[في آخر الأيام يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحًا مضلة وتعاليم شياطين.] ولقد بدأ هذا المشهد في جنة عدن وما زال مستمرًا. إن القوة الشريرة المضادة للخير، والحب، والجمال، وسموّ الأخلاق، والديّن الصحيح تعمل كل يوم لتدمّر ما تبقّى في الإنسانية من الجانب المضيء في الخليقة. لقد قيل إن صحة البدن تتوقّف على صحة الروح، وقوة الحق هي مصدر الصحة البدنية ولا تخلو خلية من أنسجة الجسم الإنساني من تأثير الروح فيها. هنا نسأل: من هو الشيطان؟
أولاً: متدين
إن الشيطان هو أحد خلائق الله ويعرف كيف يستخدم الكتاب المقدس (متى 1:11-4). أخذ أحدهم يبرهن على أن الناس لا روح لهم، وكان جمهور السامعين صامتين إلى أن اعترضته سيدة قائلة: يظهر لي أنك تستخدم مواهبك الكبيرة لتبرهن على أنك حيوان. إن الله [جابل روح الإنسان في داخله.] (زكريا 1:12) وهو [إله أرواح جميع البشر.] (عدد 16:27) لكن في السقوط تغيرت الأوضاع. صار آدم [نفسًا حية] شاعرًا بنفسه وله عقله وإرادته إلى أن تدخّل إبليس الكذاب وأبو كل كذاب، وخدمت النفس الجسد بدلاً عن الروح فسقط الإنسان. هل تعلم أن كلمة نفخة في قوله: [وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسًا حية.] (تكوين 7:2) وردت بمعنى [نفخ] أي [أعطى] إلى أن [ترجع الروح إلى الله الذي أعطاها.] (جامعة 7:12)
ثانيًا: مجرّب
في الأصحاح السادس من رسالة أفسس ثلاثة أسلحة شيطانية: الأولى [مصارعات إبليس] وتتضمن الشدائد والضيقات والاضطهادات والخسائر، ويليها [سهام الشرير الملتهبة] في صورة أفكار شريرة وتجديف وهموم ويأس. والثالثة [مكايد إبليس] التي نلاحظ فيها خداعه وتقديم نصائحه ودقته. قد يكون الهدف إفساد العقيدة أو الكبرياء الروحية أو خطية أخلاقية. أراد صياد ماهر أن يصطاد طيرًا من أسرع أنواع الطيور، فوضع له طعامًا بكثرة حتى امتلأ بطنه وثقل جسمه فاصطاده بسهولة. لما انتصر أثناسيوس الرسولي على الآريوسيين في إنكارهم أزلية لاهوت المسيح، جاءوا بامرأة تتهمه بفضّ بكوريتها. عقد مجمع للتحقيق بعد عشر سنوات في مدينة صور للتحقيق في هذه التهمة. في تلك اللحظة هب تلميذه تيموثاوس الذي صار بطريركًا فيما بعد وسألها: أصحيح أنني جئت إليك أنا بنفسي؟ فأجابته على الفور: نعم، أنت بعينيك اللتين جنّنتاني. ضحك المجمع وظهر الحق.
ثالثًا: مخرّب
إذًا، كيف يدمّر الشيطان حياة الناس؟ إنه يدفعنا على إنجاز عمل بلا روية، أو تعذيب النفس الحساسة عند الوقوع في الخطأ كما وكان لا غفران لها. كما يجعل أغلاط الآخرين تؤثر علينا مما يسبب لنا الجفاف الروحي. إن تراكم الأثقال على النفس قد يؤدي إلى اليأس أيضًا. [أننا تثقّلنا جدًا فوق الطاقة، حتى أيسنا من الحياة أيضًا.] (2كورنثوس 8:1) كما أن الاستعجال بالتعهدات والمبالغة في تقدير النفس قد يفقد القدرة على التحمّل والوفاء. قال لوثر: حدث مرة أن جاءني الشيطان وقال: يا مارتن، إنك خاطئ كبير وستهلك. فأجابه لوثر: إنه مع كوني خاطئ كبير، لكنني لن أهلك لأن يسوع المسيح قد جاء ليخلص الخطاة. لذلك فأنا سأخلص بموت صليبه ودمه الكفاري [الذي فيه لنا الفداء بدمه، غفران الخطايا.]
رابعًا: متسلط
أين تجد الأرواح الشريرة الآن؟ بعض الأرواح الشريرة الآن هي في سلاسل الظلام (2بطرس 4:2) والبقية في الهواء المحيط بنا (أفسس 2:2؛ رؤيا 13-15 و3:18)، وعملها أن تسقط الإنسان في الخطية (كولوسي 4 وأفسس 2 و6) وقد يسكنونه. أما المؤمن فلا قوة لها عليه (رؤيا 9:5 و13-14). إن هذه الأرواح تقلّد عمل الله كما قلده سيمون الساحر، لكن لنحذر من الارتداد لأن الشيطان قد يرجع إلى بيته فيجده مكنوسًا (من النعمة) ومزيّنًا (بالزينة التي يحبها هو من شرور ومفاسد) فيأخذ سبعة أرواح أخر أشرّ منه لتسكن معه فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله (لوقا 24:11-26). لذلك لنحذّر الذين نخرج منهم الشياطين كي لا يرجعوا لاقتراف الخطية لئلا يصير لهم أشرّ مما كانوا عليه وأن يواظبوا على وسائط النعمة. إنها لا تجرّب أولاد الله إلا بإذن منه (أيوب 2:1) وهو يحدد لها مقدار التجربة ومدتها و[الشيطان نفسه يغيّر هيئته إلى [شبه ملاك نور] أو ينتحل شبه شخصية صموئيل وملابسه. لذلك يجب ألا نضع أنفسنا في يد الشيطان ليعلن لنا أفكاره ويلعب بعواطفنا ويقسي قلوبنا ضدّ حقّ الله.
