Voice of Preaching the Gospel

vopg

القس يعقوب عماريهذا أمر إلهي لا يحتمل المناورة أو التبرير!
الله يقول: لا تقتل، لأني أنا الله مانح الحياة لك ولغيرك من بني آدم، وليس من حقك أن تسلب أحدًا حياته أيًّا كان.
اغتاظ قايين ابن آدم من أخيه، لأن الله قََبِِلََ ذبيحة هابيل التي قدمها لله من أغنامه، مثلما تعَلّمَ من أبيه بأن يُكَفِّرَ عن ذنوبه بأضحيةٍ من دم، فقدَّم أضحيته ورفع يديه وصلى، فنزلت النار من السماء والتهمت الذبيحة كعلامةٍ عن قبول الله.


وقدَّمَ قايين أضحيته من منتوجات حقله الخالية من الدم، فلم يتقبّلها الله، فحسد أخاه وتوعَّد بقتله. ولاحظ الرب دوافع الغضب في قلب قايين فحذّره قائلًا: "لماذا اغتظت؟ ولماذا سقط وجهك؟ إن أحسنت أفلا رفعٌ؟ وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها، وأنت تسود عليها." (تكوين 6:4-7) وبالرغم من وضوح التحذير استمر قايين ينتهز الفرص إلى أن اختلى بأخيه في الحقل وقتله.
فقال الله لقايين: "أين هابيل أخوك؟" فقال: "لا أعلم. أحارس أنا لأخي؟" (تكوين 9:4) ما صدر عن قايين هو ثمرة من ثمار سقطة آدم التي أورثها لذريته.
وسجل الوحي الحدث باعتباره أوّل جريمة قتل في التاريخ، ومن يومها أخذت الجريمة مسارها في تصاعدٍ مذهل. وما زال قايين وأمثاله يقتلون ويدمّرون حتى اليوم، وسيل الدماء ما زال جاريًا.
عندما جاءت الوصية بالنهي عن القتل، كانت آلة القتل بأيدي الناس آلة تقليدية كالهراوة والخنجر. فلو اعْتُديَ على أحدٍ تثور دوافع الانتقام، وتُسْتنفر القبيلة. ويأتي دور زعيمها الذي إن شاء يُغرق الساحة بقتال يدوم لسنين.
من قصص الأعراب القديمة أن شيخ إحدى القبائل استضاف عائلة شيخ من قبيلة أخرى، وبينما كانت زوجة صاحب الدعوة منهمكة بتجهيز الطعام، وفي زحمة انشغالها احتاجت مَنْ يُناولها الطبق، التفتت حولها فوقع نظرها على الضيفة فما كان منها إلا أن قالت: "ناوليني الطبق يا فلانة،" وما أن وقعت الكلمة في أذن تلك حتى شعرت بالإهانة، فغضبت وصاحت بالصوت العالي! فاستُنْفر الضيوف وامتطى كلٌّ فرسه وسحبوا السلاح ودارت معارك قتال سالت فيها دماء واستمرّ العداء إلى سنوات.
قدْ يُخطئ أحدٌ في موقف كهذا عن جهل في انتقاء الكلمة المناسبة أو التصرف اللائق. ومَنْ منَّا لا يسهو أحيانًا فيقع في خطأٍ مشابه؟!
هنا تُفْتَـقد حكمة الحكماء للحدّ من تفاقم الأزمة قبل أن تستفحل وتنزلق الأمور إلى المجهول، وهذا ما رأيناه فيما سُمّي بالربيع العربي. وليته كان ربيعًا أخضر يبهج الناظر! فقد صار ربيعًا أحمر يُدْمي القلوب. ففي عجيج حوافر الخيل وقعقعة السلاح وأزيز الرَّصاص، غابت الرؤيا واختفت مشورة الأخيار، فعمّ الخراب، ونزف الدم غزيرًا.
في زمن حزقيال النبي مرَّ الشعب في حالة غابَ فيها حكماء الأمة فقال الله: "طلبتُ من بينهم رجلًا يبني جدارًا ويقف في الثغر أمامي عن الأرض لكيلا أخربها فلم أجد!" (حزقيال 30:22)
مثُلَتْ أمام الملك سليمان امرأتان ليحكم بينهما في أمر اختلفتا عليه، فقالت الواحدة: "أنا وهذه المرأة نسكن في بيت واحد، وقد ولدتُ طفلًا، وولدَت هي بعدي بثلاثة أيام، فمات ابن جارتي في الليل لأنها اضطجعت عليه. وقامت في وسط الليل وأخذت ابني من فراشي وأنا نائمة وأضجعته في حضنها ووضعت ابنها في حضني. فلما قمت باكرًا لأُرضِع ابني إذا هو ميت، وفي ضوء الصباح تأملته جيّدًا وإذا هو ليس ابني!"
وهنا احتجَّت الأخرى وقالت: "بل ابني الحي وليس ابنك."
استمع الملك إلى هذه وتلك، وليس بيده ما يثبت ابن مَنْ يكون الطفل! وبينما هو في حيرته فطن للحلّ فقال: "ائتوني بسيف." ولما حضر السيّاف قال سليمان: اشطروا الولد الحي وأعطوا نصفًا للواحدة ونصفًا للأخرى!" فصاحت أمّه لأن أحشاءها اضطربت على ابنها وقالت: "أعطوها الولد الحي ولا تميتوه!" فقالت الأخرى: "لا يكون لي ولا لك. اشطروه!" فوضحت الحقيقة وانفضّ النزاع (1ملوك 3).
ويُخبِرنا الكتاب المقدس عن رجل يُدعى نابال كان صاحب أملاك ومواشٍ لا حصر لها، وكان داود بن يسّى هاربًا في البرية يلاحقه الملك شاول ليقتله، وقد التفّ حول داود بضعة مئات من الرجال المشرَّدين وجدوا فيه ملاذًا في برية مجاورة لأملاك نابال.
