Voice of Preaching the Gospel

vopg

JosephAbdoمعالم الفداء العظيم في أسفار العهد القديم
لقد تمسك المسيحيون منذ عهد الرسل الأوائل بأسفار العهد القديم وذلك لسببين رئيسين: الأول لكثرة استشهاد المسيح – له المجد – ببعض نصوصها، والثاني لكثرة ما تضمنته من إعلانات واضحة جلية عن مجيء المسيا المنتظر وصفاته الفريدة، ووظيفته وأعماله، وعلى وجه الخصوص ما أنبأت به عن موته الكفاري وقيامته المجيدة.

وفي هذه العجالة سأركز بالأخصّ على سفر إشعياء النبي الذي تنبأ قبل مجيء الرب يسوع بالجسد بحوالي سبعمئة عام. فالقارئ لتلك النبوات يتبادر إلى ذهنه أن إشعياء كان موجودًا في زمن المسيح يرى بعينيه ويسمع بأذنيه كل ما كتبه بالوحي عن تفاصيل حياة المسيح المخلص وفدائه العظيم، حتى دُعي سفر إشعياء بـ "الإنجيل الخامس". فهو يقول بروح النبوة: "نبت قدامه كفرخ وكعرق من أرض يابسة، لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه." (إشعياء 2:53)
وتتلاقى جميع الأسفار على أوصاف وألقاب متعددة للرب يسوع، ومن هذه الألقاب: فرخ، عرق، غصن، عود وجميعها تشير إلى المعنى ذاته.

1- العِرق الذي نبت من الأرض

أي أن ذلك قد حدث في متن الزمن رغم أن صاحبه كائن قبل الزمن. "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله." (يوحنا 1:1) كما أن يوحنا يشير هنا إلى عظمة المسيح حيث أنه "الله الظاهر في الجسد" وقد وصفته النبوّة بتواضعه الذي ليس له نظير كعرق صغير بينما تصفه نبوة أخرى بأنه "الأصل العظيم": "وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى (وهو والد داود) الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا." (إشعياء 10:11) وقد أيّد الرب يسوع هذه المقولة كما تقول الآية: "أَنَا يَسُوعُ، أَرْسَلْتُ مَلاَكِي لأَشْهَدَ لَكُمْ بِهذِهِ الأُمُورِ عَنِ الْكَنَائِسِ. أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ." (رؤيا 16:22) ونحن نرى أن الصفتين المميزتين للابن الإلهي المتجسد في النبوات هما: "الكوكب والغصن." فالكوكب سماوي يشير إلى لاهوته، والغصن أرضي يشير إلى ناسوته، كما أنه يبين أيضًا صورة تواضعه، بتجسده من الأرض التي لُعنت بسبب خطية الإنسان وذلك لكي يعيد لها اعتبارها بموجب برّه العظيم. ونرى ذلك في قوله للمريمات وهو في طريقه إلى الصليب: "يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ... لأَنَّهُ إِنْ كَانُوا بِالْعُودِ الرَّطْبِ يَفْعَلُونَ هذَا، فَمَاذَا يَكُونُ بِالْيَابِسِ؟" (لوقا 28:23 و13) فقد قصد بالعود الرطب ديمومة الحياة في شخصه وقدرته على القيام من الموت، وبالعود اليابس الإنسان الطبيعي الميّت بالذنوب. كما أشار إلى اضطهاد المؤمنين به حيث أنهم سيقتلون على أيدي صالبيه كما قتل هو أيضًا.
"من أرض يابسة": عبارة تشير إلى تجسده وولادته العذراوية. فالأرض اليابسة بحسب الطبيعة لا يمكنها أن تنبت غصنًا حتى تُروى بماء. أما يسوع فقد حُبل به في رحم العذراء المباركة دون أن يُروى بماء رجل. فقد قالت للملاك الذي بشرها: "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟" (لوقا 34:1)
"لا صورة له ولا جمال فننظر إليه، ولا منظر فنشتهيه": ليس هناك من يعجبه منظر عود صغير نابت من الأرض. فإن ذلك لتواضع مذهل! وذلك رغم أن نبوة أخرى تقول عنه: "أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ، لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ." (مزمور 2:45) وهو أيضًا "بقوة لاهوته" صانع هذا الكون العظيم الفائق الترتيب والجمال!

