Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز July 2013

خادم الرب جوزف عبدوينظر البعض إلى العهد القديم كمجموعة من قصص الأولين. وربما كان ذلك لأن فيه أسفارًا ترصد تاريخ الممالك والبلدان، وتشير إلى الأماكن، والأحداث، والأسماء، وطبائع أهل تلك الأزمان. ورغم أنهم لم يدرسوه، فإنهم ينكرون عليه صفة القدسية، لأنهم لم يدركوا الأهداف التي توخّاها الوحي المقدس من خلال وصف تلك الأحداث التي دُوّنت لكي تختصر سير بني الإنسان ومخططاتهم الذاتية وفشلها في تحقيق الرضى الإلهي، وتركّز على حاجة البشرية إلى شخص بار يفتدي بني البشر ويخرجهم من حالة السقوط والطبيعة الفاسدة.
فالكتاب المقدس في جميع أجزائه ليس مجلّدًا استعراضيًا لإظهار معرفة الذين كتبوه أو تقواهم، ولا هو لكسب الثناء والمديح، ولكن كل ما كتب هؤلاء هو موحى به بالروح القدس لخدمة بني الإنسان في كل زمان ومكان. ففي كل حادثة فيه موعظة تتكلم ولا تسكت حتى تؤدي ذلك الهدف النبيل.


ومن أوائل ما سطره الوحي المقدس قبول الله ذبيحة "هابيل" التي كانت رمزًا لذبيحة المسيح الفادي؛ وظل تقديم الذبائح متواصلاً حتى مجيء المرموز إليه وتقديم نفسه ذبيحة للفداء على الصليب، معلنة:
أولاً، أن الخلاص هو بالإيمان بدم الكفارة "ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد". وهي تبين رفض الله لتقدمة قايين التي كانت من ثمار أرضه ذات المنظر الحسن، وهي ترمز إلى الاستحسان البشري معلنة،
ثانياً، أن طريق الأعمال والجهد البشري مرفوض من قبل الله. ولا يمكن نيل الخلاص بالأعمال مهما كانت صالحة. وإذا ما تعمّقنا قليلاً ندرك أيضًا أن العنصر الهام هو
ثالثًا، موضوع الطاعة لما يريد الله. تقول الكلمة الإلهية: "بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين. فبه شُهد له أنه بار إذ شهد الله لقرابينه. وبه، وإن مات، يتكلم بعد!" (عبرانيين 4:11). فعبارة "لقرابينه" تبين أن هابيل كان يقدم ذبائحه موسمًا بعد آخر وعامًا بعد عام. وهكذا قايين استمر أيضًا في عناده، وذلك واضح من تحذير الله له وإعطائه فرصًا لتغيير نوع قربانه بقوله:
"فقال الرب لقايين: لماذا اغتظت؟ ولماذا سقط وجهك؟ إن أحسنت أفلا رفع؟ وإن لم تُحسن فعند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها" (تكوين 6:4-7).
لم يسجل الكتاب كم سنة عاش هابيل، ولكن من الواضح أنه كان في سن الشباب حين قُتل. ولم نقرأ عن موعظة تكلم بها هذا الصدّيق، ولكنه وعظ العالم كله بموعظة من أبلغ المواعظ التي ما زالت تتكرر على الأجيال. فما هي صفات تلك الموعظة المختصرة البليغة التي نسبها الله إلى هابيل؟

1- كانت موعظة عملية


فهو لم يدخل مدرسة لاهوت ولم يسجّل لنا الكتاب كلمة واحدة نطق بها. لكن كلمة الوحي في عبرانيين 4:11 بيّنت لنا أن العمل الذي ثابر عليه هابيل كان رسالة تتكلم ولا تسكت حتى بعد موته. لقد قدّم لله من أبكار غنمه ومن سمانها بحسب الوصية التي لقّنها له أبوه عن عمل الفداء. وقد تعامل بالرمز حتى يأتي المرموز إليه؛ ذاكرًا أن الرب افتدى أبويه بذبح كي يستر بجلده عريهما، وينسخ أمثولة ورق التين، الذي لا يستر عريًا، ويشير إلى تفاهة العمل البشري لأجل الخلاص، والذي قال عنه إشعياء النبي: "وقد صرنا كلنا كنجس، وكثوب عدة كل أعمال برنا، وقد ذبلنا كورقة، وآثامنا كريح تحملنا" (إشعياء 6:64).

