Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيار - حزيران May - June 2013

إن المحاولات المتتالية التي يجريها بعض القادة الدينيين للتوفيق بين المسيحية من جهة، والعلوم والفلسفة وكل الأمور الأخرى الطبيعية والمعقولة من جهة أخرى، هي نتيجة عدم فهم للمسيحية وبالتالي عدم فهم للعلوم والفلسفة أيضًا.
يبرز صليب المسيح في قلب النظام بتناقضه الظاهري الإلهي. إن قوة المسيحية تظهر بتنافرها مع أساليب الإنسان الساقط وليس بتجانسها، وحق الصليب يقوم على متناقضاته. تكون شهادة الكنيسة أكثر فعالية عندما تعلن الحق كما هو بدلاً من أن تشرحه، لأن الإنجيل يقدَّم للإيمان لا للعقل، وما يمكن إثباته لا يحتاج إلى إيمان لقبوله، حيث أن الإيمان يرتاح على صفات الله وليس على أدلة المختبِر أو المنطق.
يقف الصليب موقف المقاوم العنيف للإنسان الطبيعي. فلسفة الصليب تجري عكس نسق الذهن غير المتجدد مما حدا بالرسول بولس للقول بخشونة أن كرازة الصليب "عند الهالكين جهالة"، بل إن مجرد محاولة اكتشاف قاسم مشترك بين رسالة الصليب وذهن الإنسان الساقط هو عمل مستحيل؛ وفي حال الإصرار على هذه المحاولة بواسطة منطق معتور، ستكون النتيجة اكتشاف صليب بلا معنى، ومسيحية بلا قوة.
لنتحوّل بمجمل القضية من الصعيد النظري إلى صعيد التطبيق، ولنلاحظ بكل بساطة، المؤمن الحقيقي وهو يعيش تعاليم المسيح ورسله. هاكم بعض المتناقضات:
يعتقد المؤمن أنه مات في المسيح، ومع هذا فهو أكثر حيوية من ذي قبل، كما يتوقع بكل ثقة أن يعيش أبدًا.
يمشي على الأرض بينما يجلس في السماء، ومع كونه ولد على الأرض، لكنه بعد تجديده يكتشف أنه أصبح غريبًا هنا. يظهر الصقر جميلاً عندما يكون في الهواء، وقبيحًا جدًا عندما يكون على الأرض، هكذا المؤمن يظهر أفضل ما يكون عندما يحلق في السماويات، بينما يصعب عليه أن ينسجم مع أساليب المجتمع الذي وُلد فيه.
سرعان ما يتعلم أنه إذا أراد أن يكون منتصرًا كابن للسماء يعيش بين أبناء الأرض فعليه أن لا يتبع النماذج البشرية المألوفة بل أضدادها. فلو أراد أن يخصص نفسه، عليه أن يجازف... أن يهلك نفسه لكي يخلصها، وهو في خطر إهلاكها إن هو حاول تخليصها. ينزل لكي يصعد. فإن رفض النزول، فهو تحت، لكي عندما يبدأ بالنزول فهو في طريقه إلى فوق.
يبلغ ذروة قوته عندما يكون ضعيفًا، ومنتهى الضعف عندما يكون قويًا. مع أنه فقير لكن له سلطان لجعل الناس أغنياء، ويفقد هذا السلطان عندما يصبح غنيًا. يبقى لديه الكثير عندما يعطي الكثير، ويصير ما عنده أقل ما يمكن عندما يمتلك أكثر ما يمكن.
قد يكون، وغالبًا ما يكون، في أسمى حالاته عندما يشعر أنه في أدناها، وأكثر طهارة من ذي قبل عندما يتيقظ شعوره تجاه الخطية.
يكون في منتهى الحكمة عندما يعرف أنه لا يعرف، وتقلّ معرفته عندما يمتلك أكبر كمية من المعرفة.
يقدم أحيانًا أفضل إنتاج عندما لا يقوم بأي عمل، كما ويتقدم بينما يجلس ساكنًا. يقوى على التهليل في الضيق، ويحافظ على السرور القلبي حتى في الأحزان.
تناقض المؤمن الظاهري هذا يبدو باستمرار، فهو مثلاً يتأكد أنه مخلّص الآن، ومع هذا كله، فهو يتوقع خلاصًا لاحقًا، يتطلع إليه بفرح. هو يخاف الله لكنه لا يخاف منه. عندما يكون في حضرة الله يشعر أنه متلف ومحاصر، ومع ذلك ليس من مكان آخر يتمنى أن يكون فيه أكثر من ذلك المحضر المبارك. يعرف أنه قد اغتسل من خطيته، ومع ذلك يعلم أيضًا أنه لا يسكن في جسده شيء صالح.
يحب شخصًا لم يسبق له أن رآه، ومع كونه فقيرًا وحقيرًا لكنه يتكلم، بدالة، مع من هو ملك الملوك ورب الأرباب. ولا يشعر أن عمله هذا غير مناسب أو في غير محله.
يحس أنه أقلّ من لا شيء، ومع هذا فهو يؤمن إيمانًا راسخًا أنه حدقة عين الله. وأن ابن الله الأزلي صار جسدًا ومات على صليب العار لأجله.
هو مواطن سماوي، ويعبّر عن ولائه للسماء أولاً؛ لكن هذا لا يمنعه أحيانًا من أن يحب وطنه الأرضي بنفس الحماس الذي جعل "جون نوكس" يصلي: "يا رب أعطني اسكتلندة وإلا فسأموت".
ينتظر بسرور دخوله ذلك العالم الأسمى النوراني عن قريب، لكنه لا يستعجل ترك هذا العالم، ويعمل بارتياح منتظرًا ورقة الجلب من أبيه السماوي، ويصعب عليه إدراك سبب لوم الخطاة النقّاد لهذا التصرف الذي يعتبره طبيعيًا وصحيحًا ولا يرى فيه أي تقلب وعدم انسجام.
فضلاً عن ذلك، إن المؤمن الذي يحمل الصليب هو متشائم جدًا، كما أنه متفائل أكثر من أي شخص سواه عندما ينظر إلى الصليب؛ فهو متشائم لأنه يعلم أن نفس الدينونة التي وقعت على رب المجد ستقع بالتالي حتمًا على جميع الخليقة وعالم البشر. هو يرفض كل أمل بشري خارجًا عن نطاق المسيح لأنه يعرف أن أشرف مجهودات الناس وأحسنها مجرد قصور في الهواء.
من الناحية الأخرى، فهو متفائل بارتياح وهدوء قلب، إن كان الصليب يدين العالم فقيامة المسيح تضمن النصر النهائي للخير في كل العالم؛ إذ أخيرًا، سيضع المسيح الأمور في نصابها عند أزمنة رد كل شيء، ولذا فهو يترقب النهاية. عجيب هذا المؤمن!

المجموعة: أيار - حزيران May - June 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

247 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578565