Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور صموئيل عبد الشهيدفي رحلتي الأخيرة إلى مدينة ويتشتا لحضور مؤتمر للأحباء العرب شاهدت لافتة كبيرة كُتب عليها: "انتخبوا يسوع المسيح." ولأول وهلة لم تثرْ هذه العبارة اهتمامي إذ كنت مستغرقًا في التفكير بالموعظة التي عليّ أن ألقيها في المؤتمر. ولكنني، بعد فترة قصيرة، وجدت نفسي، عن غير وعيٍ مني، أردّد كلمات هذه العبارة التي انطبعت في ذهني، وأتأمّل في مضمونها وما يمكن أن يترتّب عليها من نتائج باهرة تغيّر وجه التاريخ البشري.

السؤال الأول الذي طرأ على خاطري هو: أي انقلاب هائل يمكن أن يحدث لو أنّ جميع دول هذا العالم على اختلاف سياساتها، وعقائدها، وظروفها الاقتصادية وحضاراتها وتقاليدها قد أجمعت على انتخاب الرب يسوع المسيح رئيسًا لها؟ ثم شرعت أتأمّل في التحوّل العجائبي الذي يصبح عليه عالمنا الضائع الحائر المرتبك.
والواقع المثير أن هذه الفكرة التي بدت لي في بادئ الأمر كالحلم الذهبي في خيال نائم هي في جوهرها الحصيلة الحتمية التي أشار إليها الكتاب، بل هي الخاتمة التي أنبأ عنها الوحي الإلهي عندما قال:
"لذلك رفّعه الله أيْضًا، وأعْطاه اسْمًا فوْق كلّ اسْمٍ لكيْ تجْثو باسْم يسوع كلّ ركْبةٍ ممّنْ في السّماء ومنْ على الأرْض ومنْ تحْت الأرْض، ويعْترف كلّ لسانٍ أنّ يسوع الْمسيح هو ربٌّ لمجْد الله الآب." (فيلبي 9:2-11)
وفي لحظة تبيّن لي أنّ ما أحلم به هو ليست فكرة طارئة أو وهمًا، وإنما هو حقيقة ثابتة لا بدّ أن تتحقّق طبقًا لمواعيد الله الصادقة والأمينة. ولكن، لماذا لا يمكن لهذه النبوّة أن تتمّ إلا بالرب يسوع المسيح؟
إن الكتاب المقدس لا يتركنا حيارى قط إذ يقول: "فلْيكنْ فيكمْ هذا الْفكْر الّذي في الْمسيح يسوع أيْضًا: الّذي إذْ كان في صورة الله، لمْ يحْسبْ خلْسةً أنْ يكون معادلاً لله. لكنّه أخْلى نفْسه، آخذًا صورة عبْدٍ، صائرًا في شبْه النّاس. وإذْ وجد في الْهيْئة كإنْسانٍ، وضع نفْسه وأطاع حتّى الْموْت موْت الصّليب." (فيلبي 5:2-8)
ولا تنتهي القصة هنا بل إن القارئ يجد في الأصحاحات الأخيرة من سفر الرؤيا، ولا سيما ما ورد في 11:19-21 صورة حيّة عن غلبة الراكب على الفرس الأبيض الذي ستخضع له كل المسكونة، وترفّ أعلامه عالية في جميع أرجاء الكون، ويتحوّل الوجود بأكمله إلى فردوس أبدي هو الوطن الحقيقي لجميع المؤمنين بالمسيح الذين أصبحوا ورثة للملكوت الإلهي، أي المفديين بدم المسيح.
بيد أن صورة مصغّرة لمثل هذا الملكوت قد ابتدأت حقًا منذ أن تجسّد المسيح كابن الإنسان وحمل للإنسانية رسالة الفداء والخلاص. فالمسيح في مجيئه الأول أزال الحجاب الفاصل بين الإنسان والله، ومزّقه وأصبحت أبواب السماء مشرّعة لكل من يؤمن به قلبًا وقالبًا. ومن ثمّ أضحى صليب العار رمزًا للعزّة، والجلال، والمحبة، والسبيل الأوحد للحظوة بالحياة الأبدية. وهذه عملية إنقاذ عجزت