تميز ميلاد المسيح بعجائب لا ولن نجدها في أي ميلاد آخر، لأن الذي وُلد هو أعظم شخص عرفته أرضنا ولن يتكرر مرة أخرى لأنه لا نظير له.

أولاً: ولادته من عذراء

دخل آدم وحواء إلى العالم بالخلق، ومن ثم تكاثرت البشرية بالتناسل بالولادة الطبيعية، أما العجب وكل العجب هو أن الرب يسوع دخل العالم وأخذ صورة إنسان عن طريق العذراء، "وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ" (إشعياء 14:7). وعندما سألت العذراء مريم: "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟" كانت الإجابة: "قوة العلي تظللك، فلذلك أيضًا القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله".
كيف تقدر أن تلد العذراء دون أن تعرف رجلاً؟!
هذا هو العجب، لأن المولود هو الرب يسوع، الله الظاهر في الجسد الذي لا مثيل له.

ثانيا: ارتكض الجنين في بطن أمه

من هو هذا الذي ارتكض له الجنين قبل أن يولد؟ وكيف له أن يعرف ذلك؟ أليس هذا عجيبًا! نعم، لأنه مكتوب: "ويدعى اسمه عجيبًا" (إشعياء 6:9). وحدث عندما ذهبت العذراء مريم لزيارة أليصابات، التي كانت حبلى في شهرها السادس بيوحنا المعمدان، أنه وهو جنين في بطن أمه ارتكض بابتهاج... أليس هذا أمر يستحق التأمل؟ نعم، إنه أعجب وأعظم شخص في كل الكون، هو ربنا الغالي على قلوبنا جميعًا. ليتنا نقول مع توما، ومن القلب: "ربي وإلهي"!

ثالثًا: ظهور نجمه في المشرق

قال المجوس (أي علماء الفلك): "إننا رأينا نجمه في المشرق"، وكأنهم يريدون أن يقولوا: "لقد درسنا الفلك لسنين هذه عددها، ولم نر نجمًا مثل هذا النجم. إنه يوحي لنا بأن المولود هو ملك عظيم، ونحن أتينا لنسجد له". ولد عظماء، وملوك، وقادة، وفلاسفة على مر التاريخ، ولم نسمع أن أيًا منهم قد ظهر له نجم في المشرق!
أحبائي القراء في كل مكان، مهما كان معتقدك أو ديانتك، لسنا نحن أمام ملك أرضي، بل أمام ملك الملوك ورب الأرباب الذي تحدثت السماء بمجده والفلك أخبر بعمل يديه، وأعلن عن ولادته! حقًا، إنه لأمر عجيب أن يظهر النجم ليعلن لنا عن مولد ملك فريد.

رابعا: جمهور من الجند السماوي يرنم

لم يكتفِ الفلك بالإعلان عن فرحته وترحيبه بالملك العظيم - مولود مذود بيت لحم - بظهور النجم فقط، لكنه ظهر أيضًا ملاك الرب بمجد عظيم، وأعلن للرعاة البسطاء عن فرح عظيم بولادة المسيح المخلص والرب الذي أعلن عن أعظم بشارة: "وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب". وليس ذلك فقط بل "ظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة". لقد احتفلت الملائكة بمولد عظيم لن يتكرر أبدًا، مما يدعو للإعجاب ويعلن لكل العالم: تنبّهوا وتيقّظوا، لأن المولود هو رب الأرباب، وخالق الأكوان، وهو مخلص الإنسان ومصدر فرحه.

خامسا: انطلاق سمعان إلى السماء

إنه فعلاً لأمر عجيب، أن ينتظر رجل في أورشليم اسمه سمعان ولادة الرب يسوع هذه قبل أن ينتقل إلى السماء، لأنه "كان قد أُوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب". لا نعلم ما إذا كان سمعان شيخًا أو شابًا، أو أنه كان يعاني من تدهور في صحته... لكنه كان يشتاق أن يترك عالم التعب لينتقل إلى سماء الراحة. وحينما كان يستيقظ كل يوم كان يقول: لعله اليوم هو اليوم الذي وُلد فيه المخلص. كان يرى شر الناس في العالم، وتعب الجسد فيه، والتدين من حوله، ويتنهد ويقول: متى تأتي يا مخلصي من الخطية ومن الخيمة الجسدية؟ افرح يا سمعان وتهلل لأنه وُلد لك المخلص.
وجاء الوقت حين رنم سمعان بكل فرح وشكر وسجد قائلاً: "الآن تُطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأن عينيّ قد أبصرتا خلاصك". نعم، إنه "عجيبًا مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًا، رئيس السلام".
وبعد أن ظهر النجم للمجوس، وأرشدهم إلى حيث كان الصبي يسوع، سجدوا له وقدموا له هدايا. وكل هذا إنما يدل على شيء واحد وهو أن المولود هو شخص فريد وعظيم. هل تعلم لماذا وُلد؟ إنه ولد لأجلك أنت. وُلد ليعطيك خلاصًا أبديًا من الخطية، وفرحًا، وتحريرًا من العبودية. تعال إليه، وصلّ معي الآن هذه الصلاة:
"ربي المعبود يسوع المسيح، أشكرك لأنك أتيت من السماء، وأخذت صورة إنسان، ثم مت لأجلي. استلم حياتي وقلبي وسامحني عن كل ذنبي، وغيّر كل دربي. توّبني فأتوب، آمين".

• السابق
• التالي