خامسًا: مخادع
إن الشيطان يستخدم أنواعًا من الأساليب يخدع بها الناس مثل تصوير الشر خيرًا والخطية طريقًا للسعادة، أو تصوير أنفسنا على غير حقيقتها كيهوذا في صورة تلميذ (لوقا 3:22)، أو جرّ الناس إلى اتحادات تضرهم تحت شعارات برّاقة كما في الزواج، أو يزيّف الصورة التي خلقها الله على مثاله لأغراض جسدية، أو يفسد الضمائر والقلوب. قد خدع يعقوب أباه إسحاق وأخذ منه البركة، وخدع لابان خاله في أمر الغنم والمواشي، ورضي بسرقة راحيل أصنام أبيها إلى أن رأى شره عند مخاضة يبّوق فغيّره الرب من المتعقّب إلى أمير الله. كما أنه يغيّر نفسه إلى شبه ملاك نور (2كورنثوس 14:11)، لكي يسمع المرء الكلمة ولا يعمل بها (يعقوب 22:1)، أو يظن أنه شيء بينما هو لا شيء (غلاطية 3:6)، أو يقول إنه بلا خطية (1يوحنا 8:1)، أو يظن أنه حكيم هذا الدهر (1كورنثوس 18:3)، أو إنه متديّن وهو لا يلجم لسانه (يعقوب 26:1)، أو إن التهاون مع الشر لا يؤذيه [لا تضلوا فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة." قال بطرس لحنانيا: "لماذا ملأ الشيطان قلبك؟" وقد يملأ كنيسة فتصبح [مجمع الشيطان.] (رؤيا 9:2)
سادسًا: مضلل
لماذا سمح الله أن يسجل الوحي مسألة مناجاة الأرواح في (صموئيل 28؟ لأنه أراد أن يعلمنا أنه لا يتكلم مع رافضيه الذين يستخدمون طرقًا ملتوية خاطئة، أو أنه يسمح بأن تكون أرواح الأبرار تحت سلطان العرافات حتى لو ظهر الشيطان بشكل صموئيل النبي. إن الخطاة يعيشون في أرض السكوت، أي النوم الكلي للأرواح، أما المؤمن فيرقد لينام حتى الانطلاق الأبدي. إن لعالم الأرواح ثلاثة أمكنة، أعلاها هو الفردوس مقرّ أرواح الأبرار المؤقت، ومكان أسفل السجن مقرّ عذاب أرواح الأشرار المؤقت أيضًا. ثم مكان متوسط خال من الأرواح البشرية تغدو وتروح فيه الشياطين [أجناد الشر الروح ية في السماويات.] (أفسس 12:6) لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ]أي أرواح الأبرار في الفردوس بعد الاختطاف[، ومن على الأرض أثناء الملك الألفي، ثم الأرض الجديدة الأبدية وما بعدها. ثم أرواح من تحت الأرض (فيلبي 10:2)، أي أرواح الأشرار في السجن الآن التي ستطرح في بحيرة النار مع الشياطين.
سابعًا: مهزوم
صحيح أن بولس قال وهو تحت الناموس: [لست أفعل ما أريده، بل ما أبغضه فإياه أفعل]، لكن عندما أدركته النعمة قال: [أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني.] وقال عن الرب: [لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة.] إن إرادة الشيطان هي لضررنا مهما أغوانا أو وعدنا، لذلك يقول الوحي: [قاوموا إبليس فيهرب منكم.] [لأنّ زمان الحياة الّذي مضى يكفينا لنكون قد عملنا إرادة الأمم] التي هي إرادة الشيطان[.] (1بطرس 3:4؛ وأفسس 1:2-2)
قال الدكتور كارل هيم الأستاذ بجامعة توبنجن بألمانيا: [إن كل تاريخ العالم كائن في قبضة الله... لذلك كل ما يصادمني أو يصادفني في يومي أو غدي، لا أبحث فيه عن علته بل أعلم أن مرجعه هو إرادة الله لخيري.] أخيرًا، يعرض عليك المسيح هذه الحريات الأربع عشر، فهل تقبلها؟
حرية من الخوف، والخطية، والشك، وحرية من الهزيمة أمام التجربة واليأس والحزن، وحرية من الفشل الروحي والضمير المشتكي والهم، وحرية من الفتور الروحي والضعف وسلطان الشيطان، وحرية من الموت الأبدي وجهنم. [فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا.]