عنها جميع أديان العالم، بل جميع الأنبياء الذين ظهروا على المسرح البشري، ابتدأ من أول نبي في العهد القديم انتدبه الله ليعلن للناس طريق خلاصه إلى زمننا الحاضر. وعندما جاء فادي البشرية تمت فيه جميع النبوءات، وأعلنت السماء أنه "ليس بأحد غيره الخلاص،" إذ على الصليب استوفى الآب السماوي بالمسيح ديون الخطيئة، بل أكثر من ذلك، تحقق بفضل موت المسيح وقيامته، النصر على الموت، والخطيئة وإبليس.
وهنا يأتي دور الإنسان الذي خلقه الله على صورته ومثاله. لقد صُلب المسيح من أجل فداء هذا الإنسان، وتخلّى عن جميع أمجاده طوعًا واختيارًا إعرابًا عن محبته لمخلوقه الفريد، وتحمّل عنه ديون خطاياه وعقوباتها؛ أكمل الخطة الإلهية ونفّذها بدقة متناهية. فتح أبواب الرجاء التي أغلقتها آثام الناس، فأشرقت شمس البرّ على كل قلب اختار أن يؤمن به وأعلن ولاءه له. وفي وسع المسيح لو ظهر بيننا في أثناء سنة الانتخابات هذه أن يقدم لنا لائحة لا نظير لها لإنجازاته التي قام بها في سبيل خير المنتخبين روحيًا وجسديًا، إنجازات يعجز القيام بها أي مرشّح على وجه هذه البسيطة، وهي إنجازات تتجلّى بأروع صورها على الأرض وتستمرّ بكل عظمتها وسلطانها في الأبدية.
وهنا لا بدّ لي أن أومئ إلى أن الرب يسوع المسيح قد أعلن بصريح العبارة أن ملكوت الله يبدأ على الأرض في حياة الإنسان المؤمن لأن ملكوت الله قائم في قلب كل مؤمن منذ اللحظة التي ينطوي تحت لواء ربه وفاديه يسوع المسيح، لأنه حيث يحلّ الروح القدس يحلّ ملكوت الله، إذ أن قلوبنا وأجسادنا هي هياكل لروح الله القدوس.
والآن يواجهنا السؤال الخطير والأهم في حياة كل إنسان: كيف يبدأ ملكوت الله على الأرض قبل مجيء المسيح الثاني ملكًا مظفّرًا وأبديًا؟
الجواب على ذلك عندما يملك على قلبك أولاً.
أقول هذا لأننا نقف على أبواب عام جديد يحفل بالمجهول والغموض، ويشعر كثيرون منا بالقلق والحيرة لِمَ يضمره لنا الغد، ولا سيما أننا نعيش في عالم مضطرب تتألّب فيه قوى الشرّ لتقضي على كل ما هو خير، وترفع فوق رؤوسها ألوية إبليس الذي يكافح بكل عنف للاحتفاظ بمملكته التي بات زوالها وشيكًا؛ في مثل هذه الأحوال، وفي مطلع هذا العالم الجديد، بل في هذا اليوم بالذات، علينا أن نتّخذ موقفًا صريحًا في علاقتنا مع الله، فإما أن نكون ننتمي إلى ملكوت الله ونحن ما زلنا أحياء على الأرض قبل فوات الأوان، أو ننضمّ إلى جيوش أفظع إرهابي عرفه التاريخ منذ الخلق الأول.
والحق يُقال أن ملكوت الله يبدأ بالفرد تمامًا كما تعتمد الانتخابات على الفرد، والفارق أن ملكوت الله يستوطن بصورة مصغّرة في قلب كل مؤمن في انتظار يوم مجيء رب المجد حيث يجتمع أبناء الله المؤمنون في الملكوت الأشمل.

المجموعة: كانون الثاني (يناير) 2017

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

238 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10471865