تدور في ذهن الإنسان المعاصر أسئلة كثيرة وعسيرة الفهم، خصوصًا عندما يتأمل الأحداث التي يمرّ بها العالم، ويجد أن الشر والعنف والكراهية والقتل منتشر في هذا العالم؛ فيقف أمام أسئلة صعبة للأزمات المعاصرة، ويحتار الفكر في أحيان كثيرة في فهم وتفسير ما لا يدركه، ويعجز عن سبر أغواره.
لكن تعالوا لنتناول الأزمات المعاصرة والأسئلة الصعبة في ضوء كلمة الله.
الفكرة الأولى: قد يسود الشر مؤقتًا. لقد وُضع العالم في الشرير، لذا نجد بين الحين والآخر سيادة واضحة للشر، في فترات كثيرة في التاريخ. رأينا فيما مضى رجال الله يصرخون من الأعماق أمام طغيان الشر وسمعنا تأوهاتهم بسبب علامات استفهام كثيرة لا تجد إجابات لديهم. انظر إلى اختبار آساف في مزمور 73 الذي يتعجب فيه أمام نجاح الأشرار الواضح للعيان، أو اسمع حبقوق وهو يتساءل في عجب: "حتى متى يا رب أدعو وأنت لا تسمع؟ أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص؟ لِمَ تريني إثمًا وتبصر جورًا؟... لم تنظر إلى الناهبين وتصمت حين يبلع الشرير من هو أبرّ منه؟" (حبقوق 2:1-3 و13) ثم أجاب الرب عن سؤال حبقوق في 1:2-4، وأوضح أن هناك وقتًا يتدخّل فيه ليوقف نزيف الألم عند المؤمنين ويعاقب الأشرار على شرهم وتعدّياتهم. إنمـا "البار بالإيمان يحيا." (حبقوق 4:2)
الفكرة الثانية: سيادة الرب على الأحداث. نحن ندرس التاريخ من منظور سياسي، وهي دراسة قاصرة لا يمكن أن تُظهر عمل الله في التاريخ، ومعاملاته مع الإنسان التي تُظهر بوضوح كيف يتدخّل الله في حياة البشر والممالك. إن الله "العلي متسلّط في مملكة الناس، فيعطيها من يشاء." (دانيآل 17:4) إنه يتحكّم في الظروف، ويوجّه التاريخ، ويدير الأحداث لصالح شعبه. وجّه الملك نبوخذنصر البابلي واستخدمه لعقاب مملكة يهوذا التي عصت وتمرّدت على عبادة الرب. فبعد أن اعتمد الملك صدقيا على مصر، أتاه صوت الله بأن مصر هي كعكاز القصب الذي ينكسر عند التوكؤ عليه. فبالرغم من عظمتها لا يمكن أن تحميك! لا تتّـكل على الغنى أو كثرة الخيل والمركبات.
الفكرة الثالثة: موقف الأقليات. في هذه القصة تظهر مملكة يهــوذا على أنها مملكة مستضعفة بين القوى الكبرى المتصارعة. لكن، هل كان هذا العامل السبب الحقيقي للهزيمة؟ كلا. إن الهزيمة التي لحقت بالشعب وجرّتهم إلى السبيّ، ترجع إلى عدم الاتكال على الرب والتمسك بعبادته لأنه "مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ، وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ، وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ. "إن الله هو الملك الذي يحكم العالم، ويتسلّط على الحكام والقوى الكبرى. نحن ننتمي لحاكم الأرض وسيدها، والله هو أبونا والمسؤول عنَّا، الذي يعتني بنا عناية كاملة وواضحة، فكيف إذن نخاف؟ إنه يمسك بنا ويقودنا وسط أزمات الحياة إلى بر الأمان. إن صوت المسيح يؤكد لنا: "لا تخف، أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سُرّ أن يعطيكم الملكوت." (لوقا 13:12)
