تشرين الأول October 2014
«لأنها طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء. طرق الهاوية بيتها، هابطة إلى خدور الموت» (أمثال 26:7-27).
كتب الملك سليمان هذه الكلمات بوحي من الروح القدس عن خطيئة الزنا، ونحن نعلم أننا نعيش في عصر انتشرت فيه هذه الخطية بدرجة رهيبة. فمع أنها كانت دائمًا في هذا العالم إلا أنها في العالم المتحضر كانت تُرتكب سرًّا، وتسبب الخجل للذين يرتكبونها. كما كانت خطيئة نادرة بين الذين يقولون إنهم مؤمنون. وأما الآن فإن كثيرين يمارسونها بدون حياء أو خجل، حتى إن كنائس كثيرة تتغاضى عن مواجهة هذا الوباء الفتاك، وتقبل عضوية رجال ونساء يعيشون معًا بدون زواج. وهم بذلك يتجاهلون قداسة الله التي لا تتغيّر من عصر إلى عصر أو من مجتمع إلى مجتمع. ونحن في هذا المقال نوجه حديثنا إلى المؤمنين، لا إلى المجتمع عمومًا. على أن أضرار هذه الخطيئة تشمل المجتمع كله. لكن الأمر المحزن هو التساهل الشديد في بعض الكنائس مع خطيئة الزنا. ولنستمع أولًا إلى بعض ما قاله سليمان، الملك الحكيم، بهذا الخصوص.
أمثال 3:5-5 [لأن شفتي المرأة الأجنبية (أي التي ليست زوجتك) تقطران عسلاً وحنكها أنعم من الزيت. لكن عاقبتها مرة كالأفسنتين، حادة كسيف ذي حدين. قَدَمَاهَا تَنْحَدِرَانِ إِلَى الْمَوْتِ. خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالْهَاوِيَةِ».
أمثال 27:6-28، 32 [أَيَأْخُذُ إِنْسَانٌ نَارًا فِي حِضْنِهِ وَلاَ تَحْتَرِقُ ثِيَابُهُ؟ أَوَ يَمْشِي إِنْسَانٌ عَلَى الْجَمْرِ وَلاَ تَكْتَوِي رِجْلاَهُ؟ ... أَمَّا الزَّانِي بِامْرَأَةٍ فَعَدِيمُ الْعَقْلِ. الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ هُوَ يَفْعَلُهُ».
أمثال 21:7-23 [أَغْوَتْهُ (أي المرأة الزانية) بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا، بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ. ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ، كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ، أَوْ كَالْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ الْقِصَاصِ، حَتَّى يَشُقَّ سَهْمٌ كَبِدَهُ. كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى الْفَخِّ وَلاَ يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ».
سمعت أحد المؤمنين يقول: [ربما قصة سقوط داود في هذه الخطيئة تشجع البعض على التساهل في هذا الأمر». ولكن الحقيقة هي أن فيها أشد وأخطر إنذارات بشأن النتائج المريرة لخطيئة الزنا. خذ مثلاً ما حدث لابنته الجميلة ثامار إذ اقتحمها أخوها من أم أخرى فكانت تبكي وتصرخ. ثم موت أمنون ابنه البكر مقتولاً بواسطة أخيه أبشالوم انتقامًا لتعديه على ثامار. وكذلك قيام أبشالوم ضد أبيه راغبًا في قتله لكي يغتصب المُلك من داود. ثم موت أبشالوم في الحرب الذي بكى عليه داود قائلًا: «يا ابني أبشالوم، يا ابني أبشالوم، يا ليتني مُتّ عوضًا عنك يا أبشالوم ابني، يا ابني» (2صموئيل 33:18). ولربما أقسى ما سمعه داود في حياته هو حين جاءه ناثان النبي بكلام من الرب قائلاً: «لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه؟». فخطيئة الزنا هي احتقار لكلام الرب. وقال له أيضًا: «والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني». احتقار كلام الرب هو احتقار للرب نفسه.
