Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز/آب July/August 2014

الدكتور أنيس بهنامسفر التكوين هو أول أسفار الكتاب المقدس، وهو كباقي الكتاب موحًى به من الله. لأن "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً، متأهبًا لكل عمل صالح" (2تيموثاوس 16:3). والأصحاحات الخمسة الأولى لها أهمية كبرى، ولا يمكن للمؤمن أن يهملها بدون خسارة روحية له. "لأن كل ما كُتب كُتب لفائدتنا "نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور". وما جاء في الفصول الخمسة الأولى من سفر التكوين هو حقيقي واقعي حدث تمامًا كما هو مدوّن في الكتاب المقدس. وأول عبارة فيه هي:

"في البدء خلق الله السماوات والأرض". إن الإيمان بهذه الحقيقة هو أساسي، إذ بدونه يضلّ الإنسان في أفكاره، ولذلك في عبرانيين 11 الذي موضوعه الإيمان، أول ما يُذكر بخصوص الإيمان هو "بالإيمان نفهم أن العالمين أُتقنت بكلمة الله، حتى لم يتكوّن ما يُرى مما هو ظاهر" (عبرانيين 3:11). وهذا يعني أن الكون وكل ما فيه خُلق، بل أُتقن بكلمة الله "لأنه قال فكان. هو أمر فصار" (مزمور 9:33). فهو لم يأتِ نتيجة لتطوّر من أشياء كانت موجودة قبلاً. هذا معنى قوله: "لم يتكوّن مما هو ظاهر". وبذلك فقد نفى الروح القدس مقدَّمًا بدعة داروين، أي نظرية التطور. إذًا،

 

أولاً، لقد خلق الله السماوات والأرض.

ثانيًا: في قوله "خلق الله" إشارة إلى وحدانية الله الجامعة، أو بعبارة أخرى إن الله (إلوهيم) الإله الواحد هو الثالوث الأقدس.

فكلمة (إلوهيم) المترجمة "الله" هي في صيغة الجمع. وكلمة "خلق" تجيء في صيغة المفرد. وإني أعرف شخصيًا يهودًا قبلوا الإيمان المسيحي بسبب هذه العبارة "خلق إلوهيم".

 

في هذا الأصحاح الأول من سفر التكوين نرى أيضًا حكمة الله وقوته ومحبته للإنسان. قال: ليكن نور فكان نور. فقبل أن يخلق الإنسان خلق كل ما كان لازمًا لحياة الإنسان وسعادته. خلق الشمس والقمر، والنجوم، والأشجار، والثمار، ثم الطيور، والأسماك، والغنم، والبقر، وغيرها من الحيوانات، فجعل الأرض وكل ما فيها مهيّأة للإنسان "وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تكوين 26:1). وهنا أيضًا نرى "قال" في صيغة المفرد و"صورتنا في صيغة الجمع". وميّز الله الإنسان إذ باركه وتكلم معه.

 

في الأصحاح الثاني نتعلّم أن الله أيضًا ميّز الإنسان إذ "نفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حيّة". وهذا يؤكد لنا أن نفس الإنسان خالدة. وفي هذا الفصل نتعلم أيضًا أن الجنة التي [غرسها الرب في عدن شرقًا]، ووضع فيها آدم، ونتعلّم أنه أعطاه المرأة حواء، وأحضرها إلى آدم. "فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي" (عدد 23). ويقول الروح القدس: "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدًا" (عدد 24). وقد علّق الرب يسوع المسيح على هذه العبارة قائلاً: "فالذي جمعه الله لا يفرّقه إنسان" (متى 6:19). وبذلك علّمنا قدسية هذا الرباط، رباط الزواج.

 

في الأصحاح الثالث نتعلم كيف دخلت الخطيئة إلى عالمنا، أي الجنس البشري. ويعلّق الرسول بولس على هذا في رومية 12:5 إذ يقول: "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع". في هذا الفصل، أي رومية 12:5-21 نرى أن آدم هو رأس الجنس البشري الذي سقط في الخطيئة، وأما المسيح فهو رأس الجنس الجديد، أي المؤمنين. من آدم يرث الإنسان الخطيئة والموت والدينونة، أما في المسيح فيرث المؤمن البر والحياة والمُلك. في تكوين 3 نتعلم عن الفداء وعن الفادي، وفيه أول نبوءة صريحة عن ربنا يسوع المسيح. لما سقط آدم وحواء في الخطيئة، حاولا أن يسترا عارهما "فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر" (عدد 7)، وحاولا الاختباء من وجه الرب. "فنادى الرب الإله آدم وقال له: أين أنت؟ فقال (آدم): سمعت صوتك في الجنة فخشيت (أي خفت) لأني عريان فاختبأت" (عدد 9). "وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما" (عدد 21)، وهذا تطلّب موت حيوان بريء. هذه أول إشارة للفداء وأنه "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عبرانيين 22:10).

