Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول October 2013

خادم الرب جوزف عبدوكثيرون من الناس لا يتوخّون من ملابسهم أن تحميهم من برد الشتاء، أو حرّ الصيف، ولكنهم فضلاً عن ذلك يريدونها أن تكون بالدرجة الأولى: غاية في إتقانها، بهية في رونقها، فريدة في أنواعها، وقيّمة في أثمانها. وذلك لكي يتفاخروا بمظهرها غير مكترثين بالجوهر... متناسين أنها ستبلى وتتهرّأ، وفي نهاية المطاف تنتفي مفخرتها بل يصبح همّ صاحبها كيف يتخلص منها ويرميها.
أما كلمة الله فتوجّه نظر القارئ المتأمل المطيع إلى ملابس أخرى غريبة في صفاتها، نافعة في ارتدائها، رائعة في بهائها، دائمة في بقائها. يعجز المقال عن استيعاب فضلها وكثرة صلاحها وطيب عاقبتها. وتحثنا هذه الكلمة على ارتدائها والتمتع بها طاهرة في نقائها، عطرة في رائحتها، مريحة في استخدامها، وهي مع ذلك أصيلة في مصدرها نفيسة في قيمتها. لا يعتريها الوهن ولا يبليها طول العهد وامتداد الأيام.
"فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفات، ولطفًا، وتواضعًا، ووداعة، وطول أناة، محتملين بعضكم بعضًا، ومسامحين بعضكم بعضًا. إن كان لأحد على أحد شكوى، كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضًا. وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال. وليملك في قلوبكم سلام الله الذي إليه دُعيتم في جسد واحد، وكونوا شاكرين" (كولوسي 12:3-15).
أما وصف هذه الملابس "بأحشاء" فهو لرقتها وحساسيتها ووجوب المحافظة عليها في أعماق المؤمن رغم أنها تلبس لتعمل في الخارج نحو الآخرين. ومفردات هذه الملابس هي:

1- رأفات

والرأفة هي المحبة الراحمة الشفوقة. خاطب أيوب مرة أصدقاءه الثلاثة بقوله: "تراءفوا، تراءفوا أنتم عليّ يا أصحابي، لأن يد الله قد مستني" (أيوب 21:19). وكأنه أراد أن يقول لهم: أنتم الذين تتكلمون أجمل الكلمات عن الله وتدافعون عن حقه وقداسته، تدينونني وتظلمونني وأنا في أتون الشدة والضيق تحت قسوة التجربة المرة، وتكيلون لي التهم التي لا سند حقيقيًا لها. أفأنتم صادقون إذًا في مشاعركم؟ ومؤمنون حقًا بما تتكلمون به؟

2- ولطـفًا

واللطف هو من ثمر الإيمان الوارد ذكره في غلاطية 22:5. وفي أماكن أخرى من كلمة الله مثل أفسس 22:4 و1بطرس 8:3 وهو صفة القلب الرقيق الحساس، وضد الصلف والقساوة وفقدان المشاعر.

3- وتواضعًا

والتواضع لغةً هو التذلل والتخشّع، وليس أن يكون الإنسان خسيسًا ولكنه يضع نفسه بنفسه فلا يستكبر على الآخرين بل يضع نفسه في مقام أدنى مما هو فيه أصلاً. وهو خصلة يصعب على الكثيرين التحلي بها، حتى أولئك الذين يدّعون أنهم قادة في الكنيسة ولم يقتدوا بسيدهم الذي "أخلى نفسه آخذًا صورة عبد"، والذي "وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب".

4- ووداعة

وهي الصفة المباركة التي نسبت بالنبوّة إلى ربنا يسوع: "ابتهجي جدًا يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك. هو عادل ومنصور وديع، وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان" (زكريا 9:9)، وتعني السكون والوقار والمسالمة.

5- وطول أناة

وهي أيضًا من الصفات الربانية حيث يقال عن الله أنه طويل الأناة، ثم "طويل الروح وكثير الرحمة" (مزمور 15:86؛ ونحميا 17:9)؛ وأنه "يتأنى علينا" (2بطرس 9:3).

