أمرنا الرب في كولوسي 15:3 "كونوا شاكرين"، لأن عدم الشكر علامة من علامات آخر الأيام إذ يكون الناس "غير شاكرين." إن الشكر هو أحلى الصفات وأول الفضائل.
فالشكر لا يقتصر فقط على حصولنا على رغباتنا وما نلناه، بل هو حالة يتميّز بها المؤمن تؤدي إلى سرور قلبي عميق يشعر به دائمًا سواء منح الرب أو منع، أعطى أو أخذ "فليكن اسم الرب مباركًا." إن الشكر ضروري في حياتنا:
أولًا: لأجل الخلاص والغفران
"باركي يا نفسي الرب... الذي يغفر جميع ذنوبك." (مزمور 3:103) حدث في أفريقيا البرتغالية أن وُضع أحد الزنوج المسيحيين في سجن مظلم، فصار يصلي ويسبّح. أما المساجين الأردياء فاغتاظوا من ترنيمه جدًا، ووضعوه مع رجل شرير؛ وسرّوا لأنهم لم يسمعوه يرنم في تلك الليلة ولا الليلة التي بعدها. وفي الليلة الثالثة خاب أملهم لأنهم لم يسمعوا شخصًا واحدًا فقط يرنّم بل اثنين يرنمان معًا، ذلك لأن الرجل الآخر تاب بتأثير زميله وتجدّد وصار شريكًا له في تسبيحه وشكرِه للرب.
تصوّر يا أخي المؤمن ما كنت عليه قبلًا: كانت خطاياك غير مغفورة، وكنت غير مخلَّص، وأن هناك نارًا تنتظرك، وعارًا يحيط بك، وعذابًا أبديًا نصيبك، لكنك الآن تشكر الله الذي لك فيه الغفران الكامل.
تجدّد أحدهم حديثًا، وكان مسافرًا في القطار، وأخذ من وقت لآخر يقول: "عجيب!" سأله أحد المسافرين عن أمره، فأجاب: منذ أيام كنت أعمى، ولكن طبيبًا عظيمًا أعطاني البصر. لذلك فأنا أرى كل شيء حولي عجيبًا. "ويُدعى اسمه عجيبًا (يسوع)."
ثانيا: لأجل الخير والإحسان
إن الخيرات العظمى في حياتنا كثيرة، وأعظمها الله نفسه الذي هو مصدر كل خير. "أنت سيدي. خيري لا شيء غيرك." (مزمور 2:16) والخير التالي هو خلاص النفس (متى 26:16). الله يعطي خيرات للذين يسألونه (متى 11:7). و"يعطي الروح القدس للذين يسألونه." والروح القدس أيضًا هو واهب الخيرات. فكلمة الله هي الغنيمة الوفيرة، وكذلك الحكمة النازلة من فوق، والميراث الأبدي، كل هذه خيرات يتمتع بها أولاد الله.
هل فكرت مرة بخيرات الله وإحسانه لك؟ اذهب إلى مستشفى الصحة العقلية، أو مستشفى الأطفال، أو قم بزيارة مدرسة المكفوفين.
لقد تذكر داود إحسان الله وشكره. "إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي." نعم، كان داود يقدِّر مراحم الله له. "في منتصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك." و"ماذا أردّ للرب من أجل كل حسناته لي؟" "لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا."
ثالثًا: لأجل النعمة والحرمان
كيف نميّز خيرات الله؟ إن كلمة الله، والضمير المستنير، والضمير العام، والعرف، والقوانين الوضعية، وطبيعة جسم الإنسان وحدوده، والخضوع لمشيئة الله، كل هذه وسائط أودعها الله للبشر للتمييز بين الخير والشر. والله قادر في عنايته وحكمته أن يحوّل الشر إلى خير. "أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين."
سُئل أحد القديسين يومًا: كيف حالك هذا الصباح؟ أجاب: إني مُحْمَّل هذا الصباح لأنه مكتوب: "يومًا فيومًا يحمِّلنا إله خلاصنا." (مزمور 19:68) إن الله يحمِّلنا دائمًا بالبركات والنِّعَم. إن معنى البركة للإنسان هي أن يكون هو نفسه بركة. قال أحدهم: لم أرَ في مدة خدمتي الطويلة شخصًا بخيلًا في العطاء وباركه الرب بعطايا روحية (ملاخي 10:3).
سأل ملحد إنسانًا كان قبلاً سكيرًا: هل تعتقد بمعجزات الكتاب المقدس كتحويل الماء إلى خمر؟ فأجابه: "إني لا أجد صعوبة بذلك لأن المسيح حوّل في بيتي البيرة إلى سجّاد، وكراسي، وبيانو."
وهل الحرمان نعمة؟ نعم! لأن نعمان السرياني الذي حرمه الرب من الصحة، التقى بأليشع بعد أن سمع عن قوة الله الشافية من فتاة صغيرة، وحصل على الخلاص الأبدي، وتعرّف على الإله الحقيقي.
وكم من نعمة في حكمة طويت
ولــم تعـــرف بهـــا الأنـــام
رابعا: لأجل بركة الاطمئنان
جاء شاب إلى شيخ محنّك يحمل ورقة كتب عليها اللآلئ التي يجب أن تتوّج حياته، فكان منها: النجاح، والشرف، والشهرة، والزواج الموفّق. فلما قرأها الشيخ ابتسم وقال له: يا لها من قائمة عظيمة، لكنك لا تحتاج إليها بقدر ما تحتاج إلى اللؤلؤة التي نسيتها. ثم رسم له صليبًا كبيرًا بقلم أحمر وكتب تحته: "تعوزك راحة البال." نعم، لا راحة للقلب إلا في ظلال الصليب. عندئذ، مهما أحاطت بنا ذئاب ووحوش "لا تخف أيها القطيع الصغير." "بسلامة أضطجع بل أيضًا أنام." "لا يخاف قلبي." فالإيمان هو طريق الاطمئنان سواء كان في البحر الهائج أو عند قبر لعازر.
يقودنا إيمان إبراهيم في رومية 4 إلى خمس درجات: 1. سماع الوعد الإلهي. 2. التغلب على الصعاب المنظورة. 3. التقدم إلى مصادر الإمكانيات. 4. الفرح والابتهاج بالرب. 5. كمال الثقة واليقين.
بعد أن عاد البصر إلى أحدهم، أروه وردة، ثم عائلته، غير أنه صاح قائلًا: لماذا أرى هؤلاء قبل الشخص الذي استطعت به أن أراهم؟ أروني الطبيب.
وفي الختام، يمكن أن تشكر لأجل رحمة الرحمان "لأن إلى الأبد رحمته"، وفي كل الأحوال "يوصي ملائكته بك"، و"يوصي رحمته بك"، و"أسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام".