أذار March 2014
كل إنسان تخطيط وترتيب لحياته إلا أن الذي يتم في النهاية هو خطة الله ومشورته. لذلك أحب أن أشارككم في هذا المقال عن شخصيات كتابية كالتالي:
أولاً: يوسف
قال عنه يعقوب أبوه: "يوسف مفقود" (تكوين 36:42). لكن ماذا تقول خطة الله عن يوسف كما جاء في تكوين 41؟ أصبح يوسف متسلطًا على كل أرض مصر، والكل يسجدون له. فقد سلطه فرعون على كل أرض مصر، وألبسه خاتمه، وأركبه في مركبته، وأمر أن ينادوا أمامه: أركعوا. كيف لإنسان غريب، وفي بلد غريب، ليس له صديق، بل زُجّ به ظلمًا في السجن، فلا قوة له، ولا حجة يدافع بها عن نفسه... كيف له أن يصير أعظم من في مملكة مصر في ذلك الزمان؟ الإجابة هي عند الرب. ما أعظم الله وترتيباته! هذه كانت في حسابات أقرب الناس وأحب الناس إلى يوسف أبوه. لكن حسابات الله، لا بل أقول عظمة خطة الله تقول شيئًا آخر. قد تقول عن نفسك لا أمل ولا نجاح، لكن ليس المهم ما تقوله أنت بل ماذا تقول خطة الله. المهم ليس حساباتك وتخطيطاتك، ولذلك تشجع لأن إرادة الله يقول عنها الكتاب في رومية 12 أنها الصالحة المرضية الكاملة.
ثانيًا: داود
قال داود عن نفسه في 1صموئيل 1:27 "سأهلك يومًا بيد شاول". لقد أصيب داود باليأس من مطاردة شاول له، وفقد الأمل من أن يكون ملكًا على إسرائيل مع أن صموئيل كان قد مسحه. لكن لا نستغرب، هذا هو الإنسان في ضعفه وسط ضيق العالم... هذه حسابات داود ولكن، تأمل معي في روعة خطة الله وماذا تقول في 1صموئيل 17:23 "أنت تملك على إسرائيل". هل تعلم ما هو الأروع في هذا القول؟ الذي قال هذا لداود هو يوناثان ابن الملك شاول الذي كان يريد قتله. عندما يريد الله لك أمرًا، قد يؤكده لك عن طريق أشخاص أو أماكن لا تتوقّعها. تشجع ولا تنظر الى ما أنت فيه الآن، لأن لله خطة وأعمال صالحة قد سبق وأعدها لكي نسلك فيها.
ثالثًا: نعمي
قالت عن نفسها في راعوث 21:1 "أرجعني الرب فارغة...". فقد اتخذت قرارًا خاطئًا بذهابها إلى بلاد موآب، حيث فقدت زوجها وولديها ورجعت يائسة وفاشلة ومحبطة، لذلك قالت: "أرجعنى الرب فارغة"، بلا سند، ولا هدف أو ثمر. هذه هي حسابات نعمي، لكن الله له الكلمة الأخيرة. ثم ترجع راعوث، وبسببها يكون لنعمي كل ما ورد في أصحاح 4. لا يعدم لنعمي وليًا... لكي يُدعى اسمه في إسرائيل، ويكون ذلك لإرجاع نفس نعمي وإعالتها، وكان لنعمي خيرًا. يا لرحمة الرب القدير والحنّان، فحتى وإن ضلّت خطانا، وتسرّعنا، وأخذنا قرارات خاطئة، فنعمة الله لا تفشل من جهتنا، لكنه يخرج من الآكل أكلاً ومن الجافي حلاوة (قضاة 14:14).
رابعًا: أيوب
بعد أن خسر أيوب كل ما كان يمتلك - حتى صحته - ولم يعد يملك من الحياة أو المال أو الأولاد شيئًا، قالت له أقرب الناس إليه، بل من خلقها الله أصلاً لتكون معينًا له، وهي امرأته، قالت: "بارك الله ومت" (أيوب 9:2)، فلا أمل لك في الحياة. أنت انتهيت. لماذا تعيش؟ الأفضل لك أن تموت. لا أشك، أحبائي الأفاضل، أننا قلناها مرارًا وتكرارًا: "لماذا نعيش؟"، "الأفضل لي أن أموت". قلناها ونحن نمر في ظروف مؤلمة وصعبة، وتبدو لنا أنها نهاية الحياة. هذه هي حساباتنا كبشر قليلي الحيلة والبصيرة، لكننا نعرف من أيوب 42 أنه مات شيخًا وشبعان الأيام بعد أن ردّ الله سبيه، وعوّض عن خسارته، وزاد على كل ما كان له ضعفًا... من أين صار له هذا؟ وكيف؟ إنها يد الرب القدير الذي يقود من وجه الضيق إلى رحب لا حصر فيه.
خامسًا: لعازر
قالت عنه مرثا للرب: يا سيد قد أنتن (يوحنا 39:11). وهذا يعني أنه لا أمل له ولا رجاء، أو بمعنى آخر: لقد تأخرت علينا يا رب. كما إني أسمع الذين يقرأون هذه الكلمات ويقولونها الآن أيضًا في قلوبهم: لا لم يتأخر، إنه الرب في وقته يسرع به. أقول لكم ما قاله الرب يسوع لمرثا: "ألم أقل لكِ إن آمنتِ ترين مجد الله؟" (يوحنا 40:11). ثقوا. آمنوا وتشجعوا. إنه سيأتي في وقته ويحيي بعد أن أنتن الميت، وبعد أن قال الجميع: لا أمل ولا رجاء. هذه حسابات الإنسان لكن خطة الله تقول: يخرج لعازر. في يوحنا 44:11 وفي أصحاح 12 يشهد لعازر عن قوة الرب يسوع وقدرته على الإقامة من الأموات.
دعوني أختم معكم بهذه الآية المباركة والقوية، وخذوها من الرب كشعار لحياتكم وسند في حيرتكم.
"في قلب الإنسان أفكار كثيرة لكن مشورة الرب هي تثبت" (أمثال 21:19).
صلاة
ربي وإلهي يسوع المسيح، أشكرك لأن حياتي هي موضوع اهتمامك بل تفاصيلها في فكرك. فمهما كانت حساباتي لكننى من الآن أثق في ترتيباتك. سامحني على شكي وضعفي وساعدني لكي أنتظر تتميم مشورتك واستخدمني لمجدك. آمين.