والآن، لا بد أن نؤكد حقيقة أساسية ونحمل أخبارًا مشجعة لمن انغلب من هذه الخطيئة. وهو أن من يعترف بخطيئته ويندم عليها من صميم قلبه، ويصمم أن يعود إلى حياة البر، فإن الرب سيغفر له خطيئته ويعطيه الانتصار عليها. هذا هو ما فعله داود كما نرى في مزمور 51 الذي نتعلم منه نتائج هذه الخطيئة وبركات بالاعتراف والتوبة القلبية الصادقة.
مزمور 1:51 يفتتح هذا المزمور بالقول: [ارحمني يا الله]، وهذا يدلّ على أن داود كان يشعر بعذاب، وهو عذاب الضمير. فالإنسان قد يظن أنه سيشعر بسعادة ولكن عاقبة هذه الخطيئة هي [مرّة كالأفسنتين]. ثم قال: [امحُ معاصيّ]. فنرى أنه أدرك أنه عاصٍ معذّب بسبب شهوته الرديئة. لا يمكن أن يكون شخصٌ مؤمنًا حقيقيًا ويعيش مع امرأة بدون زواج ولا يؤنبه ضميره. بل لا يمكن أن يفرح في الرب وهو يعصى أمر الرب. [ليكن الزواج مكرّمًا عند كل واحد، والمضجع غير نجس] (عبرانيين 4:13).
مزمور 2:51 [اغسلني كثيرًا من إثمي ومن خطيّتي طهّرني]. أدرك داود أن هذه الخطيئة جعلته يشعر بأنه أصبح نجسًا، ومعذّبًا، وعاصيًا. فمهما كان رأي المجتمع في هذه الأمور فإن هذا لن يكون عذرًا يتذرّع به المؤمن الحقيقي. علينا دائمًا أن ننظر إلى الأمور في نور قداسة الله. إن من يعيش في هذه الخطيئة ولا يعذّبه ضميره، فالأرجح أنه ليس مؤمنًا حقيقيًا، وعليه أن يمتحن نفسه. ولكن داود أدرك حقيقة أمره فقال: [لأني عارف بمعاصيّ وخطيّتي أمامي دائمًا] (عدد 3).
عدد 4 [إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت]. هذا لا يعني أنه لا يبالي بتأثير خطيئته على الآخرين، بل يعني أنه يراها أخطر بكثير من أنها خطيئة ضد إنسان، فهي خطيئة ضد الله نفسه. ليت كل مؤمن يتذكر هذه الحقيقة الخطيرة، فكل خطيئة هي خطيئة ضد الله تعالى وتبارك اسمه. والخطيئة تجلب على المؤمن عذاب الضمير وتنجّسه وتجعله عاصيًا. ولكن شكرًا لله، لأنه هناك وسائل للوقاية ضد هذه الخطيئة، كما أنه هناك علاج إلهي للمؤمن الذي يقع فيها.
الوقاية هي أن نجعل الرب أمامنا في كل حين. لما جاز يوسف في تجربته الشديدة وهو شاب وغير متزوج كان جوابه للمرأة الشريرة زوجة فوطيفار: [فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟». من المهم أن يتحاشى المؤمن والمؤمنة، ولا سيما في شبابهم التعرّض إلى ما يثير فيهم الشهوة الجنسية سواء بالنظر أو بالسمع.
أما عن العلاج الفعّال، فلنتذكّر أن الشفاء من مرض خطير يستغرق وقتًا ليصبح شفاء كاملاً، فالزنا هو سقوط في هوّة عميقة. ولكن متى نَدِم المؤمن ندمًا قلبيًا حقيقيًا وعميقًا، وأراد برغبة قلبية صادقة أن يستعيد علاقته مع الرب، فقد يذرف الدموع الكثيرة ولكن الله لن يرفضه، حتى ولو أجازه في تأديب مؤلم، فهو لفائدته.
ليتنا جميعنا نتذكر أن المسيح أحبّ الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يقدسها مطهّرًا إياها بالكلمة. وهو سوف يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن، أو شيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيب (أفسس 25:5-27).
وأخيرًا كلمة لرعاة الكنائس: إن إلهنا يطالب بالقداسة ممن يحملون اسمه، أي أكثر من غير المؤمنين، منهم من لا يعرفون شيئًا عن الإله الحي الحقيقي، الذي عيناه أطهر من أن تنظرا الشر.
