعدك للأعداء بل ولدتك لوطنك"، فهل يظن كل عظيم أن معظم الناس أغبياء؟

أولاً: الانغلاق النفسي

والانغلاق النفسي يتخذ عدة أشكال منها العزلة، والتحدي، والعناد، والاكتئاب، والغضب، والتهديد، والتعدي، والتعالي. والمشكلة الكبرى أن تتوارث الأجيال القادمة هذه الطباع وتتعوّد على هذا النمط من السلوك. ومن النتائج التي نلاحظها هي أن حب المراهقين للاستقلال وعدم الانصياع لنصائح الوالدين والمرشدين، قد يقود إلى الاندفاع والتهوّر ووضع الأمور الخيالية مكان الأمور الواقعية.
قال أحدهم: "الإنسان العظيم هو الذي يرضي الله أولاً، وأخاه ثانيًا، ونفسه ثالثًا". والدليل على أننا نريد إرضاء الله هو أن خراف المسيح تسمع صوته، "خرافي تسمع صوتي فتتبعني". اتهم رجل في الهند أنه سرق نعجة فأحضروه أمام القاضي مع من اتهمه، ولما أصر كل منهما على ملكية النعجة، أمر القاضي بإحضارها. طلب القاضي من أحدهم أن يبقى وأن يدعو النعجة لكنها لم تستجب له، فدعا الآخر لينادي النعجة فاستجابت له وأسرعت إليه مندفعة.
لا يمكن للمرء أن يرضي كل الناس، فيوسف لم يستطع أن يرضي إخوته رغم إخلاصه، وداود لم يستطع أن يرضي شاول رغم تضحياته، وإيليا لم يستطع أن يرضي أخآب وإيزابل رغم تدينه، ويوحنا لم يستطع أن يرضي هيرودس رغم تقواه، والمسيح رب المجد لم يستطع أن يرضي الجميع رغم محبته ومعجزاته. لذلك ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس.
اجتمع ثلاثة أصدقاء وساقهم الحديث للكلام عن مصائبهم، فقال الأول: لقد كنت سيّء الحظ لأن ثروتي ضاعت كلها والآن أنا مفلس وتعس. وقال الثاني: أنا مصيبتي أفظع فقد ماتت زوجتي وتبعها كل أولادي. وقال الثالث: إن مصائبكما بالنسبة لي صغيرة جدًا فقد فقدت إيماني، وبفقدي الإيمان أصبح الحاضر بدون جمال والمستقبل بدون رجاء. يقول الكثير من الناس: إنني جربت عشرات الطرق لحل مشكلتي ولم تفلح، فهل جربت الصلاة والالتجاء إلى الله؟ يذكر سفر التثنية 21:31 أن الرب أمر موسى أن يعلّم الشعب نشيدًا يحفظونه عن ظهر قلب حتى لا ينسون إلههم، "متى أصابته شرورًا كثيرة وشدائد يجاوب هذا النشيد أمامه شاهدًا لا ينسى من أفواه نسله". ما أحوجنا إلى نفخة من حياة الله المحيية في الخليقة الأولى لنرى قدرة الخالق، ونفخة القيامة المدعمة لترينا معجزة البعث، ونفخة الروح القدس المؤيدة لنرى عمق العبارة: "فنفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حية". قال المسيح: "هأنذا واقف على الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل اليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤيا 20:3).

