أيار - حزيران May - June 2013
في خلال حياته على الأرض، نطق الرب يسوع بأقوال كانت صادمة ومثيرة لجدل الجميع، لدرجة أن تلاميذه لم يفهموا الكثير منها. كقوله مثلاً: "أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، صلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم". طلب من الناس أن يدفعوا ضرائبهم ويوفوا الجزية لقيصر الذي كان عدوًا لهم. وقال أيضًا: "من أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضًا".
من منا يقبل لأحد أن يأخذ دوره في طابور؟
من منا يستطيع أن يعمل بهذه التعاليم؟
لكن الأمر الغريب، إنَّ من أراد أن يبدأ دينًا جديدًا أو تيارًا سياسيًا، أو حتى مجموعة صغيرة، لا يمكن أن يستخدم مثل هذه الأقوال، لأن الناس بطبيعتها سترفضها. بل على العكس تمامًا، يبدأ بأقوالٍ تلذ لها المسامع وتتوافق مع عقلية البشر ومنطقهم وذلك لاكتساب الشعبية. كان بإمكان يسوع أن يقول: "هيا لنهزم أعداءنا ونقضي على الحكم الروماني الظالم" فتلتفّ من حوله الجماهير. لكن لم تكن هذه طموحاته. كانت أقواله تسبب عثرة لكثيرين. فمثلاً، عندما جاء الشاب الغني ليسوع، قال له يسوع: اذهب بع كل مالك واتبعني حاملاً الصليب. يا للصدمة وخيبة الأمل! فذهب الشاب حزينًا لأنه كان ذا أموال كثيرة. لقد استهدف يسوع من جميع أقواله أن يساعدنا على فهم الحياة من زاوية مختلفة، من ناحية لم نختبرها من قبل. لقد دعا لأمور لم يعرفها العالم. هو يريد منا كمسيحيين وأتباع له أن نعيش بصورة تتطابق مع هذه التعاليم السامية ونرتقي لمستوى أعلى، أي لهذا المستوى الرفيع.