طرحت كثيرين جرحى
«لأنها طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء. طرق الهاوية بيتها، هابطة إلى خدور الموت» (أمثال 26:7-27).
كتب الملك سليمان هذه الكلمات بوحي من الروح القدس عن خطيئة الزنا، ونحن نعلم أننا نعيش في عصر انتشرت فيه هذه الخطية بدرجة رهيبة. فمع أنها كانت دائمًا في هذا العالم إلا أنها في العالم المتحضر كانت تُرتكب سرًّا، وتسبب الخجل للذين يرتكبونها. كما كانت خطيئة نادرة بين الذين يقولون إنهم مؤمنون. وأما الآن فإن كثيرين يمارسونها بدون حياء أو خجل، حتى إن كنائس كثيرة تتغاضى عن مواجهة هذا الوباء الفتاك، وتقبل عضوية رجال ونساء يعيشون معًا بدون زواج. وهم بذلك يتجاهلون قداسة الله التي لا تتغيّر من عصر إلى عصر أو من مجتمع إلى مجتمع. ونحن في هذا المقال نوجه حديثنا إلى المؤمنين، لا إلى المجتمع عمومًا. على أن أضرار هذه الخطيئة تشمل المجتمع كله. لكن الأمر المحزن هو التساهل الشديد في بعض الكنائس مع خطيئة الزنا. ولنستمع أولًا إلى بعض ما قاله سليمان، الملك الحكيم، بهذا الخصوص.
أمثال 3:5-5 [لأن شفتي المرأة الأجنبية (أي التي ليست زوجتك) تقطران عسلاً وحنكها أنعم من الزيت. لكن عاقبتها مرة كالأفسنتين، حادة كسيف ذي حدين. قَدَمَاهَا تَنْحَدِرَانِ إِلَى الْمَوْتِ. خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالْهَاوِيَةِ».
أمثال 27:6-28، 32 [أَيَأْخُذُ إِنْسَانٌ نَارًا فِي حِضْنِهِ وَلاَ تَحْتَرِقُ ثِيَابُهُ؟ أَوَ يَمْشِي إِنْسَانٌ عَلَى الْجَمْرِ وَلاَ تَكْتَوِي رِجْلاَهُ؟ ... أَمَّا الزَّانِي بِامْرَأَةٍ فَعَدِيمُ الْعَقْلِ. الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ هُوَ يَفْعَلُهُ».
أمثال 21:7-23 [أَغْوَتْهُ (أي المرأة الزانية) بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا، بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ. ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ، كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ، أَوْ كَالْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ الْقِصَاصِ، حَتَّى يَشُقَّ سَهْمٌ كَبِدَهُ. كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى الْفَخِّ وَلاَ يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ».
سمعت أحد المؤمنين يقول: [ربما قصة سقوط داود في هذه الخطيئة تشجع البعض على التساهل في هذا الأمر». ولكن الحقيقة هي أن فيها أشد وأخطر إنذارات بشأن النتائج المريرة لخطيئة الزنا. خذ مثلاً ما حدث لابنته الجميلة ثامار إذ اقتحمها أخوها من أم أخرى فكانت تبكي وتصرخ. ثم موت أمنون ابنه البكر مقتولاً بواسطة أخيه أبشالوم انتقامًا لتعديه على ثامار. وكذلك قيام أبشالوم ضد أبيه راغبًا في قتله لكي يغتصب المُلك من داود. ثم موت أبشالوم في الحرب الذي بكى عليه داود قائلًا: «يا ابني أبشالوم، يا ابني أبشالوم، يا ليتني مُتّ عوضًا عنك يا أبشالوم ابني، يا ابني» (2صموئيل 33:18). ولربما أقسى ما سمعه داود في حياته هو حين جاءه ناثان النبي بكلام من الرب قائلاً: «لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه؟». فخطيئة الزنا هي احتقار لكلام الرب. وقال له أيضًا: «والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني». احتقار كلام الرب هو احتقار للرب نفسه.