وفي يوم جَزِّ نابال لصوف أغنامه، وهذا يوم عيد يُحتفل به وتقامُ الولائم، أرسل داود بعضًا من رجاله ليهنئوا نابال في مثل هذا اليوم الطيب. فلم يحفل بهم وصرفهم دون تكريم. ووصل الخبر إلى داود فثار وجنَّدَ من رجاله أربع مئة مسلّح وجهَّزهم لقتال نابال والقضاء على بيته.
ونما الخبر إلى أبيجايل زوجة نابال، وهي امرأة مقتدرة موصوفة بالحكمة، فهبَّتْ على الفور ودعت واحدًا من خدّامها وحمّلت على الدواب ما أمكن من أرزاق وركبت على الحمار وقالت للخادم: "سُقْ ولا تتأخر." وبينما هي في الطريق، إذا بداود ورجاله قادمون! فنزلت عن دابتها وحيَّتهُ باحتشام وقدّمت اعتذارها عمّا بدر من زوجها، وقالت إنها لم تعلم بوجود رجاله يوم الاحتفال، ولو علمتْ ما كانت لترسلهم فارغين. ثم قدّمت لداود ما أحضرته، ورجتهُ أن يتقبّل ما قدّمته. فهدأت روح داود وأثنى عليها ومدح حكمتها التي منعته من سفك الدماء، وعادت أبيجايل إلى بيتها باطمئنان وقد نجحت بسدّ ثغرة كادت تعصف ببيتها (صموئيل الأول 25).
شاخ داود الملك وتقدّم في الأيام، فدعا ابنه سليمان وقال له: "يا ابني، كان في قلبي أن أبني بيتًا لله، فقال لي الرب: [سفكت دمًا كثيرًا في حروبك (يا داود). لا يحق لك أن تبني بيتًا لي ويداك ملوّثتان بالدم، هوذا ابنك يبني البيت!]" فتولّى سليمان المهمة وبدأ بتجهيز مواد البناء، وبنى ما صار يُعرف بهيكل سليمان. (انظر 1أخبار 6:22-12)
تقول الوصية: "لا تقتل." ولكن يُمْعنُ البعضُ بقتل حتى أبناء شعبهم، وتخريب وسائل إنتاج بلدهم، بحجة خلاف عقائدي أو سياسي مع أنظمة الحكم.
والأغرب من هذا وذاك أن يكون القتل باسم الله، مع أن الله هو القائل "لا تقتل." فمن يحلل لنفسه قتل الأبرياء بتفسيرات دينية يدفعنا للتساؤل: هل الإله الذي يَعْبُد، هو الإله الموصوف بالرحمة والعدل؟
فإله القتلة مهما كانت تبريراتهم، يلبس قناع الألوهية، ويُبطنُ روحًا شيطانية، ووراء كل جريمة قتل دافعٌ شيطاني لا محالة، وقد لا يَعْرِفُ القاتلُ هذه الحقيقة وهو يمارس هوايته، لكنه سيعرفها في الأبدية بعد فوات فرصة الندم!
وصف المسيح الشيطان بقوله: "ذاك كان قتَّالًا للناس من البدء، ولم يثبت في الحق، لأنه ليس فيه حق، متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له، لأنه كذاب وأبو الكذاب."
(يوحنا 44:8)
وقال مخاطبًا أتباعه: "... بل تأتي ساعةٌ فيها يظنّ كلّ من يقتلكم أنه يقدّم خدمة لله. وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفوني." ثم يقول إنه تكلّم بهذا الكلام "حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أنّي أنا قلته لكم." (يوحنا 2:16-44)
لا يوجد في الإنجيل نصٌّ واحدٌ يقول اقتلوا فلانًا لأنه أخطأ أو خالف شرعًا أو كفر ولم يعُدْ يصلّي.
رجال الله في الكنيسة ينصحون ولا يُعاقبون. هم رسل خيرٍ ورحمة، وليسوا سَيَّافين لإنزال العقوبة فيمن يخالف شرع الله، وقدوتهم في ذلك سيدهم المسيح، فهو القائل: "أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل." (يوحنا 10:10)
يقول لسان حال القتلة: نحن نعشق الدم والقتل والتدمير وننشر ثقافة الموت وندوس على جماجم الضحايا بفخر!
ويقول المسيح: "أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف." (يوحنا 11:10) فمهمة الراعي أن يرعى الخراف، لا أن يكسر ساق من ينحرف منها عن الطريق.
وشمل المسيح الوصية السادسة فأعطاها بُعْدًا جديدًا حين قال في عظته على الجبل:
"سمعتم أنه قيل للقدماء (في التوراة): [لا تقتل،] ومن قتل يكون مستوجب الحكم (الدينونة). وأما أنا (سيد الشريعة) فأقول لكم: [إنَّ كل من يغضب على أخيه باطلًا يكون مستوجب الحكم.] ... أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسِنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يُشرِق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين."
(متّى 21:5-22، 44-45)
وقال الرسول بولس:
"لا تجازوا أحدًا عن شرٍّ بشرٍّ... لا تنتقموا لأنفسكم... فإن جاع عدوّك فأطعمه، وإنْ عطِش فاسقِه... لا يغلبنّك الشرّ بل اغلب الشر بالخير." (رومية 17:12، 19-21)

المجموعة: شباط (فبراير) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

528 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577765