[الحكمة بنت بيتها نحتت أعمدتها السبعة.] (أمثال 1:9)
نشر الليل رداءه المبطّن بالظلام، فخرجتُ قاصدًا أن أصل إلى شاطئ نهر الحياة. وعلى ذلك الشاطئ البعيد رأيت عذراءً مسربلة برداءٍ من نور القمر جالسةً على قطعةٍ من الحجر. اقتربت منها وسألتها:
[من أنتِ؟] فرفعت إليّ عينيها وأجابتني: [أنا السعادة العائلية!] فقلت لها وكأنما أمسكت بعصفور شارد: [فلماذا أنت جالسة هنا والبشر يبحثون عنك الليل والنهار؟] فهزّت الفتاة رأسها وأجابت: [أنا لا أسكن حيث الأغاني واللهْوَ والمجون، ولكنني دائمًا في قلوب المؤمنين، لا يشتريني الذهب لأني لا أُباع بالذهب، ولا تجتذبني عظمة القصور وبهرجة العالم - لأني لست من العالم، وإذا أرَدْتَ أن تُساعد المؤمنين لكي تمتلئ بيوتهم بي، فاذهب وحدّثهم عن الأعمدة السبعة التي يبنون عليها بيوتهم، وحينما يتمّمون البناء سأسكن معهم لأعرّفهم معنى السعادة ولذّة الهناء، فإلى من ينشدون سعادة العائلة أقدّم حديثي عن الأعمدة السبعة للسعادة العائلية:
1. وجود المسيح في البيت: إن وجود المسيح في قلب الزوجين هو قلب السعادة العائلية، والعائلة التي يملأ المسيح قلوب أفرادها لا بدّ أن يملأها الفرح والسلام! كان بيت مرثا بيتًا سعيدًا لأن المسيح كان فيه؛ وحيثما يحلّ المسيح لا مكان للشجار والصوت العالي، ولا مكان لأغاني الراديو العالمية، ولا لأفلام الجنس القذرة، ولا لشتيمة الخدم والأولاد، ولا لعلب السجاير وزجاجات الخمر، بل يصبح المسيح الشافي للطفل المريض، والمعزّي عن الطفل المفقود، لأن القلب الملآن به لا بدّ أن يقول: [الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركًا.]
في ذلك البيت نرى نورًا في كل تجربة، ومنفذًا في كل ضيقة، وسلامًا في كل ألم - لأن رئيسه [رئيس السلام.] سأل طفل وهو يشير إلى الكرسي الفارغ الموضوع حول المائدة: [لمن هذا الكرسي يا ماما؟] فقالت: [هذا كرسي يسوع، فهو سيبارك لنا طعام الفطور، وسيبارككم في ذهابكم إلى المدرسة، وسيظل مبارِكًا إياكم مدى الحياة.] فابتسم الطفل وقال: [أنا أحب يسوع يا ماما.]
2. الصلاة: الصلاة هي العمود الذهبي الذي يدعم جدران البيت ويحفظه من الانهيار. عندما لـم يبنِ إبراهيم مذبحًا للرب في مصر قال لسارة: [قولي إنك أختي ليكون لي خير بسببك.] حينما تنطفئ روح الصلاة حينئذٍ يبيع الزوج زوجته بقليل من الغنم والأبقار، لكن الصلاة هي التي ولّدت الانسجام بين رفقة المرأة ذات السلطان وإسحاق رجل السلام والهدوء. صلّي أيتها الزوجة لأجل زوجك، وصلِّ أيها الزوج لأجل زوجتك. فالصلاة هي بركة الأولاد ومنبع الهناء المستديم.
اجتمعت ثلاث سيدات، فقالت الأولى: [إن زوجي دائمًا حزين، تؤلمه ذكريات الماضي ومخاوف المستقبل.] وقالت الثانية: [وزوجي عابس باستمرار فهو مشغول بمتاعب الحاضر.] وقالت الثالثة: [أما زوجي فدائمًا مسرور وعندما تحلّ التجربة أذهب أنا وهو إلى الآب ونحلّها بالصلاة.]
3. درس الكتاب: هذا هو النور الذي ينير تجارب الحياة ويغذّي عقول الأولاد فيجعلهم أولادًا لله. قال المرنم: [سراجٌ لرجلي كلامك ونور لسبيلي.] درّب عائلتك على قراءة الكتاب المقدس بمواظبة، وأَطِعْ وصايا الله كالذي قال: [فرائضك أَحْفَظ]، وسـترى كـيف تنسكب بركــات القدير ويحلّ الهناء.
4. الاشتراك العاطفي: آه لو احتفظ الزوجان بعواطف قبل الزواج. ولكن وأسفاه، يأتي الزوج ومعه فستان للزوجة، وتتنهّد الزوجة قائلة: [بكم اشتريته؟] يقول: [بمئة دولار.] فتقول: [يا سلام! دايمًا تِتْغَلَّبْ، من قالْ لَكْ أن تشتريه؟]
ويحدث الشجار، تشترى الزوجة فستانًا وتلبسه، فلا تسمع حتى كلمة مبروك، أو ما أجمل هذا الفستان!
يلبس الزوج بدلة جديدة فلا يسمع كلمة «مبروك، تعيش وتذوب.» وتمرض الزوجة، فيخرج الزوج دون أن يسأل عن صحتها أو يواسيها بكلمة. لنذكر أن الاشتراك العاطفي هو سرّ سعادة العائلة.
5. الاحتمال: [محتملين بعضكم بعضًا في المحبة.] نعم، فلا بدّ من الاحتمال، احتمال التجارب المفاجئة، واحتمال الظروف الصعبة والمؤلمة... احتمال تذمّر الزوجة وخشونة الزوج في وقت الغضب، احتمال مرض الأطفال وضيق المعيشة بصبر وفرح واطمئنان. فإذا حَمَلَ كلٌّ من الزوجين أثقال الآخر، امتلأت العائلة بالسلام.
6. الصداقة والاحترام: في الشهر الأول يكون الاحترام متبادَلًا بين الإثنين وبعد ذلك تُرفع الكِلفة ويحلّ محلها عدم المبالاة. احترمي زوجك أيتها الزوجة، كرّميه أمام الآخرين وفي البيت، وليكن هو ملككِ وتاج جمالكِ! احترم زوجتك أيها الزوج، لا تُسَفِّه آراءها ولا توبّخها أمام أولادك. لا تتهكم عليها أمام الآخرين، ولتكن هي مجدك وملكة بيتك. كونا كالأصدقاء... كلّ واحد يحدّث الآخر عن متاعبه، وأسراره، وآماله فحينئذٍ لا بدّ أن يسود السلام.
7. الحبّ المتبادل: وأي نغمة أعذب من نغمات الحب؟ الحب الذي يجعل الزوجة تقول: [حبيبي لي وأنا له.] نعم، إذا وُجد هذا الحب، لا بُدّ ان تحلّ السعادة حتى في البيوت الفقيرة. [لقمة يابسة ومعها سلامة خير من بيت ملآن ذبائح وفيه خصام.]
كُتب على قبر تشارلس كنجزلي الذي كان يضم رفاته ورفات زوجته: [أحببنا، نحبّ، سوف نحب.]
أحب يعقوب راحيل فاشتغل من أجلها السنين الطوال. وأحب إسحاق رفقة فكان يصلي من أجلها. [أيها الرجال أحبّوا نساءكم.] (أفسس 25:5)
أدْخلوا الحب في بيوتكم، فيهرب كل ألم وكل تذمّر وكلّ أنين، [فالمحبة تحتمل كل شيء وتصبر على كل شيء.]