6- محتملين ومسامحين بعضكم بعضًا

هي أيضًا صفات ربانية حيث أنه مكتوب عن الله أنه "احتمل بأناة كثيرة آنية غضب مهيأة للهلاك" (رومية 22:9)، وأنه "سامحنا بجميع الخطايا" (كولوسي 13:2). وهي مع الغفران من أروع المزايا التي يأمرنا الله بأن نتحلى بها... "اغفروا يغفر لكم" (لوقا 37:6). وهو الصفح عن الإساءة وعدم ذكرها بل نسيانها نسيانًا تامًا.

7- وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال

أي أن المحبة هي المعطف واللباس الخارجي الظاهر للجميع، وعلى المؤمن ارتداؤه فوق جميع الفضائل الأخرى. وهي أيضًا من الصفات الإلهية حيث يقول الكتاب في أقصر آياته: "الله محبة". فهذا اللباس يجب أن يبقى دائمًا في نقائه، وجمال شكله، ورونق ألوانه ظاهرًا للعيون.
فمن أين لنا أن نحصل على هذه الملابس؟
يطوف الأغنياء مدن العالم للحصول على ملابس ثمينة من محاله التجارية الشهيرة متوخين أن تكون حاملة أسماء "الماركات" المعروفة ومن أحدث "الموضات"، ويشترطون حصولهم عليها من مصادرها التي يعتبرونها موثوقة؟
ولكن جميع هذه المصادر تتعرض للإفلاس أو البيع أو الإغلاق، ومنتجاتها تتعرض للكساد مع اختلاف أذواق الناس، وهي عرضة للتخريب والتدمير والفناء.
لكن الملابس التي توصينا بها كلمة الله فليس لها إلا مصدر واحد دائم وأمين وقادر على ضمان بقائها ودوام صفاتها، وعظيم نفعها، واسمه يختم عليها جميعًا دليلاً على عدم تزويرها وصدق أصالتها.
لذا فإن الرسول بولس يقول بالروح القدس: "قد تناهى الليل وتقارب النهار، فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار: لا بالبطر والسكر، لا بالمضاجع والعهر، لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرًا للجسد لأجل الشهوات" (رومية 12:13-14). فالرب يسوع هو ذلك اللّبوس الحي الذي يعطي وينتج ويُلبس جميع الفضائل للذين يتخذونه بالإيمان ربًا وقائدًا لحياتهم ويملكونه على جميع زوايا قلوبهم الداخلية. فهو ينير جميع الزوايا المظلمة بنوره الوهاج ويخرج كل ما يسيء إلى حياة العفة والقداسة والتقوى في نفوس الذين يطيعونه ويتخذونه رداء دائم البهاء والجلال، يطبع صفاته ومزاياه الرائعة المباركة على جميع مظاهر الحياة ومواطنها.
فليتنا أيها القارئ العزيز نستطيع في هذه الأيام الأخيرة أن نملّك الرب يسوع المسيح سيدًا على حياتنا لكي يمنحنا تلك الملابس الرائعة التي تمنع عنا برد السلبيات الكثيرة في السلوك، والتصرفات، والأقوال، والأفكار أيضًا تجاه الله والناس. وتقينا حر الكبرياء والتشامخ والاعتداد بالذات، وتحفظنا من الانغماس في الشهوات واللذائذ وإهمال واجباتنا من نحو الله والناس، لكي لا نُظهر عراة عند مجيء ربنا يسوع المسيح. وأختم بهذه الجزئية من كلمات الرب الموجهة لملاك كنيسة لاودكية في سفر الرؤيا: "لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ" (رؤيا 17:3-18).
ألبستنا من هذا العالم تتسخ وتتهرّأ يومًا بعد يوم، والرب أعدّ لجميعنا ألبسة طاهرة نقية تسترنا وتوصلنا إلى أمام وجهه بلا خوف أو خجل. إن طلبنا وجهه اليوم.

المجموعة: تشرين الأول October 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

131 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11576772