ثانيًا: الانغلاق الديني

إن المشاكل العالمية والفلسفات الباطلة الهدامة تتفاقم مما زاد عدد غير المخلصين والمفسدين حتى في الكنائس. كانت نتائج إحدى الإحصائيات التي وُجّهت إلى خدام الدين بأمريكا أن 54٪ من هؤلاء لا يؤمنون بوجود الشيطان أو الملائكة، و73٪ لا يؤمنون بلزوم الميلاد الثاني ولا بحقيقة وجود جهنم، و86٪ لا يؤمنون بلزوم سفك دم المسيح أو الحبل العذراوي بدون دنس بل إن رجلاً ذا منصب كنسي مرموق صرح بالقول: "ليس لديّ فكرة جلية عن السماء ولن أرى إلهًا مرحبًا. لا أعلم ماذا سوف أشاهد، يجب أن أنتظر إلى ذلك اليوم لأعرف". وهزأ أحدهم بحقيقة كون الكتاب موحى به من الله وأنكر آخر حقيقة موت المسيح وقيامته، وختم غيره حديثه قائلاً بأنني أتوقع أن أرى بعض ملحدي عصرنا في السماء. لذلك لا عجب أن نرى كثيرًا من دور العبادة مهجورة وشبابيكها مخلعة وأرضيتها مكسوة بالأعشاب. قال المسيح مخاطبًا أورشليم لعدم استجابتها لإرادته: "يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها وأنتم لم تريدوا؟ هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا." وهكذا كل نفس، أو عائلة أو أمة لا تستجيب لنداء محبة الله تحكم على نفسها - إن طال الزمان أو قصر - بالخراب والضياع والهلاك المريع. قال مودي: "عندما رجعت إلى الله تبت توبة كبيرة، ولكن بعد ذلك تبت توبات صغيرة كلما كنت أزلّ". إن الذئب مفترس وهكذا كل الذئاب، والخروف وديع وهكذا كل الخراف، والحمام عديم الأذى وهكذا كل الحمام، أما الجنس البشري فيجمع كل هذه الصفات في آنٍ واحد. لذلك تجده شرسًا مرة ومرائيًا مرة أخرى، وغامضًا في بعض الأحيان مع أنه كالرمل القابل للانهيار وكالزارع الذي يخلط القمح بالزوان.
تقابل شاب مع سيدة فسألها: "كيف يعاملك العالم؟" فردت عليه بالسؤال: "وكيف يعاملك أنت؟" فقال: "إن العالم يعاملني معاملة طيبة، أما الناس الذين فيه فلا". فردت عليه: "وهل تعامل أنت الناس الذين فيه معاملة طيبة؟"
رأى شاب شيخًا في حالة القوة والصبا فسأله عن سر ذلك، فأراه شجرة تفاح ناضرة وقال: "لقد زرعت هذه الشجرة في وقت الشباب، والآن آكل ثمرتها الشهية في الشيخوخة".
وقيل عن ديموستينوس أقدر خطيب عرفه العالم والذي ولد عام 384 ق م: لما مات أبوه وسرق الأوصياء ثروته أنه سمع خطيبًا يونانيًا اسمه كالتداس يدافع عن متهم بالخيانة فأعجب به وعزم على أن يكون خطيبًا. ولكن هذا الجبار أذله وحش الرشوة فأبكم لسانه الفصيح وبح صوته من بلع الذهب والفضة، فشرب كأسًا من السم ومات.

ثالثًا: الانغلاق السياسي

إن فكرة الحزبية والأخذ بمبدأ الشورى سمة من سمات الديمقراطية المعاصرة إلا إذا اتجهت إلى سياسة الانغلاق والتشدد والعنف واغتنام الفرص. والاتجاه الديني أساس متين للنمو والتقدم والمشاركة إذا كان يتمشى مع أخلاقيات سامية ومبادئ قويمة وضمير حي. والسياسة الواعية تبني صرح الأمم وتحسن الأوضاع الداخلية والعلاقات الخارجية إذا استُخدم العقل وسعت نحو الوحدة وتضافرت قوى الشعب. قدم مرة إدجار هوفر رئيس إدارة المباحث الجنائية الأمريكية سجلاً عن الجريمة في أمريكا في سنة 1960 ووصفه بأنه أسوأ عام في تاريخ الجريمة في بلاده، فقد زادت نسبة الجرائم بنسبة 98 في المائة عما كان عليه في سنة 1959 إذ بلغ معدل جرائم القتل، جريمة في كل 58 دقيقة، أما متوسط جريمة الاغتصاب، جريمة في كل 24 دقيقة، والسرقة 6 جرائم في كل 6 دقائق، والقذف أو السب، جريمة في كل 4 دقائق. وفي تلك السنة قتل 48 ضابطًا، والسبب هو فقد الإحساس بالمسؤولية، وعدم المبالاة، وتمادي روح الاستهتار، وتحطم العائلات، وتفشي موجات الإلحاد، والحروب المتوالية، والكساد الاقتصادي العالمي. يقول الرسول بولس لكنيسة كورنثوس: "لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح لكن ليس آباء كثيرون" (1كورنثوس 15:4). وتتكون هذه الكلمة في اليونانية  من مقطعين "بين" وتعني طفل، و"واغوغس" وتعني قائد أو حارس. والرسول هنا يميز بين المرشد الذي يتصف بالشدة وبين الأب الذي يعامل أولاده بالرفق والحنان. إن المرتدين عن المسيح لا يصلبون ابن الله فقط بل يشهرونه أي يفضحونه لأنهم بهذا الفعل يخلصون للشيطان ويجعلونه أفضل من المسيح والروح القدس، ويبيعونه بثلاثين من الفضة... فلا تطفئوا الروح أو تحزنوا الروح.
في سنة 1956 نشرت أمريكا إحصا جاء فيه أن نصف نساء أمريكا يشربون الخمر وأن عدد العاملات بالحانات يزيد عن عدد الطالبات بالكليات، وأن أمريكا تدخن في كل سنة 433 بليون سيجارة. وأن البلاد تدفع خمسة بلايين دولارًا ثمنًا للتدخين، وأن مدمني المخدرات المهربة يشترون الأوقية الواحدة بـ 8750 دولارًا أي ضعف ثمنها الأصلي.
وأخيرًا وضع أحد المختصين ثلاث كلمات للسائق لتجنب أخطار التصادم وهي: "قف وانظر واسمع". وهناك ثلاث كلمات تساهم في راحة الإنسان وتقدم الشعوب وهي: احترم حرية الآخرين، وأكمل خلاصك في المسيح بخوف ورعدة، وداوم على الصلاة.

المجموعة: أذار March 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

162 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476160