Voice of Preaching the Gospel

vopg

من الملاحظ أن احتفالات عيد الميلاد حسب التوقيت الغربي، تبدأ في معظم الكنائس الأميركية من الأحد الأول من ديسمبر وتنتهي باحتفال الكريسماس في 25 ديسمبر. تُعدّ كل كنيسة برامج هذه الاحتفالات بطرق متنوعة، ففي بعضها تُقرأ قصة الميلاد بتسلسل تاريخي من أحد لآخر. والبعض يشعلون شموعًا، ويقدمون ترانيم ميلادية، وكنائس أخرى تقدم مسرحيات عن الميلاد، إلخ... كل هذا جيد ويذكرنا بهذه المناسبة العظيمة، ميلاد ربنا يسوع المسيح. ولكن الأجمل والأعظم من كل هذا أن نتأمّل في أحداث الميلاد ونستخلص منها الدروس والعبر لحياتنا. لذلك دعونا نتأمل في أول مشهد من الميلاد وهو بشارة الملاك جبرائيل للعذراء المطوّبة مريم، وفيه نرى ثلاثة أمور:


1- رسالة واضحة

بعد تحية الملاك المشجعة والمطمئنة لمريم، أعلن لها عن الرسالة التي يحملها وقال: "لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ." (لوقا 30:1-33)
لقد سبق وأرسل الله جبرائيل الملاك إلى زكريا الكاهن ليبشره بولادة يوحنا.
وأرسل ذات الملاك إلى يوسف النجار خطيب مريم ليطمئنه ويؤكد له براءة القديسة مريم.
وأرسل الله الملاك للرعاة ليزفّ لهم البشرى السارة بولادة المسيح المخلص، وأكّد هذه البشارة بإرسال جوقة من الملائكة لترنم: "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة."
لقد استخدم الرب الملاك جبرائيل حاملاً إلى القديسة مريم، بل إلى العالم أجمع البشارة المفرحة والخبر السار، ولادة مخلص العالم.
إن الله يختار الوسيلة أو الطريقة المناسبة، وفي الوقت المناسب ولغرض سام، ليخاطب البشر ويبلِّغهم رسالة خاصة ومحددة.
تكلم إلى مريم ويوسف والرعاة بواسطة الملاك، وتكلم إلى المجوس بواسطة النجم، وتكلم في القديم إلى بلعام بواسطة أتان، وتكلم إلى فرعون بواسطة موسى وبالضربات العشر، وتكلم إلى شعبه بواسطة موسى والناموس والأنبياء، وكلم نبوخذنصر بواسطة الرابع الشبيه بابن الآلهة، وكان يتكلم مع آخرين برؤى وأحلام.
أجل، فالله يعرف كيف يكلم كل إنسان بالأسلوب الذي يستطيع أن يفهمه ويدركه لتصل إليه رسالة الله واضحة بلا غموض. والسؤال الذي يطرح نفسه علينا: كيف يتكلم الله إلينا اليوم؟
ويأتي الجواب واضحًا في عبرانيين 1:1 "اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ." كلمنا في يسوع المسيح الكلمة المتجسد، ويكلمنا أيضًا في الكلمة المكتوبة، الكتاب المقدس، وحي الله الذي يحتوي على تعاليم عظيمة لاستقامة حياتنا، ووصايا ونصائح لتشجيعنا وتحذيرنا، ومواعيد تطمئننا، لذلك نحتاج أن ندرسها بعمق ونحفظها ونطبقها.
ويكلمنا أيضًا بالروح القدس الساكن فينا، وبالطبيعة، والخليقة التي تحدّث بمجد الله. ويكلمنا بالحوادث الجارية وباستجابة الصلاة، وبطرق أخرى كثيرة.
لكن، عندما يتكلم الله إلينا، هل نسمع صوته ونقول: تكلم يا رب، لأن عبدك سامع؟ أم نسد الآذان، ونتغافل عن صوته لانشغالنا بهموم الحياة، ومحبة العالم والأشياء التي في العالم، وتسلّط أعمال الجسد علينا؟
اسمع ما يقوله الرب لنا الآن: لقد وُلد يسوع وجاء خصيصًا لأجلك، فهل وُلد في حياتك؟ وهل قبلته مخلصًا شخصيًا لك؟

