Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الثاني - شباط Jan-Feb 2014

الدكتور أنيس بهنام"اخْتَبِرْنِي يَا اَللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا" (مزمور 23:139-24).
في هذا المزمور الغني بالفوائد لكل مؤمن حقيقي، يتكلم داود النبي أولاً عن معرفة الله غير المحدودة. فإلهنا يفهم أفكارنا من بعيد، ويعرف أقوالنا قبل أن ننطق بها. ولا يمكن للإنسان أن يختبئ منه، حتى لو أمكن له أن يصعد إلى السماوات أو أن يهبط إلى الهاوية. ولا فرق عند الله بين النور والظلمة. فهو يرانا ويسمعنا ويعرفنا في كل لحظة وفي كل مكان، لذلك قال داود:


"عجيبة هذه المعرفة، فوقي ارتفعت، لا أستطيعها" (عدد 6). وعبّر عن ذلك كاتب الترنيمة إذ قال: "يا لعمق علم ربي، قد تعالت حكمته، وعجيبة تجلّت وسمت معرفته".
تعجب داود من هذه المعرفة الإلهية الرهيبة حتى أنه قال:
"أين أذهب من روحك؟ ومن وجهك أين أهرب؟" (عدد 7). ولكنه إذ استمرّ في تأملاته وأدرك أن هذه المعرفة الإلهية هي لبركة نفسه، قال للرب الكلمات المدوّنة أعلاه: "اختبرني... امتحنّي... اهدني". وهذه الطلبة النبيلة تعني بكل وضوح أن داود كان مستعدًا لأن يعمل الله فيه تغييرًا بحسب الحكمة الإلهية، تغييرًا لفائدته الروحية لكي يصبح كما يريده الرب أن يكون. وهذا هو موضوعنا في هذا المقال، فنحن كأفراد مؤمنين أو كعائلات أو ككنيسة محلية، يجب أن نكون مستعدين لأن يعمل الرب فينا تغييرًا بحسب فكره هو، وهذا يكون لمجد اسمه ولبركة نفوسنا. وسنتكلم باختصار عن ثلاثة نواحٍ في حياتنا قد تحتاج إلى هذا التغيير.

أولاً: تغيير في أولوياتنا


كم يجدر بكل واحد منا في بداءة هذا العام الجديد أن يفحص نفسه! قال إرميا النبي: "لنفحص طرقنا ونمتحنها، ونرجع إلى الرب" (مراثي 40:3). كثيرًا ما نهمل هذا الأمر المهم، وهو أن نفحص طرقنا ولا سيما أولوياتنا. ما هي أهدافي الأساسية في الحياة؟ هذا سؤال يجب أن نوجهه لأنفسنا ونجيب عنه بأمانة وإخلاص. قال الرسول بولس: "لي الحياة هي المسيح" (فيلبي 21:1). هل يمكننا أن نقول نفس الشيء؟ أم أصبحت أهدافنا زمنية مادية؟ كم من المؤمنين يبحثون عن الشهرة والنجاح الزمني وتكديس الأموال، مع أن الكتاب المقدس ينذرنا بخصوص محبة المال (إقرأ 1تيموثاوس 6:6-19). وهناك إنذارات كثيرة أخرى في الكتاب المقدس بخصوص محبة المال، وكثيرون يعطون وقتًا أكثر لوسائل التسلية وينسون أننا هنا لكي نخدم الرب، سواء في بيوتنا أو في مجال العمل. في كل وقت نحن يجب أن نسعى كسفراء عن المسيح، وأن نهتم بخلاص النفوس وبنيان المؤمنين. وهذا يحتاج إلى قضاء وقت في الصلاة، وكذلك المساهمة في تكاليف عمل الرب مثل تدعيم المرسلين وخدام الرب، وكذلك العناية بالفقراء. هذه كلها وغيرها الكثير يجب أن يكون لها المكان الأول في حياتنا.

