أيار - حزيران May - June 2013
سمع العظة في ذلك الصباح، ولم يستطع أن ينساها، بالرغم من أنه كان سريع النسيان للعظات. وبقيت كلمات الآية تلحّ عليه، وتهز كيانه، وتطالبه بأن يخطو خطوة حاسمة في حياته الروحية، وعلاقته بالله.
ومضى النهار كله وهو يتهرب من صوت الآية، ولم يستطع. كان صوتها يعلو كل الوقت، "أجرة الخطية هي موت... آمن فتخلص".
وقام يردد الصلوات التي حفظها، لكن صوت الآية لم يخفت. وحاول أن ينشغل ببعض الأعمال المنزلية، لكن بلا جدوى. وأخيرًا ركع أمام الله مصليًا: "أشكرك لأنك تفتش عني، ورغم هروبي فإنك تلحّ عليّ، وتدعوني لأتغيّر. أشكرك لأنك فتحت عينيّ على خطيتي، وأكدت لي أن عقوبتها موت، لكي أفارق كل خطية. وأشكرك لأنك كشفت لي باب الخلاص بالإيمان في شخصك. إنني أحنّ إلى التمتّع بالخلاص من ذكريات خطاياي، ومن سلطانها، ومن عقابها، فأرني الطريق، وارحمني وأعني".
ولم يطل به المقام راكعًا أمام الله، حتى أحسّ بقوة عليا تمسك به، وتهزه هزًا، وتلمس لسانه، وأذنيه، وعينيه، ويديه، ورجليه، وذهنه، وقلبه. ثم إذا بصوت عميق يحدثه: "يا ابني، مغفورة لك خطاياك، لأنني حملتها عنك على الصليب. عش متفكرًا بي، متشبهًا بمثالي، منقادًا بروحي، مسلمًا لنعمتي تمامًا، بلا قيد ولا شرط. سأعلمك في كل يوم، وسأسندك وأعينك في كل لحظة. لا تتلفت إلى الوراء، سر معي واثقًا وموقنًا، فيعظم انتصارك بمحبتي لك".
وانفتحت عيناه، فبدأ يبصر كشاول الطرسوسي، ويتصرف كإنسان في العالم ولكن ليس من العالم.
صارت حياته رسالة... إنها ليست ليأكل ويشرب ثم يموت... إنه يعيش ليتمم الإرادة الإلهية، والخطة المرسومة من السماء للخير... إذ يخبر بكم صنع الرب به ورحمه.
صارت حياته نظيفة مقدسة بلا دنس... لأنه كان يتمثل بالمسيح، مبتعدًا عن طرق الإثم.
صارت حياته مشعة وفياضة بالبر والمراحم، كأنه ينادي "فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ".
هذا السامع يمكن أن يكون أنت... تعيش بعيدًا عن الله في داخلك - وإن كنت أمام الناس متدينًا - تقبل على الخطية، متعاملاً مع إبليس، تعيش في الظلام، وتتعذّب من وقت لآخر وأنت تستمع لصوت الله في الضمير، وتنتهي مجهوداتك غالبًا بفشل أعظم. إنني أدعوك لكي تضع حدًا للخطية في حياتك.