2- معجزة فريدة

نقرأ في إشعياء 14:7: "وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ." وجاء سؤال العذراء مريم: كيف يكون هذا وأنا لم أعرف رجًلا؟ ثم جاء جواب الملاك: "لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله." إنها معجزة فريدة وعجيبة ومجيدة بكل المقاييس، ولم يحدث نظير لها من قبل ولا من بعد ولن يحدث مثلها.
هناك ولادتان فريدتان وكل واحدة منهما معجزة في حد ذاتها:
أ- ولادة السيد المسيح: إنها معجزة فريدة من نوعها، فالطبيعة البشرية والعلم والمنطق يراهن أن كل ولادة لا بد وأن تكون نتاج ذكر وأنثى. أما ولادة يسوع لا ينطبق عليها هذا القانون لأنها لم تكن بفعل بشري بل بعمل الروح القدس، ولأن المولود لم يكن إنسانًا عاديًا بل الله الذي تجسد في بطن العذراء. "الروح القدس يحلّ عليك وقوة العليّ تظللكِ، فلذلك أيضًا القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله."
ب- المعجزة الثانية هي الولادة الجديدة التي تحدث في حياة الإنسان الخاطئ بعمل الروح القدس، فتتغيّر حياته تغييرًا جذريًّا. "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله، المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح." وهذه الولادة الجديدة هي معجزة لأنها تحوّل المجرم إلى قديس، والنجس إلى طاهر، والخاطئ إلى بار. إنها عمل الله في الإنسان الذي يؤمن بالمسيح الذي مات لأجل خطايانا وقام لأجل تبريرنا. فهل اختبرت هذه المعجزة في حياتك؟

3- طاعة كاملة

عندما سمعت القديسة مريم جواب الملاك لها، "لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله،" أجابت بكل خضوع وطاعة كاملة: "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك." وما أبعد الفرق بين خضوع مريم لصوت الرب، وبين هؤلاء الذين وعدهم الرب لكنهم تساءلوا وشكّوا وضحكوا! فعندما تكلم الرب إلى إبراهيم وسارة ووعدهما بإسحاق ضحكت سارة في باطنها قائلة: "أبعد فنائي يكون لي تنعّم وسيدي قد شاخ؟" (تكوين 12:18)
وعندما بشر جبرائيل الملاك زكريا الكاهن بولادة يوحنا سأل: "كيف أعلم هذا لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها؟" أخرسه الرب حتى ولادة يوحنا (لوقا 18:1-20) لأنه لم يصدق كلام الرب على فم الملاك.
أما العذراء فصدقت وآمنت وسلمت نفسها للرب بالرغم من معرفة ما سيحدث لها من انتقادات واضطهادات وماذا سيكون موقف يوسف خطيبها منها. لكنها وضعت نفسها بكل ثقة وطاعة كاملة في يد الرب الذي اختارها.
الطاعة الحقيقية للرب تجلب لنا بركات كثيرة وتحقق مواعيد الله في حياتنا. أما الشك والعصيان والتهرّب من صوت الله والتمرّد يجلب علينا اللعنات ويحرمنا من بركات كثيرة مثلما حدث مع الجندي الذي كان واقفًا عند باب الملك عندما أتى أليشع ببشارة الفرج للسامرة، فقال الجندي: "هوذا الرب يصنع كوى في السماء! هل يكون هذا الأمر؟ فقال (أليشع): إنك ترى بعينيك، ولكن لا تأكل منه." (2ملوك 2:7) وهكذا حدث له.
يوجد في الطاعة بركة وقوة، ويوجد في العصيان والشك خسارة ولعنة. لقد خسر شاول الملك المملكة بطاعته الناقصة، فمزّق الرب مملكته. "هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة، والإصغاء أفضل من شحم الكباش. لأن التمرّد كخطية العرافة، والعناد كالوثن والترافيم. لأنك رفضت كلام الرب رفضك الرب من الملك." (1صموئيل 22:15 و23)
أقول في الختام إن المشهد الأول من ميلاد ربنا يسوع هو مشهد البشارة العظمى للقديسة مريم، الذي رأينا فيه رسالة الله الواضحة لها عن ولادة يسوع المعجزة الفريدة، وطاعة مريم الكاملة وتصديقها لهذه الرسالة وقبولها بكل تواضع. فتحققت المعجزة بواسطتها.
هل تخضع لصوت الرب فتتحقق فيك مواعيده ويصنع بك معجزات؟
من له أذن للسمع فليسمع.

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

119 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472160