والآن، لا بد أن نؤكد حقيقة أساسية ونحمل أخبارًا مشجعة لمن انغلب من هذه الخطيئة. وهو أن من يعترف بخطيئته ويندم عليها من صميم قلبه، ويصمم أن يعود إلى حياة البر، فإن الرب سيغفر له خطيئته ويعطيه الانتصار عليها. هذا هو ما فعله داود كما نرى في مزمور 51 الذي نتعلم منه نتائج هذه الخطيئة وبركات بالاعتراف والتوبة القلبية الصادقة.
مزمور 1:51 يفتتح هذا المزمور بالقول: [ارحمني يا الله]، وهذا يدلّ على أن داود كان يشعر بعذاب، وهو عذاب الضمير. فالإنسان قد يظن أنه سيشعر بسعادة ولكن عاقبة هذه الخطيئة هي [مرّة كالأفسنتين]. ثم قال: [امحُ معاصيّ]. فنرى أنه أدرك أنه عاصٍ معذّب بسبب شهوته الرديئة. لا يمكن أن يكون شخصٌ مؤمنًا حقيقيًا ويعيش مع امرأة بدون زواج ولا يؤنبه ضميره. بل لا يمكن أن يفرح في الرب وهو يعصى أمر الرب. [ليكن الزواج مكرّمًا عند كل واحد، والمضجع غير نجس] (عبرانيين 4:13).
مزمور 2:51 [اغسلني كثيرًا من إثمي ومن خطيّتي طهّرني]. أدرك داود أن هذه الخطيئة جعلته يشعر بأنه أصبح نجسًا، ومعذّبًا، وعاصيًا. فمهما كان رأي المجتمع في هذه الأمور فإن هذا لن يكون عذرًا يتذرّع به المؤمن الحقيقي. علينا دائمًا أن ننظر إلى الأمور في نور قداسة الله. إن من يعيش في هذه الخطيئة ولا يعذّبه ضميره، فالأرجح أنه ليس مؤمنًا حقيقيًا، وعليه أن يمتحن نفسه. ولكن داود أدرك حقيقة أمره فقال: [لأني عارف بمعاصيّ وخطيّتي أمامي دائمًا] (عدد 3).
عدد 4 [إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت]. هذا لا يعني أنه لا يبالي بتأثير خطيئته على الآخرين، بل يعني أنه يراها أخطر بكثير من أنها خطيئة ضد إنسان، فهي خطيئة ضد الله نفسه. ليت كل مؤمن يتذكر هذه الحقيقة الخطيرة، فكل خطيئة هي خطيئة ضد الله تعالى وتبارك اسمه. والخطيئة تجلب على المؤمن عذاب الضمير وتنجّسه وتجعله عاصيًا. ولكن شكرًا لله، لأنه هناك وسائل للوقاية ضد هذه الخطيئة، كما أنه هناك علاج إلهي للمؤمن الذي يقع فيها.
الوقاية هي أن نجعل الرب أمامنا في كل حين. لما جاز يوسف في تجربته الشديدة وهو شاب وغير متزوج كان جوابه للمرأة الشريرة زوجة فوطيفار: [فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟». من المهم أن يتحاشى المؤمن والمؤمنة، ولا سيما في شبابهم التعرّض إلى ما يثير فيهم الشهوة الجنسية سواء بالنظر أو بالسمع.
أما عن العلاج الفعّال، فلنتذكّر أن الشفاء من مرض خطير يستغرق وقتًا ليصبح شفاء كاملاً، فالزنا هو سقوط في هوّة عميقة. ولكن متى نَدِم المؤمن ندمًا قلبيًا حقيقيًا وعميقًا، وأراد برغبة قلبية صادقة أن يستعيد علاقته مع الرب، فقد يذرف الدموع الكثيرة ولكن الله لن يرفضه، حتى ولو أجازه في تأديب مؤلم، فهو لفائدته.
ليتنا جميعنا نتذكر أن المسيح أحبّ الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يقدسها مطهّرًا إياها بالكلمة. وهو سوف يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن، أو شيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيب (أفسس 25:5-27).
وأخيرًا كلمة لرعاة الكنائس: إن إلهنا يطالب بالقداسة ممن يحملون اسمه، أي أكثر من غير المؤمنين، منهم من لا يعرفون شيئًا عن الإله الحي الحقيقي، الذي عيناه أطهر من أن تنظرا الشر.طرحت كثيرين جرحى
«لأنها طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء. طرق الهاوية بيتها، هابطة إلى خدور الموت» (أمثال 26:7-27).
