تشرين الثاني November 2013
أول مرة في الكتاب المقدس يُذكَر عن شخص أنه آمن ثم هلك! هذا سرٌّ خطير أرجوك أن تنتبه إليه. فهي ظاهرة موجودة بكثرة بين المتديّنين ومرتادي الكنائس. فمن هو سيمون؟ وماذا عن إيمانه؟ ولماذا هلك؟
سيمون كان من سكان السامرة، عمل بالسحر وأدهش الكثيرين. وحينما زار فيلبس السامرة آمن كثيرون بالمسيح، وسيمون التصق بفيلبس... لكن في نهاية القصة تظهر المفاجأة.
1- كان يظن أنه شيء عظيم (أعمال 9:8)
وهذه خدعة إبليس للبشر من بداية التاريخ؛ بدأها مع آدم وحواء، مشجِّعًا إياهما للتمرد على الله، كي يصيرا في عظمةٍ مثل الله! لكن للأسف صارا عريانين!
وفي سفر الأعمال قام شخص اسمه "ثوداس" قائلاً عن نفسه إنه شيء "الذي قُتل، وجميع الذين انقادوا إليه تبدّدوا وصاروا لا شيء" (أعمال 36:5).
عزيزي القارئ، إن الرفعة الحقيقية مصدرها الارتباط بشخص المسيح، الذي قال: "عندي الغنى والكرامة قنية فاخرة وحظ" (أمثال 18:8).
2- ما هو إيمان سيمون (أعمال 13:8)
يذكر الكتاب أنه آمن، لكن لم يذكر أنه آمن بالمسيح. فمن الممكن أن يؤمن الشخص بفكرة، أو عقيدة، أو نظرية، لكن أساس الإيمان المسيحي الحقيقي هو الاحتماء في شخص المسيح المخلِّص الشخصي والمغيِّر للحياة؛ هذا الإيمان يُسمّى "إيمان يسوع المسيح" (غلاطية 16:2)، وبه ينال الخاطئ الخلاص. "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص" (أعمال 31:16).
هل تعلم عزيزي القارئ أن الشياطين يؤمنون ويقشعرون (يعقوب 19:2)؟! لكن إيمانهم هو مجرّد معرفة عقلية عن الله، دون دخوله للقلب وتطهيره بدم المسيح.
في الواقع لم يكن إيمان سيمون إلا نوعًا من الإعجاب بالأمور الدينية والروحية "إذ رأى آيات وقوات عظيمة تُجرى أندهش".
والسؤال: هل لك الإيمان القلبي بالمسيح، الإيمان الذي يغيّر حياتك لتصبح خليقة جديدة؟ أم أنك تعيش فقط في حالة من الإعجاب بالدين والعظات والاجتماعات؟
3- كان يلازم فيلبس (أعمال 13:8)
هناك فارق كبير بين أن تسير مع المسيح أو تسير مع الذين يسيرون مع المسيح!! فلقد قيل عن لوط: "السائر مع أبرام". لكن قيل عن أخنوخ: "وسار أخنوخ مع الله". وما أبعد الفارق بين الحالتين! إن سيرك وعلاقتك بالمؤمنين وخدام الرب لشيء رائع، لكنه كارثة إن لم يكن لك علاقة شخصية بالمسيح. فحينما غيَّر الرب قلب متى العشار، تقول كلمة الله عنه: "فترك كل شيء وقام وتبعه (تبع المسيح)" (لوقا 28:5).
4- يريد الحصول على البركات بأمواله (أعمال 18:8)
قدَّم سيمون للرسل دراهم، طالبًا منهم أن يعطياه موهبة الله - عمل الروح القدس - فيا له من غباء، يشتري الإنسان المسكين أمور وعطايا الله بدراهم؟! مرة أخرى، إنها خدعة إبليس ليعمي الناس عن نعمة الله المخلّصة المجانية، ليستمر القلب البشري في خداعه. يقول الكتاب: "عالمين أنكم افتُديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب... بل بدم كريم... دم المسيح" (1بطرس 18:1). هذا هو الثمن لكل البركات، ووسيلة نوال البركة هي النعمة، بالإيمان، "لأنكم بالنعمة مخلَّصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله" (أفسس 8:2).
عزيزي القارئ، كُفَّ عن مجهوداتك لتنال بركات ومواهب الله، إنها فقط عطية مجانية لمن يؤمن بالمسيح.
5- لم ينَل الحرية من قيوده الشيطانية (أعمال 20:8)
كشف الروح القدس حالة هذا الساحر الممثّل، فقال له بطرس: "لأني أراك في مرارة المُرّ ورباط الظلم". وعجبي ممن هم مثل سيمون، يدّعون أنهم مؤمنون وهم ما زالوا مقيَّدين في شهواتهم، محبين للخطية! إنها أكبر كارثة تقود للجحيم!
إن مقابلة المسيح المخلّص والولادة الثانية تعني أفراح الحياة الأبدية، بدلاً من مرارة الخطية، وهي تمنح حرية كاملة من قيود النجاسة والعبودية، فتصبح بحق خليقة جديدة. "اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا" (1كورنثوس 11:6).
6- لا يريد أن يتوب أو حتى يصلي (أعمال 24:8)
كنت أتوقع من سيمون، بعد ما كشف الرب حالته، أن يصرخ تائبًا طالبًا الرحمة، مثلما صرخ داود حينما كُشِفَت خطيته قائلاً: "أخطأت إلى الرب"، فجاءته الإجابة: "والرب أيضًا قد نقل عنك خطيتك لا تموت" (2صموئيل 12: 13)؛ فإن إلهنا لا يُسرّ "بموت الشرير بل بأن يرجع... عن طريقه فيحيا" (حزقيال 33: 11). لكن للأسف، يقول سيمون: "صلِّيا أنتما إلى الرب من أجلي". حتى الصلاة لا يصليها! فهل تفيد الخاطئ صلاة كل المؤمنين ما لم يصلِّ هو تائبًا؟!
إن الرب ما زال يقدِّم الوعد بالغفران والقبول لكل خاطئ يأتي تائبًا باكيًا، محتميًا في كفارة ودم المسيح. "وليتُب إلى الرب فيرحمه، وإلى إلهنا لأنه يُكثر الغفران" (إشعياء 7:55).
أصلي من كل قلبي أن لا يكون إيمانك مثل إيمان سيمون، بل يكون إيمانًا حقيقيًا يعطيك احتماء في فداء المسيح، وتوبة عن كل خطية، فتصبح بحقّ رعية مع القديسين وأهل بيت الله.
أرجوك، لا تكن مثل سيمون!