Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2014

الأخ جوزيف عبدوإن الأهمية الكبرى التي يمتلكها موضوع الخلاص تنبع من كونه عملية إلهية لها نتائج عظيمة الأثر ليس على حياة الناس الوقتية هنا على هذه الأرض فقط - من حيث الحصول على الحياة النقيّة والسلوك الحسن ذي العواقب الجيدة نفسيًا وجسديًّا - ولكن بالأحرى جدًا على نوال الراحة والمسرة في الحياة الأبدية العتيدة التي لا حدود ولا نهاية لها مع الملائكة الأطهار والقديسين الأكارم. والأهم من ذلك كله تلك الشركة والوجود الأبدي في حضرة الله القدوس، الأمر الذي لا يوازيه أمر آخر. فتلك الرفقة المباركة هي أعظم جائزة من جوائز الخلاص يمكن أن يفكّر بها أي إنسان عاقل متبصّر.
كما رأينا سابقًا فإن مفهوم الخلاص تغيّر كليًا في زمن العهد الجديد حيث صارت هذه العبارة تطلق بشكل حصري على الخلاص من سلطان الخطية ونتائجها المرّة وعقابها الأبدي، وذلك بواسطة عمل الفداء العظيم الذي قدّمه الرب يسوع المسيح على الصليب، ولم تعد تلك العبارة تشير إلى ما دون ذلك من أمور النفس والجسد.
وقد أخذ الخلاص قوّته وفاعليته العظمى من شخص المخلص الذي هو ابن الله القدوس البار الذي صنع بنفسه تطهيرًا لخطايا الجنس البشري الذي عجز عن تطهير نفسه بجميع الوسائل التي أُتيحت له، حتى حفظ الناموس نفسه.
وقد كان ذلك واضحًا في صُلب تعليم الرب يسوع في أيام تجسده، حيث بيّن بكل وضوح أن الخلاص لا يتأتّى من أي جهد أو تعويض يقدّمه الإنسان كي يعود إلى الله بعد أن أقصته الخطية وجعلته عدوًا للمشيئة الإلهية... وإنما هو في جميع أحواله عمل إلهي كامل، وما على الإنسان إلا أن يقبله بقلب متواضع صادق وتوبة حقيقية.
وهذا التعليم يمثّل ركنًا متينًا في "الإيمان الكتابي" أعلنه الله منذ سقوط الجنس البشري في خطية العصيان. فالله نفسه هو الذي ستر آدم وحواء بجلد الذبيحة أي بواسطة موت حيوان بريء، ثم وعدهما بمجيء نسل المرأة "المسيح" الذي يسحق رأس الحية "الشيطان"، وهو واضح في أسفار العهد القديم. أما العهد الجديد فذلك هو موضوع أسفاره ومرتكز تعاليمه.
يرصد لنا لوقا البشير في الأصحاح الخامس عشر كلام الرب يسوع المسيح في ثلاثة أمثال تصويرية متلازمة.
- فيرينا في صورة الخروف التائه صورة ضال لا يعلم أنه ضال، ولا يعرف طريق الرجوع، وهو في حالة الخطر بسبب الضواري.
- ويرينا في مثل الدرهم المفقود صورة ضالٍ لا يعلم أنه ضال، ولا يعرف طريق الرجوع، وقد فقد لمعانه تحت الأتربة، وفقد نفعه أيضًا.
- ويرينا في مثل الابن الضال صورة ضالٍ يعلم أنه ضال، ويعرف طريق الرجوع، ولكنه اختار طريق العيش في الكورة البعيدة في حالة البؤس والشقاء والجوع.
والمهم جدًا ملاحظته في هذه الأمثال:
1- أنها تمثل جميع فئات البشر الذين هم في حالة البعد عن الله بالرغم من تفاوت معرفتهم عنه.
2- إن العامل الحقيقي والوحيد في إعادة هؤلاء من ضلالهم إلى مركز الكرامة والرفعة الإلهية هو عمل الله الكامل والدائم.
- ففي المثل الأول نرى أن الراعي الصالح هو الذي قام بتخليص الخروف التائه وعاد وهو يحمله وحيدًا تحت جنح الظلام، وهذا يمثل عمل الأقنوم الثاني في عملية الفداء.
- وفي المثل الثاني نرى ربّة البيت وهي تفتش باجتهاد مستخدمة مكنسة "النعمة"، وسراج "الكلمة الإلهية"، وهذا يمثل عمل الروح القدس.
- وفي المثل الثالث نرى الأب المترقب بكل الحب المطلق والغفران الكامل عودة ابنه الضال وصفحه عن كل مساوئه وهذا يمثل عمل الله الآب. فالله في أقانيمه الثلاثة يعمل لإتمام خلاص بني البشر.