كتب الملك سليمان هذه الكلمات بوحي من الروح القدس عن خطيئة الزنا، ونحن نعلم أننا نعيش في عصر انتشرت فيه هذه الخطية بدرجة رهيبة. فمع أنها كانت دائمًا في هذا العالم إلا أنها في العالم المتحضر كانت تُرتكب سرًّا، وتسبب الخجل للذين يرتكبونها. كما كانت خطيئة نادرة بين الذين يقولون إنهم مؤمنون. وأما الآن فإن كثيرين يمارسونها بدون حياء أو خجل، حتى إن كنائس كثيرة تتغاضى عن مواجهة هذا الوباء الفتاك، وتقبل عضوية رجال ونساء يعيشون معًا بدون زواج. وهم بذلك يتجاهلون قداسة الله التي لا تتغيّر من عصر إلى عصر أو من مجتمع إلى مجتمع. ونحن في هذا المقال نوجه حديثنا إلى المؤمنين، لا إلى المجتمع عمومًا. على أن أضرار هذه الخطيئة تشمل المجتمع كله. لكن الأمر المحزن هو التساهل الشديد في بعض الكنائس مع خطيئة الزنا. ولنستمع أولًا إلى بعض ما قاله سليمان، الملك الحكيم، بهذا الخصوص.
أمثال 3:5-5 [لأن شفتي المرأة الأجنبية (أي التي ليست زوجتك) تقطران عسلاً وحنكها أنعم من الزيت. لكن عاقبتها مرة كالأفسنتين، حادة كسيف ذي حدين. قَدَمَاهَا تَنْحَدِرَانِ إِلَى الْمَوْتِ. خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالْهَاوِيَةِ».
أمثال 27:6-28، 32 [أَيَأْخُذُ إِنْسَانٌ نَارًا فِي حِضْنِهِ وَلاَ تَحْتَرِقُ ثِيَابُهُ؟ أَوَ يَمْشِي إِنْسَانٌ عَلَى الْجَمْرِ وَلاَ تَكْتَوِي رِجْلاَهُ؟ ... أَمَّا الزَّانِي بِامْرَأَةٍ فَعَدِيمُ الْعَقْلِ. الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ هُوَ يَفْعَلُهُ».
أمثال 21:7-23 [أَغْوَتْهُ (أي المرأة الزانية) بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا، بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ. ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ، كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ، أَوْ كَالْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ الْقِصَاصِ، حَتَّى يَشُقَّ سَهْمٌ كَبِدَهُ. كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى الْفَخِّ وَلاَ يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ».
سمعت أحد المؤمنين يقول: [ربما قصة سقوط داود في هذه الخطيئة تشجع البعض على التساهل في هذا الأمر». ولكن الحقيقة هي أن فيها أشد وأخطر إنذارات بشأن النتائج المريرة لخطيئة الزنا. خذ مثلاً ما حدث لابنته الجميلة ثامار إذ اقتحمها أخوها من أم أخرى فكانت تبكي وتصرخ. ثم موت أمنون ابنه البكر مقتولاً بواسطة أخيه أبشالوم انتقامًا لتعديه على ثامار. وكذلك قيام أبشالوم ضد أبيه راغبًا في قتله لكي يغتصب المُلك من داود. ثم موت أبشالوم في الحرب الذي بكى عليه داود قائلًا: «يا ابني أبشالوم، يا ابني أبشالوم، يا ليتني مُتّ عوضًا عنك يا أبشالوم ابني، يا ابني» (2صموئيل 33:18). ولربما أقسى ما سمعه داود في حياته هو حين جاءه ناثان النبي بكلام من الرب قائلاً: «لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه؟». فخطيئة الزنا هي احتقار لكلام الرب. وقال له أيضًا: «والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني». احتقار كلام الرب هو احتقار للرب نفسه.