2- كانت موعظة دائمة


لم يخبُ يومًا صوتها، وهي تحدثنا عن الخيط القرمزي الذي تواصل من جنة عدن حتى صليب الجلجثة، ثم استمر يعمل في قلوب الذين يؤمنون بقوة دم الكفارة لخلاص نفوسهم، حتى مجيء الرب ثانية. كما سيكون ذلك الفعل الذي أنتجه إيمان هابيل أساسًا للدينونة التي سيقيمها الله على جميع الذين يرفضون خطة الله الأزلية لأجل الفداء والتي تكلمت عنها نبوءات كثيرة في العهد القديم (مزمور 22، إشعياء 53).
وقد تمت كل تلك النبوات بحرفيتها ومضمونها في صلب المسيح "لأنه فيه سُرّ أن يحلّ كل الملء، وأن يصالح به الكل لنفسه، عاملاً الصلح بدم صليبه، بواسطته، سواء كان: ما على الأرض، أم ما في السماوات" (كولوسي 19:1).

3- كانت موعظة فعالة


فما أكثر المواعظ الأدبية والأخلاقية التي نسمعها في بعض كنائس هذه الأيام! ولكن الموضوع المركزي الذي نتعلمه من موعظة هابيل هو: أنه تبرر لدى الله بواسطة دم الذبيحة. حيث كان الشخص يضع يده على رأس الذبيحة قبل ذبحها إشارة إلى انتقال دينونة خطاياه إليه وذلك حين يمارس هذا العمل بالإيمان والطاعة.
وقد ظل هذا المبدأ الإلهي قائمًا وفاعلاً حتى تكرّس نهائيًا من خلال ذبيحة المسيح "الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة" وحوّل إلينا برّ طاعته الكاملة لله. فصار المؤمنون بكفارة دم المسيح يعتبرون أنفسهم أمواتًا عن الخطية وأحياء للبر الذي حصّله الرب يسوع لهم بموت الصليب. "فكم بالحري يكون دم المسيح، الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب، يطهّر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي" (عبرانيين 14:9).

4- كان موعظة مشهودًا لها من الله نفسه

"فبه شُهد له أنه بار، إذ شهد الله لقرابينه" (عبرانيين 4:11). قد يعترض البعض قائلاً: لماذا رفض الله تقدمة قايين، وهو قد قدّم مما عنده؟ فهل يلتذ الله بمنظر ورائحة الدم أكثر من رضاه بمنظر الفاكهة الجميلة الشكل والزكية الرائحة؟ والجواب: كان ذلك القربان يقدّم للتكفير عن النفس، وقد أعلن الله منذ البداية أن من يخطئ يجب أن يموت، ولكنه إذ مزج رحمته مع عدله رضي الله بموت بديل، فقبل مجيء المسيح كان هذا البديل حيوانًا بريئًا يذبح كفارة عن الخاطئ. وظلت هذه الذبائح تقدّم حتى وصل الإدراك البشري لمرحلة فهم البدلية والفداء. "ولكن لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني" (غلاطية 4:4-5). إذًا، فخطة الله للفداء ثابتة ووحيدة في كل العصور. وإن جميع الذين يدرسون الكتاب المقدس بقلب مفتوح سيدركون أن جميع ما جاءت به الفلسفات والعقائد التي تنكر مركزية عمل الفداء في موضوع الخلاص ما هو إلا كزبد البحار أو سحائب الغبار سرعان ما تنقشع فينجلي فداء المسيح كنور الشمس في رابعة النهار.

5- كانت موعظة مختومة بدم الشهادة


نقرأ في سفر التكوين هذه العبارة: "وكلّم قايين أخاه هابيل" (تكوين 6:4). ولم يوضّح ماهية ذلك الكلام. وفي التوراة السامرية والسريانية التي أخذت عنها الترجمة السبعينية وبالتالي النسخة اليسوعية نقرأ:  "وقال قايين لهابيل: لنخرج إلى الحقل". ونقرأ أيضًا: "وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله" (تكوين 8:4).
فربما كانت دعوته تلك لكي يقنع أخاه هابيل كي يكف عن تقديم الذبائح فيقدم مثله من ثمار الحقل. فتمسّك هابيل بإيمانه ولم يساوم عليه حتى الموت. ورغم أنه فقد حياته الأرضية فإنه سيتمتّع بإكليل استشهاده ذاك الذي مدحه الرب يسوع وأثنى عليه.
بالمناسبة، دعونا نرفع صلواتنا إلى الله لأجل المضطهدين والذين يتعرضون لشرور الإرهاب في بلادنا العزيزة طالبين منه أن يحفظ أولاده وأن يمسح دموع الحزانى. وهو قادر على كل شيء.

 

المجموعة: تموز July 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

429 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577225