Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخت أدما حبيبيفي حفل جنازته، احتفل الأهل والأصحاب في كنيسته، بحياةٍ تحدَّت كلَّ الصعاب والآلام، هي حياةُ ديفيد شكام David Schumm الذي كان مصابًا بشلَل دماغي منذ ولادته. وبعد أربعٍ وسبعينَ سنةً من حياته هذه، قالوا عنه: نِعِمَّ لكَ يا ديفيد شكام!

ومرحىً لكَ أيضًا! وشهد الكثيرون يومَ ذاك عن حياته المميَّزة بالصبر والإيمان والتفاؤل والأمل. كانت متطلبات الحياة اليومية البسيطة تحتاج إلى جهدٍ كبير منه، لكنَّه تحمَّل كلَّ شيء بابتسامةٍ رقيقة لم تفارقْ وجهَه قطّ يومًا. ليس هذا فحسب بل قيل فيه بأنَّه على الرغم من معاناته الجسدية وشلَلِه المستديم، إلاَّ أنَّه لم يبخلْ عن أن يقدِّم يدَ العون للآخرين إذ كرَّس ما حصيلتُه ثلاثة وعشرين ألفَ ساعةٍ من وقته في خدماتٍ مجَّانية متبرّعًا بها للمستشفى. هذا بالإضافة إلى كلمات تشجيعية كان يوجِّهها للمراهقين الذين يجتازون بأوقاتٍ عصيبة وخطيرة في حياتهم.
أما اللُّغز الكامن وراء كلِّ هذه التصرفات الحميدة على الرغم من كلّ التحديات في حياة ديفيد، فهو هذه الآيات المقدسة التي انتقاها من سفر النبي إشعياء في الكتاب المقدس، والتي طلب أن تُقرأ في حفل وداعه إذ تقول: "شدّدوا الأيادي المسترخية، والرُّكبَ المرتعشة ثبِّتوها. قولوا لخائفي القلوب: تشددوا لا تخافوا. هوذا إلهكم... يأتي ويخلِّصكم... حينئذ يقفزُ الأعرج كالإيَّل ويترنم لسان الأخرس، لأنَّه قد انفجرت في البرية مياهٌ وأنهار في القفر. ويصير السرابُ أجَمًَا، والمعطشَة ينابيعَ ماء." (إشعياء 3:35-4 و6-7) هذه الكلمات مفعمة بالرجاء والأمل بأنَّ الفرجَ سرعان ما سيأتي من عند الرب إذا ما وثق الإنسانُ بكلمة الله واختارَ أن يتبعه. أما الصورة التي كان يشيرُ إليها ديفيد في الأسابيع الأخيرة من حياته لكلِّ مَنْ زاره في بيتِه فهي صورةُ الرب يسوع المسيح المعلَّقة إلى جانب سريره ويقول: إنَّه آتٍ سريعًا ليأخذَني إليه.
لكن قد يقولُ قائل: "إنَّ الأمل أو الرجاء هو للمغفَّلين فقط" تمامًا كما كتبت إحدى السيدات على قميصٍ كانت ترتديه. هذه الجملة التي جذبتْ نظرَ رجلٍ مجتاز مقابلَها. فعلّق قائلًا: من المؤكد أنَّ الإنسان الساذج والمخدوع، يمكن أن يكونَ جاهلًا ومتهورًا. ولا شكَّ أنَّ خيبة الأمل والوجع أحيانًا يكونان نتيجةً لتفاؤلٍ كاذب غيرِ مبنيٍّ على أسس صحيحة. لكن بأنْ يحرمَ الإنسانُ نفسَه من الأمل لهو شيء محزنٌ فعلًا وطريقةٌ ساخرة ومتهكِّمة لننظرَ بها إلى الحياة.
إنَّ الرجاء الذي يتكلم عنه الكتاب المقدس لهو رجاءٌ فريد ومميَّز. إنَّه ثقة أكيدة بالله الحيّ وبعمله في حياة الإنسان. وهذا بالضبط ما يحتاجه كلُّ واحد منا. ولقد أكد على هذه الحقيقة كاتبُ سفر العبرانيين حين نبَّه بوضوح عن أهمية الأمل والرجاء إذ قال: لنتمسَّكْ بإقرارِ الرجاء راسخًا لأنَّ الذي وعدَ هو أمين." (عبرانيين 23:10)
