Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز July 2013

القس يعقوب عماريعندما بدأت المسيحية أولى خطواتها أكدت على أن باب الخلاص والرجوع إلى الله باب مفتوح لكل الشعوب لتدخل في دين الله، وتتوّج المسيح ربًا مالكًا على القلوب. وسرعان ما انتشرت المسيحية في أوساط الشعوب الوثنية بدءًا ببلدان الشرق الأوسط، ثم إلى آسيا الصغرى، فأوروبا وشمال أفريقيا وغيرها من بلدانٍ شرقًا وغربًا، دون أن يدعمها سيفٌ أو رمح. فكان سلاحها الوحيد إعلان البشْرى السارة لكل الشعوب.
وقبل أن يغادر المسيح الأرض أكّد على تلاميذه ومن يتبعهم، فأعطاهم وصيته المشهورة: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مرقس 15:16).
وهذا ما قاموا به ويقومون به دون أن يقتحموا أو يؤذوا أحدًا.
مفسِّرو الكتاب المقدس يشيرون إلى إشعياء النبي بالنبي الإنجيلي، علمًا بأنه من أنبياء التوراة، وذلك لكثرة ما أنبأ به عن المسيح ورسالة المسيح لكل الشعوب. والحديث هناك جاء بإطارٍ مغلَّفٍ بشيء من الرمزية. ومن بين ما تحدَّث به، دعا شعوب الأرض كافة لتأتي وتنعم بخلاص ذاك الذي سيأتي فاديًا فقال: "ما أجمل على الجبال قدمَي المبشر المخبر بالسلام، المبشر بالخير المخبر بالخلاص" (إشعياء 7:52).
وخاطب الشعوب الوثنية التي لم تقترن (أي لم تكن تؤمن) بالإله الحقيقي، فقال يزفُّ لهم البشرى: "ترنَّمي أيتها العاقر التي لم تلد، أشيدي بالتَّرنّم أيتها التي لم تمخض، لأن بني المستوحشة أكثر من بني ذات البعل" (إشعياء 1:54).
فالعاقر التي لم تمخض، والمستوحشة في تلك الحقب من التاريخ هي الشعوب الوثنية التي لم تقترن (أي لم تؤمن) بالله. أما من يسمّيهم "بني ذات البعل" فهم الأمة اليهودية في زمنٍ كانوا هم الوحيدون الذين اقترنوا (أي آمنوا) بالله، وبعلهم هو الله سيدهم.
ثم نادى إشعياء بلسان الوحي تلك الشعوب العواقر التي كانت تئن تحت ظلال الوثنية، عطشى للراحة والسلام ولا تدري أين تجدها، فقال: "أيها العطاش جميعًا هلموا إلى المياه، والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا، هلموا اشتروا بلا فضة. لماذا تزِنون فضة لغير خبز؟ وتعبكم لغير شبع؟ أميلوا آذانكم وهلموا إليّ، اسمعوا فتحيا أنفسكم وأقطع لكم عهدًا أبديًا" (إشعياء 1:55).
يقول: تعالوا اشتروا بلا فضة خلاصًا مجانيًا دفع المسيح ثمنه بدمه الكفاري. فلماذا تصرفون الجهد تتعطشون للراحة وتطلبونها من آبارٍ مشققة لا تضبط ماء؟ تعالوا إلى نبع الخلاص فتجدوا الراحة.
فبقوله بلسان الرب: "وأقطع لكم عهدًا أبديًا"، إنما يشير إلى عهد جديد أبدي ينشأ بين الله وباقي شعوب الأرض، ليشمل من يسمّيهم بالشعوب العواقر التي بلا بعل، التي تعيش بلا إله حقيقي تقترن به.
ونذكِّر هنا بأن الشعب القديم الذي اصطفاه الله لنفسه شعبًا خاصًا، وعرّفهم بوحدانيته وشرائعه من أبناء التوراة، كان عليهم أن يكونوا نموذجًا يحتذى بين باقي الشعوب للتعريف بالإله الحقيقي، لكنهم لم يفعلوا!
فجاء الإنجيل بمثابةِ "عهدٍ جديد" ليشمل برحمة الله كلَّ شعوب الأرض. من هنا جاءت تسمية الإنجيل بـ" العهد الجديد" (٢كورنثوس 6:3؛ عبرانيين 15:9).
ولأنّ العهد يُخْتم عادة بختمٍ يُصادَق عليه، فالعهد الجديد خَتمه المسيح بدم الصليب. وختْم دم المسيح ختم ملكي رباني لا يُنقَض ولا يُنْسخ. كما أنه دم كريم خالٍ من العيب، كفيلٌ بأن يحمي من يلجأ إليه ويؤمِّن له الحياة الأبدية.
وبالرجوع إلى الأصحاح السادس والخمسين من سفر إشعياء نلاحظ حقيقة مفادها أن الله من البدء أراد لكل شعوب الأرض أن تعرفه وتدخل في عهده وتحيا في طاعته، فيقول الوحي: "فلا يتكلم الغريب الذي اقترن بالرب قائلاً: ’إفرازًا أفرزني الرب من شعبه‘" (إشعياء 3:56). (أي رغم أني آمنت بالرب، فأنا مرفوض لأني لست أصلاً من شعبه). فالرب يوصيه بألا يقول هذا.
وهناك قرائن تثبت أن الله من البدء لم يغلق على أحد من الشعوب بالحرمان من معرفة الله والإيمان به. ونذكّر هنا بأكثر من شاهد:

أولاً: نعمان السرياني (2ملوك ٥)

وهذا عاش في زمن العهد القديم ولم يكن يهوديًا. فعندما آمن بالله بعد حوار جرى بينه وبين النبي أليشع، قبله الرب وشفاه من برصه وعاد لبلاده فرحًا.