بعد أن أخبر الرب آدم وحواء عن نتائج عصيانهما أعطى أول نبوءة عن فادينا ومخلصنا يسوع المسيح. إذ قال عن نسل المرأة، أنه الذي هو يسوع المسيح الذي وُلد من العذراء بدون أب بشري، وأنه هو الذي سيسحق رأس الشيطان الذي هو الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضلّ العالم كله (رؤيا 9:12). وذلك سيتم حين يُطرح في بحيرة النار والكبريت (انظر رؤيا 10:20). ولكنه في سبيل ذلك سيتألم المسيح، وهذا تمّ على صليب الجلجثة.

 

في الأصحاح الرابع بداءة تاريخ الجنس البشري على الأرض بعد طرد آدم وحواء من الجنة. في هذا الفصل نتعلم أن الاقتراب إلى الله لا بد أن يكون عن طريق الفداء، أي الذبيحة. قدَّم قايين من ثمار الأرض قربانًا للرب، وربما كانت تقدمته تشمل أجمل الزهور ذات الرائحة الزكية وأشهى الفاكهة. ولكن الله لم ينظر إلى تقدمته. أما هابيل فكانت تقدمته من أبكار غنمه وقَبِل الله تقدمته لأنه "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة". قال الرب لموسى في خروج 12: "أرى الدم وأعبر عنكم". ومنذ أيام قايين وهابيل وُجدت ديانتان على هذه الأرض:

الواحدة تتكل على مجهودات الإنسان وثمار الأرض التي لعنها الله.

أما الثانية فهي تحتمي بدم الكائن البريء الذي هو رمز لدم المسيح. وهذا نتعلّمه بوضوح في العهد الجديد "متبرّرين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رومية 24:3).

وكما فعل قايين بهابيل إذ قام عليه وقتله، فإلى الآن أتباع ديانة قايين يضطهدون المؤمنين بالمسيح "حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يوحنا 29:1). في هذا الفصل الرابع نرى بداءة كل اضطهادات المؤمنين في كل العصور. كما نرى أيضًا في هذا الفصل أول حالة لتعدد الزوجات، إذ اتخذ لامك الذي من نسل قايين امرأتين (عدد 29)، وصار أيضًا قاتلاً مثل جده الأكبر قايين.

الأصحاح الخامس: كثيرون لا يدركون أهمية هذا الأصحاح ويرونه كمجرد سجلّ وفيات. ولكن الحقيقة أنه يخبرنا بمعلومات مهمة، سنذكر بعضها:

أولاً: الأعمار الطويلة، يظن البعض أن فيها مبالغة، أو أن السنة كانت أقلّ بكثير من الآن. ولكن الأعمار الطويلة مثل 800 أو 900 سنة كانت لازمة لسببين: أولاً لكي تعمّر الأرض.

لما خلق الله آدم وحواء قال لهما: "أثمروا واكثروا واملأوا الأرض" (تكوين 28:1). وهذا استلزم الأعمار الطويلة، ففي مئات السنين التي عاشوها المذكورة في الأصحاح الخامس وُلد لهم بنون وبنات. وهؤلاء الذين وُلدوا أيضًا تزوّجوا وعاشوا أعمارًا طويلة – أي مئات السنين ووُلد لهم بنون وبنات.

ثانيًا: لنقل التاريخ، أي الأحداث التي سبقت الطوفان منذ خلق الإنسان إلى ما بعد الطوفان. إذا درسنا الفصل الخامس نستنتج بكل تأكيد أن متوشالح عاصر آدم لمدة 243 سنة، وعاصر سام بن نوح (الذي عاش قبل الطوفان وبعده) لمدة 109 سنة. وبذلك أصبح ممكنًا معرفة ما حدث منذ آدم إلى الطوفان عن طريق موثوق فيه. ويقول العارفون أن سام بن نوح عاصر إبراهيم لمدة 175 سنة أي طوال عمر إبراهيم، وأنه هو وحام ويافث عاشوا إلى أن رأوا شعوبًا تكوّنت؛ عاشوا في أيام الأموريين والكلدانيين والفراعنة.

بالإضافة إلى هذا، لنا دروس ثمينة فيما جاء عن أخنوخ مثلاً، الذي سار مع الله ونُقل لكي لا يرى الموت لأن الله نقله. إذ شُهد له بأنه أرضى الله (تكوين 24:5 وعبرانيين 5:11-6).

من كل هذا نرى من هذه فوائد روحية. إن الذين أنكروا الحقائق الواردة فيها ولا سيما المختصة بالخلق (أصحاح 1) ضلوا كثيراً، فأنكروا الكثير مما جاء في الكتاب المقدس مثل المعجزات، بل تمادوا في الشر حتى أنكروا ولادة المسيح من العذراء، ثم أنكروا قيامته من بين الأموات بجسده المجيد. "إلى الأبد يا رب كلمتك مثبّتة في السماوات".

المجموعة: تموز/آب July/August 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

143 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476213