تشرين الثاني November 2013
نحتفل في هذا الشهر بمناسبة "عيد الشكر" الذي يتردد عامًا بعد عام كذكرى تعكس الحمد والثناء لله. وليس لكل الشعوب عيد سنوي يُعرف بيوم الشكر، وليس لعيد الشكر هذا صلة مباشرة باختبار المسيح لما كان بجسده على الأرض، كما هو الحال في عيد الميلاد وعيد القيامة. لكنه أمر نشأ وتطور عندما بدأ الإنسان يعرف بركات الله ويعدّدها.
إن تقديم الشكر عمل قديم يرجع إلى عصور غابرة. عندما بارك الله شعبه قديمًا، أخذ الشعب يعترف بهذه البركات بترديد التسبيح والترنيم والشكر بفرح. "حِينَئِذٍ رَنَّمَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيلَ هذِهِ التَّسْبِيحَةَ لِلرَّبِّ وَقَالُوا: أُرَنِّمُ لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ. الرَّبُّ قُوَّتِي وَنَشِيدِي، وَقَدْ صَارَ خَلاَصِي" (خروج 1:15-2).
ولم يعيّن موسى يومًا خاصًا ليكون عيدًا سنويًا في ذلك الوقت. ولكننا نستطيع أن نتأكد أنه كان له يوم بل أيام كثيرة لتقديم الشكر، وأن الشعب لا بد أن شكروا الرب أيامًا عديدة، كما أدركوا بركاته الكثيرة التي أغدقها عليهم بسخاء. والإنسان يتطلع دائمًا إلى قوة خارجة عنه ينسب إليها فاضلاً، ويستطيع أن يقدم لها الشكر والحمد على البركات التي ينالها منها.
وتخصيص يوم للشكر لله، لا يعني أن الشكر لا يقدَّم لعزته وجلاله إلا في ذلك اليوم فقط. ومهما كان اليوم الذي تختاره، في أي أسبوع وفي أي شهر فإنه من المناسب جدًا أن تخصص على الأقلّ يومًا كاملاً بتمامه لشكر الله وحمده وتمجيده لأجل كل بركاته وحسناته عليك.
كم هو جدير بنا أن نقبل النصيحة التي يقدمها لنا بولس الرسول في كولوسي 15:3-17 "وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ دُُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ... وَكُلُّ مَا عَمِلْتُمْ بِقَوْل أَوْ فِعْل، فَاعْمَلُوا الْكُلَّ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، شَاكِرِينَ اللهَ وَالآبَ بِهِ".
لنكن شاكرين! ولنعدّد البركات الكثيرة التي متّعنا الرب بها، التي لو تأملنا فيها لفاضت قلوبنا بالشكر لله! ما أجمل أن ننهض نفوسنا، وندعو قلوبنا، ونناجي أعماقنا لتقدير الله! ما أحسن أن نضم أصواتنا مع المرنم قائلين: "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ. الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ" (مزمور 103)!
إذا تذكرنا ما نملك من أرزاق أمام من هم أقلّ حظًا منا، كم ترتاح نفوسنا ونجد أسبابًا لتقديم الشكر لله وحمده؟! يتضّح ذلك جليًا في القول: "كنت أشكو لعدم وجود حذاء عندي إلى أن التقيت برجل ليس له قدمان".
"ادْخُلُوا أَبْوَابَهُ بِحَمْدٍ، دِيَارَهُ بِالتَّسْبِيحِ. احْمَدُوهُ، بَارِكُوا اسْمَهُ" (مزمور 4:100).