وعليه فإنَّ وجود هذا النوع من الرجاء الكتابي في حياتنا ليس جهلًا أبدًا، لأنَّه ذو أساسٍ قوي. فلنتمسك بالرجاء هذا الذي حصلْنا عليه نحنُ المؤمنين من خلال الرب يسوع المسيح الذي هو وحده مصدرُه ومنبعُه لأنَّ الله أمين وصادق. وهكذا يمكنُنا أن نثق فيه في كل ما نواجهُه في حياتنا الآن وغدًا وإلى الأبد. فرجاؤنا هذا مؤسس على ميِّزات شخصية الله وأهليتها، هو الذي أحبنا محبةً أبدية أي لا تتوقف ولا تنتهي. وعليه فإنَّ ما كتبته هذه السيدة على سترتِها لهو خطأ وغير صحيح البتة لأنَّ الأمل والرجاء هو لك ولي ولكل شخص في هذا الوجود رغب أو يرغب في الحصول عليه. وكما هتف المرنم وقال:
رجاءُ قلبي راسخٌ أساسُه برُّ المسيح
وليس شيءٌ غيرُه قلبي إليه يستريح
عليك يا صخرَ الأزل أُلقي رجائي والأمل
لن تحجُبَ الظلمات عن عيني محيَّاه الصبيح
فنعمةُ الرب العلي تجلو ليَ الحقَّ الصريح
في عهده المختومِ بالدمِ الثمين لي الرجاء
إن تعصفِ الأنواءُ حولي لا أخافُ اللُّججا
وحين يأتي الرب في الأمجاد في اليوم الأخير
أبدو لديه طاهرًا بثوب بـرِّه المنير
عليكَ يا صخر الأزل ألقي رجائي والأمل
فهل يا ترى، لديك هذا الرجاء في حياتك؟ وهل تراك تتصرف بالحق على أساسه في حياتك العملية اليومية؟ بمعنى هل حضور الله الذي هو منبع هذا الرجاء واضحٌ في تصرفاتك، وسلوكك، وكلامك، وأعمالك في كل يوم؟ هذا هو المحكُّ الفعلي لكلمة الله التي ربما تردّدها يومًا بعد يوم وترفعُها رايةً في بيتك، وبين أفراد عائلتك، وجيرانك، وخلانك، وأصحابك، وفي مكتبك، أو مدرستك، أو مكان عملك. نعم، راية أو علَمًا يعلن بأن في حياتك أملًا حقيقيًا.
من المعروف أنَّ الملكة أليزابيث الثانية ملكة بريطانيا قد حكمت على عرش بريطانيا وما زالت تحكم لمدة تجاوزت الستين عامًا حتى الآن. وأنَّ حكمها يمتازُ بالنعمة ورفعةِ الشأن. فلقد عملت بمثابرةٍ لتخدم شعبها بشكل ملحوظ، ونتيجةً لذلك فهي محبوبة بين شعبها ومحترمة جدًا. أما العلم المرفوع الخفَّاق فوق قصر باكنغهام في وسط لندن، فهو دليل هام على وجودها في القصر وأنها هناك في خدمة شعبها. إنَّه مثَلٌ جميل بالفعل، لكنَّ الأجمل منه هو أن الربَّ يسوع المسيح باعث الرجاء الحقيقي في قلوبنا، هو معنا في كلِّ آنٍ وكلِّ مكان، وليس بعض الوقت أو جُلَّه! تمامًا كما تقول كلمة الله: "لا أهملك ولا أتركك." (عبرانيين 5:13)
فهل يرى الناس راية يسوع مرفوعة في حياتنا وبيوتنا؟ فإذا كان فعلًا يملك في قلوبنا وهو مبعث الرجاء فينا، فإنَّ علَمَه الخفاق لا بدَّ أن يُرى للعالم من حولنا، أليس كذلك؟ فثمار الروح التي هي محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، وتعفف، حريٌّ بها أن تظهر في حياتنا بالحق والفعل!
علَمُ وجوده في حياتنا، هو دليل الرجاء الحقيقي والمحبة والبرّ والصلاح.
فهل يراه الجميع فينا؟ وما هو السلوك الذي تؤدّيه دعمًا وبرهانًا حقيقيًا لذلك؟
إذا كنت لم تثق بعد بشخص المسيح الذي هو مصدر الرجاء الحقيقي، ومنبعه، ولم تعلن بعد حضوره في حياتك قلبًا وقالبًا، فالفرصة لم تَفُتْكَ بعد. يمكنك فعل ذلك الآن ما دام الوقت يُدعى نهارًا. فهل تفعل؟ وترفع العلم عاليًا مفتخرًا به وتقول: "علَمُه فوقي محبة"؟
(عن خبزنا اليومي، مترجمة بتصرف)

المجموعة: شباط (فبراير) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

471 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577203