آب Agust 2013
من خلال ثلاثة أودية، نتأمل في عمل الرب في حياتنا، في الماضي والحاضر والمستقبل.
أولاً: وادي عخور
"ووادي عخور بابًا للرجاء" (هوشع 15:2)، ويشير إلى الذكريات الأليمة في الماضي والشفاء منها.
نقرأ عن وادي عخور في سفر يشوع أصحاح 7 عندما خان عخان بن كرمي الرب بسرقته من الغنيمة التي حرّمها الرب مما أدّى إلى هزيمة الشعب القديم أمام عاي. ونتيجة لذلك كشف الرب أمره فرُجم في ذلك الوادي.
هذا يقودنا إلى معنى كلمة "عخور" التي تعني الكدر، أو الاضطراب، أو الانزعاج، كما قال يشوع: "كدّرتنا!" إنه يرجع بنا إلى ماضي كل منا... فكم عانينا من جروح، وذكريات أليمة، وسقطات؟ سواء كان ذلك منا أو من آخرين... من الأقربين لنا... من أباء، أو أمهات، أو أزواج، أو زوجات، أو أصدقاء، أو حتى أبناء! وقد تكون تلك لا تزال تؤلمنا حتى الآن وتسبب لنا كدرًا وحزنًا، فنكون عرضة لمطاردة الذكريات الأليمة والشعور بالذنب.
الخبر السعيد هو أن الرب يسوع وحده، القادر على كل شيء، يستطيع أن يشفينا، ويُخرج "مِنَ الآكِلِ... أُكْلٌ، وَمِنَ الْجَافِي... حَلاَوَةٌ" (قضاة 14:14)، ويملأنا بالرجاء من بعد العناء. تأمل في روعة الكلمة وقوتها: "ووادي عخور بابًا للرجاء".
تشجع - عزيزي القارئ - لأن الرب يُخرج بركات من آلامك، ويحوّل كل الجراح إلى عزاء ورجاء، والذي كان يؤلمك في الماضي سيكون مصدر تعزية وفرح ورجاء! صدّق هذا، لأن الرب صادق في كل وعوده. وهو لا يأتي كما قالت امرأة صرفة صيدا لأليشع للتذكير بإثمها (1ملوك 18:17)، بل جاء ليشفي الجراح ويقيم الأفراح، لينزع البكاء والعناء ويحل العزاء والرجاء. يقول الرب لبطرس في إنجيل يوحنا 21، "أتحبني؟" ثلاث مرات، لا لشيء إلا ليقول له: سأحوّل سقطتك وضعفك إلى بركة لإخوتك ولخدمتك، وهو يقول ذلك لنا اليوم.
ثانياً: وادي البكاء
"عابرين في وادي البكاء" (مزمور 6:84)، ويشير إلى معونة الرب لنا في الحاضر.
تشير الكلمة "عابرين" إلى الحاضر الذي نعيشه، واسمه "وادي البكاء"! وقد يختلف سبب البكاء فيه من شخص لآخر. فهناك من يبكي لمرض فيه أو في أسرته، أو لمشكلة في حياته أو في عمله، ولا يعرفها غير الرب. قد تكون تجربة قاسية جدًا كنار الآتون المحمّى سبعة أضعاف، وأحيانًا تسمع أحدهم يقول: "إني أعيش في نار"! لو أنت كذلك، إفرح! عندي لك بشارة سارة: الرب يسير معك في ذلك الآتون. ثق فيه وفي محبته، فلا للنار تأثير عليك! لا أعلم ما أنت تعيشه في حاضرك الآن. الرب يعلم! هو قريب منك، وقد لا نراه أحيانًا لأننا نركز أنظارنا على آلامنا وما نمر فيه.
سأل أحدهم الرب وهو يسير في وادي البكاء متألمًا: أين أنت يا رب؟! لقد وعدت أن تكون معي طوال العمر، لماذا أعاني وحدي من هذه الآلام الآن؟ ثم نام ورأى حلمًا أنه يسير مع الرب! وعلم ذلك من آثار خطوات على الأرض لشخصين يسيران معًا. وتذكر أن آثار تلك الأيام كانت لفترة مريحة في حياته. بعد ذلك رأى أن خطوات أحد الأشخاص قد اختفت، والآن هو شخص يسير بمفرده... وعلم أن هذه الفترة هي من أصعب فترات حياته، فقال معاتبًا الرب: "ها قد تركتني وحدي في آلامي".
قال له الرب: "كيف عرفت أنك وحدك؟"
قال: "ها إنني وحدي أسير، وهذه هي خطواتي، وآثار رجليّ على الأرض".
قال له الرب: "من أعلمك أن هذه آثار رجليك أنت؟ إنها آثار رجليّ أنا.
فرد عليه: "وأين كنت أنا؟"
قال له الرب: "كنت أحملك على منكبيّ فلا تنحني تحت تجربتك بل كنت أحملها عنك مثلما كنت مع الفتية الثلاثة فلم يكن للنار تأثير عليهم إلا بأنها فكّت ربط العالم التي ربطهم بها.
إن كنت كبولس وسيلا في ظلمة الخوف من الغد المجهول، أو في سجن الآلام من الآخرين، إنه معك "مؤتي الأغاني في الليل".
إن يسوع المسيح الذي هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد يستطيع أن يجعلك ترنم في حاضرك المؤلم، ويحوّل الفشل إلى نجاح، والحزن إلى أفراح.
ثالثًا: وادي ظل الموت
"إذا سرت في وادي ظل الموت" (مزمور 4:23)، ويشير إلى ضمان الرب للمستقبل.
قد يؤلم بعضنا أمور ليست من الماضي أو من الحاضر بل بما يحمله المستقبل لنا. قد يكون خوفًا مما قد يحدث لنا كما حدث لآخرين! وقد تكون أمراضًا، أو حوادث، أو فشل في شيء معين... لقد وعد الرب أنه سيكون معنا كل الأيام إلى انقضاء الدهر. ووعد أن سيحملنا طول الرحلة... ليتنا نعيش ما يقوله الكتاب: "لا تهتموا للغد". إنه يعلم ماذا تحمله لنا الأيام وعنده المعونة.
قال أحدهم: إن اهتمامك بالغد لا ينزع من الغد آلامه بل ينزع من اليوم فرحه وسلامه.
لنذكر ونثق أن من كان معنا في الماضي والحاضر هو معنا في المستقبل، كما هو مكتوب: "الذي ابتداء فيكم عملاً صالحًا يكمّل إلى يوم يسوع المسيح". إن معظم ما نقلق منه هو أوهام، ولا علاقة له بالواقع. دعونا لا نضيع أيامنا، ولا نعطي إبليس فرصة ليسرق سلامنا، وخدمتنا للسيد بسبب الخوف من مستقبل، لأن الرب هو ضامنه.
رنموا بكل قلوبكم: "إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا". لماذا؟ هل لأني قوي؟ لا بل لأنه هو أعظم رب وسيد، وهو قادر على كل شيء. إنه معنا وضامننا، وماسك في يده زمام الأمر، ولحياتنا خطة عظيمة، وهي مضمونة في واضعها. فسر مع الرب في سلام، وفرح، وأمانة، وخدمة ذلك الشخص الذي يستحق كل إكرام من الآن وإلى الأبد.