ثانيا: تغيير في شخصياتنا


أي في صفاتنا وكيف نتفاعل إزاء ظروف الحياة، وهو ما يسمّى بالإنجليزية attitudes. الكتاب المقدس يعطي أهمية كبرى لهذا الموضوع المهم، كما أن له تأثير كبير على شهادتنا أمام الناس وعلى علاقاتنا مع الآخرين، وسنذكر بعض النصائح التي وردت في كلمة الله بهذا الخصوص:
1- الفرح في الرب: "افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا: افرحوا" (فيلبي 4:4).
2- الحلم، أي طول الأناة: "ليكن حلمكم معروفًا عند جميع الناس. الرب قريب".
3- عدم القلق: "لا تهتموا [أي لا تسمحوا للهمّ والقلق] بشيء. بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتُعلم طلباتكم لدى الله" (عدد 6). المؤمن الفَرِح الصبور والمطمئن الواثق، هو المؤمن الناجح روحيًا، الذي يصلح لأن يستخدمه الرب في بركة الآخرين.
4- ما يشغل تفكيرنا: "كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا" (عدد 8). هذه نصيحة ثمينة جدًا وهي تحمينا من الوقوع في خطايا كثيرة، مثل انتقاد الآخرين وظنّ السوء فيهم بدلاً من الصلاة لأجلهم. فنحن يجب علينا أن نكون حريصين في أفكارنا كما في أعمالنا. في مزمور 139 الذي اقتبسنا منه يقول داود للرب: "فهمت فكري من بعيد".
5- المسامحة: كم من مؤمن يفقد الفرح الروحي والنشاط في خدمة الرب لأنه لا يسامح الآخرين. لقد علّم الرب تلاميذه أن يطلبوا من الرب قائلين: "واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا" (متى 12:6). ما أشدّ الحاجة في كنائسنا لأن نسامح بعضنا بعضًا. لن يبارك الرب خدماتنا مهما كانت كثيرة إذا كنا لا نغفر للآخرين زلاتهم. "كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ" (أفسس 32:4).

ثالثًا: تغيير في تصرفاتنا


وهذا يشمل:
تصرفاتنا في الخفاء. وفي ما يراه الآخرون: لأن "كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا" (عبرانيين 13:4). وهو يشمل:
تصرفاتنا مع أفراد الأسرة: في أفسس 22:5-4:6 نصائح ثمينة للزوج والزوجة، وللآباء والأبناء. كذلك يشمل:
تصرفاتنا في مكان العمل: في أفسس 5:6-9 نصائح لصاحب العمل كما للموظفين، ويجدر بنا أن ندرسها، "وكُتبت لإنذارنا نحن الذي انتهت إلينا أواخر الدهور". للأسف، كثيرون من المؤمنين يهملون دراسة كلام الله فيصبحون فريسة سهلة للشيطان.
كذلك يتعلق بتصرفاتنا في المجتمع الذي نعيش فيه، بما فيه جيراننا وكل الذين نتعامل معهم. "فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 16:5).
ولا يفوتنا أن نشير إلى ناحيتين لهما أهمية كبرى:
أولاً، استخدامنا للوقت بحكمة: "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ" (أفسس 15:5-17).
ثانيًا، استخدامنا لأموالنا: الكتاب المقدس ينصحنا أن نكرم الرب بأموالنا "لأن المعطي المسرور يحبه الله" (2كورنثوس 7:9).
وأخيرًا، نقول أن أسمى ما يساعدنا على التقدم الروحي هو أن نكون في كل حين "ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمّله يسوع" (عبرانيين 2:12)، عندئذ ينطبق علينا القول: "وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ" (2كورنثوس 18:3).
اختبرني يا إلهي وامتحني يا خبير
فاحصًا قلبي ولبّي عارفًا ما في الضمير
إن وجدت فيّ ميلاً للطريق الباطل
إهدِ قلبي يا إلهي في الطريق الكامل

المجموعة: كانون الثاني-شباط Jan-Feb 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

116 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10475783