2- العود الذي قُطع

"مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ." إشعياء 8:53-9)
إن كل قارئ متبصّر يدرك أن هذه الآيات لا تحتاج إلى تفسير، فهي واضحة جلية كعين الشمس. لقد قُطع المسيح المتجسد "بموت الصليب" من أرض الأحياء، وذلك حسب خطة الله الفدائية. أُحصي مع أثمة: صُلب بين لصين. ومع غنيّ عند موته: دُفن في قبر رجل غني لم يوضع فيه جسد أحد من قبل، فقد تسلمه يوسف الرامي من بيلاطس الوالي ولفّه بالأكفان مع الحنوط ووضعه في قبره المنحوت في الصخر... وقد جاء التعبير عن عملية "القطع" تعبيرًا شنيعًا ومؤلمًا إذ يصف ما آل إليه ذلك الجسد الطاهر من تشويه بالقول "لا منظر له ولا جمال."
إن رمز العود المقطوع كمثالٍ لعمل الفداء متكرر في النبوات، فحين أتى الشعب القديم في ترحاله بعد خروجه من مصر، وتيهانه في البرية، إلى مكان يُدعى مارة، وبعد ثلاثة أيام من العطش، لم يستطيعوا أن يشربوا من عين الماء الوحيدة هناك، لأن المياه كان مرّة. "فَتَذَمَّرَ الشَّعْبُ عَلَى مُوسَى... فَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ. فَأَرَاهُ الرَّبُّ شَجَرَةً فَطَرَحَهَا فِي الْمَاءِ فَصَارَ الْمَاءُ عَذْبًا." (خروج 24:15-25) وفي ذلك رمز للمسيح الذي قُطع وطُرح في قبر لكي يقيم موتى الخطية، ويقضي على مرارة الدينونة.
ويخبرنا سفر الملوك الثاني عن العود الذي قطعه أليشع النبي وألقاه في نهر الأردن، فغاص حتى رفع حديد الفأس الساقط في الماء، وجعله يطفو رمزًا لقطع المسيح ونزوله إلى مكان الخاطئ لكي يرفعه ويكفّر عنه خطيئته. لطفًا، انظر 2ملوك 1:6-7، إنها لصورة رائعة لعمل الفداء العظيم.
وإذا ما دخلنا إلى عمق النبوات طالعتنا تفصيلات نبوية دقيقة تمّت بحذافيرها وبصورة مدهشة في صلب الرب يسوع المسيح.
فهذا زكريا النبي يتكلم بالتفصيل عن الثلاثين من الفضة التي كانت ثمنًا لتسليم يسوع لرؤساء الكهنة من قبل يهوذا الإسخريوطي "فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «أَلْقِهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ، الثَّمَنَ الْكَرِيمَ الَّذِي ثَمَّنُونِي بِهِ». فَأَخَذْتُ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ وَأَلْقَيْتُهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ فِي بَيْتِ الرَّبِّ." (زكريا 13:11)
وقد تمّ تحقيق هذه النبوّة حرفيًّا كما نقرأ في متى 3:27-8.
وتقول النبوّة في سفر إشعياء: "ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ." (إشعياء 7:53) وفي نبوة إرميا نقرأ: "وَأَنَا كَخَرُوفِ دَاجِنٍ يُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُمْ فَكَّرُوا عَلَيَّ أَفْكَارًا، قَائِلِينَ: «لِنُهْلِكِ الشَّجَرَةَ بِثَمَرِهَا، وَنَقْطَعْهُ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، فَلاَ يُذْكَرَ بَعْدُ اسْمُهُ.]" (إرميا 19:11)
ألم يكن المسيح صامتًا أمام محاكميه وصالبيه كما هو مدوّن في مرقس 3:15-4؟
وقد جاء في سفر المزامير 21:69 "ويجعلون في طعامي علقمًا وفي عطشي يسقونني خلاً."
وقد تمّت هذه النبوّة حرفيّا كما يخبرنا البشير في متى 32:27. كما نقرأ نبوات عديدة عن الطريقة التي يموت بها يسوع وجميعها تشير إلى أسلوب الصلب الذي لم يكن متبعًا عند اليهود، ولكن الذين استخدموه هم الرومان، وقد أخبرت عنه النبوات حتى قبل نشوء الإمبراطورية الرومانية. تقول النبوّة: "لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ." (مزمور 16:22)
وحتى ثيابه وما آلت إليه كانت موضوع نبوة تمت بدقة "يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون." (مزمور 18:22)
وقد بيّن يوحنا البشير كيف تم ذلك حرفيًّا في يوحنا 23:19-24.
إن هذا التطابق الدقيق المدهش بين النبوات وتحقيقها في شخص المسيح الفادي، ليشهد بكل قوة ويقين للأسس والحقائق العظمى في الإيمان المسيحي ويؤكد بكل وضوح على:
أولاً، حقيقة وجود الله وسلطانه المطلق في هذا الكون وسيطرته التامة على أحداث التاريخ البشري.
ثانيًا، وحدانية خطة الله الأزلية لأجل خلاص الإنسان حيث أن جميع النبوات في جميع كتب الوحي ركزت على هذا التدبير المجيد.
ثالثًا، فرادة عمل النعمة وكفاية الإيمان بكفارة دم المسيح المصلوب لغفران خطايا الجنس البشري، وكل طريق غير هذا هو طريق باطل.
عزيزي القارئ، لقد امتلك الرب يسوع الذي قدّم نفسه ذبيحة خطية لأجل الذين يؤمنون به كامل الاستحقاق لغفران كل خطية وإعطاء الحياة الأبدية للذين يقبلونه ربًا ومخلصًا، أما الذين يرتجون سواه فسيخسرون خسارة عظيمة تلازمهم طيلة الأبدية. لأنه "ليس بأحد غيره الخلاص،" والذين يقبلون إليه لا يخرجهم خارجًا. وهذا يحفّزنا على دراسة كلمة الله وغناها المذهل بعمق واستجلاء.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

513 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577635