3- يعلمنا الرب يسوع في هذه الأمثال مركزية عمل التوبة في موضوع الخلاص، أي عملية تغيير الاتجاه والعودة إلى الله.
4- كما يعلمنا أن خلاص الخاطئ مهما كانت حالته السابقة يشكل مصدر فرح للآب ولملائكة السماوات.
5- ويعلمنا أيضًا أن الخلاص غير متوقف على حالة الخاطئ ولكنه يستند إلى غنى النعمة الإلهية التي تتسع للجميع، وهذا يأتي بنا إلى صفات ومزايا الخلاص الإلهي":
أولاً: إن خلاص الله الذي عمله المسيح بموته الكفاري هو خلاص شامل. يقول الرسول بولس: "لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله، الذي يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون" (1تيموثاوس 3:2-4).
ثانيًا: هو خلاص كامل. وقد اختزل الرب يسوع هذا المعنى بكلمتين صغيرتين نطق بهما حينما كان يؤدي ثمن خطايانا كاملاً على الصليب حيث قال: "قد أُكمل"، ثم نكّس رأسه وأسلم الروح.
ثالثًا: هو خلاص فاضل. يقول الرب على لسان النبي هوشع: "أنا أشفي ارتدادهم. أحبّهم فضلاً" (هوشع 4:14). ويقول الرسول بولس: "ولكن الله بيّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا" (رومية 8:5). و"هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد..." (يوحنا 16:3). أي بصرف النظر عن أي اعتبار.
- ولا بد من أن أنوّه إلى خطأ لفظي في استعمال البعض لهذا المعنى فيقولون: "متفاضل"، ومعناها أنه مُدَّعٍ بالفضل على غيره. وحاشا لله أن يكون كذلك، بل يمكن أن نقول: "متفضّل".
رابعًا: هو خلاص عادل. لقد وُصف مخلصنا بروح النبوة بأنه عادل: "هو عادل ومنصور وديع، وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان" (زكريا 9:9). هو لم يعتبر أمة دون أخرى ولا فئة دون غيرها "لأن الكتاب يقول: كل من يؤمن به لا يُخزى... لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص".
(رومية 11:10-13)
خامسًا: هو خلاص قريب. قد يعثر البعض في فهم خلاص المسيح، إذ يظن أنه يحتاج إلى ممارسات، وإماتات، وتنسّك. ولكن كلمة الله تبيّن بكل وضوح أن الخلاص يتم بالإيمان "التصديق والثقة" مع الخضوع والتوبة. تقول الكلمة الإلهية:  "اطلبوا الرب ما دام يوجد. ادعوه وهو قريب" (إشعياء 6:55). وتقول أيضًا: "لأن خلاصه قريب من خائفيه" (مزمور 9:85).
سادسًا: إن خلاص الرب فريد. حيث أنه يؤكد أنه هو الطريق والحق والحياة"، ولا أحد يستطيع أن يأتي إلى الله إلا بواسطته لأنه وضع نفسه وصار كفارة عن الجميع. ويقول الرسول بطرس: "وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء، قد أُعطي بين الناس، به ينبغي أن نخلص" (أعمال 12:4).
سابعًا: وهو خلاص بهيج، يملأ قلب المؤمن فرحًا ويفيض فيه ابتهاجًا، لأنه خلاص أكيد دائم لا يتأثر بالظروف ولا يزول. يقول الكتاب: "وإذ كُمّل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي" (عبرانيين 9:5). لذلك يهتف داود قائلاً: "أما أنا فعلى رحمتك توكلت. يبتهج قلبي بخلاصك" (مزمور 5:13). ويقول أيضًا: "أما نفسي فتفرح بالرب وتبتهج بخلاصه" (مزمور 9:35). يقول الرسول بطرس: "الذي وإن كنتم لم تروه تحبونه. ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرح لا يُنطق به ومجيد. نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس (أي نفوسكم)" (1بطرس 8:1-9).
فهل لنا أن نركز أنظارنا وقلوبنا على هذا الخلاص المجيد الذي تطمئن له قلوبنا ولا تشك بأمانته؟

المجموعة: أذار March 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

119 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473011