والآن، لا بد أن نؤكد حقيقة أساسية ونحمل أخبارًا مشجعة لمن انغلب من هذه الخطيئة. وهو أن من يعترف بخطيئته ويندم عليها من صميم قلبه، ويصمم أن يعود إلى حياة البر، فإن الرب سيغفر له خطيئته ويعطيه الانتصار عليها. هذا هو ما فعله داود كما نرى في مزمور 51 الذي نتعلم منه نتائج هذه الخطيئة وبركات بالاعتراف والتوبة القلبية الصادقة.
مزمور 1:51 يفتتح هذا المزمور بالقول: [ارحمني يا الله]، وهذا يدلّ على أن داود كان يشعر بعذاب، وهو عذاب الضمير. فالإنسان قد يظن أنه سيشعر بسعادة ولكن عاقبة هذه الخطيئة هي [مرّة كالأفسنتين]. ثم قال: [امحُ معاصيّ]. فنرى أنه أدرك أنه عاصٍ معذّب بسبب شهوته الرديئة. لا يمكن أن يكون شخصٌ مؤمنًا حقيقيًا ويعيش مع امرأة بدون زواج ولا يؤنبه ضميره. بل لا يمكن أن يفرح في الرب وهو يعصى أمر الرب. [ليكن الزواج مكرّمًا عند كل واحد، والمضجع غير نجس] (عبرانيين 4:13).
مزمور 2:51 [اغسلني كثيرًا من إثمي ومن خطيّتي طهّرني]. أدرك داود أن هذه الخطيئة جعلته يشعر بأنه أصبح نجسًا، ومعذّبًا، وعاصيًا. فمهما كان رأي المجتمع في هذه الأمور فإن هذا لن يكون عذرًا يتذرّع به المؤمن الحقيقي. علينا دائمًا أن ننظر إلى الأمور في نور قداسة الله. إن من يعيش في هذه الخطيئة ولا يعذّبه ضميره، فالأرجح أنه ليس مؤمنًا حقيقيًا، وعليه أن يمتحن نفسه. ولكن داود أدرك حقيقة أمره فقال: [لأني عارف بمعاصيّ وخطيّتي أمامي دائمًا] (عدد 3).
عدد 4 [إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت]. هذا لا يعني أنه لا يبالي بتأثير خطيئته على الآخرين، بل يعني أنه يراها أخطر بكثير من أنها خطيئة ضد إنسان، فهي خطيئة ضد الله نفسه. ليت كل مؤمن يتذكر هذه الحقيقة الخطيرة، فكل خطيئة هي خطيئة ضد الله تعالى وتبارك اسمه. والخطيئة تجلب على المؤمن عذاب الضمير وتنجّسه وتجعله عاصيًا. ولكن شكرًا لله، لأنه هناك وسائل للوقاية ضد هذه الخطيئة، كما أنه هناك علاج إلهي للمؤمن الذي يقع فيها.
الوقاية هي أن نجعل الرب أمامنا في كل حين. لما جاز يوسف في تجربته الشديدة وهو شاب وغير متزوج كان جوابه للمرأة الشريرة زوجة فوطيفار: [فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟». من المهم أن يتحاشى المؤمن والمؤمنة، ولا سيما في شبابهم التعرّض إلى ما يثير فيهم الشهوة الجنسية سواء بالنظر أو بالسمع.
أما عن العلاج الفعّال، فلنتذكّر أن الشفاء من مرض خطير يستغرق وقتًا ليصبح شفاء كاملاً، فالزنا هو سقوط في هوّة عميقة. ولكن متى نَدِم المؤمن ندمًا قلبيًا حقيقيًا وعميقًا، وأراد برغبة قلبية صادقة أن يستعيد علاقته مع الرب، فقد يذرف الدموع الكثيرة ولكن الله لن يرفضه، حتى ولو أجازه في تأديب مؤلم، فهو لفائدته.
ليتنا جميعنا نتذكر أن المسيح أحبّ الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يقدسها مطهّرًا إياها بالكلمة. وهو سوف يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن، أو شيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيب (أفسس 25:5-27).
وأخيرًا كلمة لرعاة الكنائس: إن إلهنا يطالب بالقداسة ممن يحملون اسمه، أي أكثر من غير المؤمنين، منهم من لا يعرفون شيئًا عن الإله الحي الحقيقي، الذي عيناه أطهر من أن تنظرا الشر.
المجموعة: تشرين الأول October 2014