ثانيًا: راحاب الزانية

وهي من سكان أريحا في زمن قيادة يشوع بن نون، عندما كان يشوع وشعبه بانتظار العبور من شرق النهر ليدخلوا أريحا (يشوع ٢). وكان أن آمنت راحاب برب موسى وقبلها الرب وانضمت لشعبه فصارت جدة من جدات المسيح بحسب ناسوته.

ثالثًا: راعوث الموآبية

وهي ابنة شعب وثني، لكنها قبلت الرب وآمنت به بعزمٍ وإصرار، والرب أكرمها وباركها وضمها إلى شعبه وصارت جدة لداود النبي (انظر سفر راعوث وقارن مع إنجيل متى 5:1-6)، وبالتالي حُسِبت في سلسلة نسب المسيح.
ونعود إلى سفر إشعياء لنلاحظ مناداته بروح الوحي إلى الشعوب التي لم تقترن (أي لم تؤمن) بالله فيقول: "وأبناء الغريب الذين يقترنون بالرب ليخدموه وليحبوا اسم الرب... آتي بهم إلى جبل قدسي وأُفرِّحهم في بيت صلاتي لأن بيتي بيت الصلاة يُدعى لكل الشعوب!" (إشعياء 6:56-7).
يقول: بيتي بيت الصلاة لكل الشعوب! خلاصي ونعمتي لكل الأمم بلا استثناء! وهذا ما أكده العهد الجديد (الإنجيل) بقوله: "الله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون" (1تيموثاوس 4:2).
ويقول إشعياء: 9:56 "يا جميع وحوش البر تعالي للأكل، يا جميع الوحوش التي في الوعر (وعر الوثنيّة)". ثم يشير باللوم موبّخًا شعب التوراة لتقصيرهم بالمهمة فيقول عنهم للشعوب الأخرى: "مراقبوه عميٌ كلهم، لا يعرفون" (إشعياء 10:56). وقد سبق وأكَّد على هذا من بداية الأصحاح الأول من سفره، إذ قال: "الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف، شعبي لا يفهم!" (إشعياء 3:1).
ويشير إلى المسيح في 4:55 بقوله: "هوذا قد جعلته شارعًا للشعوب رئيسًا وموصيًا للشعوب"، أي مشرِّعًا لها ورئيسًا عليها. ثمّ يوجه قوله للمسيح الآتي (قبل مجيئه الأول بقرون) قائلاً: "ها أمة لم تعرفك تركض إليك!" (إشعياء 5:55)، وهذه إشارة واضحة إلى من سيأتون للمسيحية من خارج دائرتها، من كل الشعوب والأمم والألسنة. وهذه حقيقة، فرسالة المسيح رسالة حرة مفتوحة لجميع الأمم بلا استثناء.
وهذه الميزة ظهرت بوادرها حتى في يوم ميلاده! فأول من تعرَّف عليه كانوا رعاة بدوًا بسطاء يحرسون حراسات الليل على رعيتهم، ولا يعرفون الزيف أو النفاق، ولم يؤتوا من العلم إلا قليلاً، ومع ذلك كانوا أول من بُشِّروا بميلاده، وأول من حظي برؤيته بعدما ظهر لهم الملاك وبشَّرهم بولادة المخلِّص!
ثم تبعهم بعد أيام مجوس غرباء من بلدان المشرق، ولم يكونوا يهودًا. فجاء هؤلاء بهداية نجمٍ أدركوا من خلاله أن ملكًا عظيمًا قد وُلِد، فحضروا ليقدموا له الولاء والإكرام. أما أهل التوراة العارفون بالنبوات فكانوا في غيابٍ عن ساحة الأحداث!
وقبل أن يغادر الأرض في صعوده للسماء أوصى تلاميذه والتابعين من بعدهم بما يشار إليه بالمأمورية العظمى فقال: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يُدن" (مرقس 15:16).
والمسيح قالها على مسمع من تلاميذه بكل وضوح: "وأقول لكم: إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات، أما بنو الملكوت (اليهود) فيُطرحون إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (إنجيل متى 11:8-12).
فلنحذر نحن كمسيحيين من أخطاءٍ وقع بها أهل العهد القديم. ولْنَتديَّن لكن بدون تعصُّب، ولنراقب أنفسنا لئلا تلهينا مظاهر العبادة التقليدية التي نمارسها بحكم العادة، دون الاطِّلاع المباشر على كلام الله، لئلا نخسر الجعالة كما أولئك. ويقال فينا كما قيل عنهم: "هلك شعبي من عدم المعرفة" (هوشع 6:4).

المجموعة: تموز July 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

132 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473611