آب Agust 2013
منذ حوالي 2000 سنة كان وزير مالية الحبشة في أيام الملكة كنداكة يقرأ إشعياء 53 وهو في مركبته راجعًا إلى بلاده (أعمال 26:8-39)، فتحيّر وتساءل: "عن من يقول النبي هذا [الكلام]؟ عن نفسه أم عن واحد آخر؟" فأرسل له الرب فيلبس المبشر ليشرح له هذا الفصل المهم. إنه فصل جليل لا يمكن أن يقرأه المؤمن بدون أن يؤثر فيه تأثيرًا عميقًا.
قرأت مرة مقالاً في كتاب نشرته هيئة Back to the Bible فقال الكاتب، وهو من رجال الله الأتقياء، إن أباه كان لا يقدر أن يقرأ هذا الفصل بدون أن يبكي. وحدث بعد ذلك بسنين قليلة أنني كنت في إحدى الدول التي لا تسمح لمواطنيها أن يعتنقوا الديانة المسيحية. وفي يوم الأحد صباحًا اجتمع بعض المؤمنين سرًا لعبادة الرب، وطُلب مني أن أقرأ فصلاً من الكتاب المقدس. فابتدأت أقرأ إشعياء 53، وإذا بإحدى الأخوات المؤمنات كانت جالسة أمامي. فرأيت الدموع تنهمر من عينيها. ولا عجب في ذلك متى تذكرنا عن من قال النبي هذا الكلام.
إن الذي قال عنه إشعياء أنه "محتقر ومخذول من الناس (أي مرفوض)" هو:
الرب يسوع المسيح "رب الكل" (أعمال 36:10). و"رب المجد" (1كورنثوس 8:2). و"الكائن على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد" (رومية 5:9).
هو الذي "كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يوحنا 3:1).
وهو الذي عند معموديته، السماوات انفتحت له... وصوت من السماء قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت" (متى 16:3).
ذات مرة صعد مع ثلاثة من تلاميذه إلى جبلٍ عالٍ منفردين "وصوت من السحابة قائلاً: هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت. له اسمعوا" (متى 5:17).
وهو الذي أمر الرياح والأمواج أن تهدأ فأطاعته.
هو يسوع المسيح "ابن الآب بالحق والمحبة".
شفى المرضى بكلمة، وفتح أعين العميان، وطهر البرص، وأقام الموتى، وطرد الأرواح الشريرة من معذّبين كثيرين.
تنبأ عنه الأنبياء وانتظرته الأتقياء.
هو خالق الكون ومالكه.
هو "بهاء مجده ورسم جوهره (أي مجد الله وجوهر الله) وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (عبرانيين 3:1).
يعلّق الأرض على لا شيء (أيوب 7:26)، "يحصي عدد الكواكب، يدعو كلها بأسماء" (مزمور 4:147).
هو "الله ظهر في الجسد" (1تيموثاوس 16:3)، وقد جاءنا مولودًا في مذود.
قال عنه الرسول بولس: "فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح، أنه من أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره" (2كورنثوس 9:8).
نعم، هو هذا الذي قال عنه الروح القدس على فم إشعياء: "محتقر ومخذول من الناس، رجل أوجاع ومختبر الحزن، وكمستّر عنه وجوهنا، محتقر فلم نعتدّ به".
والآن، إذ عرفنا عن من كان النبي يتكلم، ما هو تأثير هذا الكلام علينا؟ علينا نحن المؤمنين به، الذين قبلناه في قلوبنا، وعرفناه ربًا ومخلصًا، كما عرفناه كمعلمنا، الذي قال لنا: "احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (متى 29:11)، ألم يترك لنا مثالاً لكي نتبع خطواته؟ إذًا، لماذا نضطرب ونغضب ونحتج حين نشعر أن شخصًا لم يقدّم لنا الاحترام الذي نظن أننا نستحقه؟
لنمتحن أنفسنا ونفحص قلوبنا، فإن وجدنا شيئًا من الكبرياء ليتنا نتذكر أن سيدنا كان محتقرًا ومخذولاً من الناس، فلم يعتدّوا به، أي لم يبالوا به، ولم يعطوه أي اعتبار، مع أنه "جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس، لأن الله كان معه" (أعمال 38:10). لكنهم لطموه على خده وضربوه بقصبة على رأسه، وبصقوا في وجهه. وفي كل هذا "إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يهدد، بل كان يسلّم لمن يقضي بعدل (1بطرس 23:2).
كم يجب أن أشعر بالخجل إذ أتذكر أنني أغضب إذا احتقرني أحد.
كم يجب أن نتذكر كلمات الرب يسوع المسيح، إذ قال بعد أن غسل أقدام تلاميذه: "الحق الحق أقول لكم: إنه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله. إن علمتم هذا فطوباكم إن عملتموه" (يوحنا 16:13-17).
هل يليق بنا نحن الذين قبلناه في قلوبنا ربًا ومخلصًا أن نتصف بالكبرياء؟
أليست الكبرياء هي الخطيئة التي جعلت ملاكًا عظيمًا يصبح شيطانًا وعدوًا لله والناس؟
لنتذكر أن كلمة الله تحذرنا من الكبرياء وخطورتها وتعلمنا قائلة: "تسربلوا بالتواضع" (1بطرس 5:5).
لنسأل أنفسنا بإخلاص: هل نحن حقًا نريد نهضة روحية لنا كأفراد وكعائلات، وكجماعات المؤمنين؟ إذًا فلنطرح عنا الكبرياء ولنصغ لما قاله الروح القدس في رومية 9:12-10 "المحبة فلتكن بلا رياء. كونوا كارهين الشر، ملتصقين بالخير، وادين بعضكم بعضًا بالمحبة الأخوية. مقدمين بعضكم في الكرامة".
إن لم نتواضع فلن نرى نهضة روحية. فليتنا نقضي وقتًا طويلاً عند أقدام ذاك الذي أحبنا والذي "وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فيلبي 8:2). لنتعلم منه، فتكون لنا شهادة لامعة تمجد ربنا يسوع المسيح، وتكون سبب فرح روحي لنا، ولكل من نتعامل معهم، ولإلهنا كل المجد، آمين.