لا شك في أن الخطية الشائعة بين معظم المسيحيين هي أنهم لا يعطون الله "المكان الأول" في حياتهم. إن هؤلاء المسيحيين يؤمنون بالرب يسوع، ويؤمنون بالكتاب المقدس، ولكنهم لا يعطون الله المكان الأول، والله يطالبنا بأن نعطيه المكان الأول في حياتنا ليعطينا كل البركات الموجودة في مخازنه لنا.
"اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم." (متى 33:6)
أعطوا الله المكان الأول في قلوبكم
هذا ما يطلبه الله من أبنائه في سفر الأمثال: "يا ابني أعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي." (أمثال 26:23)
إن الله لا يمكن أن يرضى بالسكنى في قلب مشغول بآلهة أخرى! ونحن نرى هذا الحق في سفر صموئيل الأول في هذه الآيات: "فأخذ الْفلسْطينيّون تابوت الله وأتوْا به منْ حجر الْمعونة إلى أشْدود. وأخذ الْفلسْطينيّون تابوت الله وأدْخلوه إلى بيْت داجون، وأقاموه بقرْب داجون. وبكّر الأشْدوديّون في الْغد وإذا بداجون ساقطٌ على وجْهه إلى الأرْض أمام تابوت الرّبّ، فأخذوا داجون وأقاموه في مكانه. وبكّروا صباحًا في الْغد وإذا بداجون ساقطٌ على وجْهه على الأرْض أمام تابوت الرّبّ، ورأْس داجون ويداه مقْطوعةٌ على الْعتبة. بقي بدن السّمكة فقطْ." (1صموئيل 1:5-4)
والصورة ترينا أن الله لا يقبل أن يسكن معه آلهة أخرى، لأنه يطلب المكان الأول في القلب، ولذا قال يعقوب لبيته ولكل من كان معه: "اعزلوا الآلهة الغريبة التي بينكم وتطهروا وأبدلوا ثيابكم. ولنقم ونصعد إلى بيت إيل، فأصنع هناك مذبحًا لله." (تكوين 2:25-3)
فتعال الآن إلى محضر الله وقل له: "اختبرني يا الله واعرف قلبي. امْتحنّي واعْرفْ أفْكاري. وانْظرْ إنْ كان فيّ طريقٌ باطلٌ، واهْدني طريقًا أبديًّا." (مزمور 23:139-24)
ولنذكر أننا إذا أعطينا القلب للرب، فمعنى ذلك أننا نعطيه العواطف، والإرادة، والعقل، لأن القلب هو مركز كل هذه المشاعر والقوى والأحاسيس، وجدير بنا أن نعرف أن الله لا يقتحم القلب عنوة وإنما يطلب إلينا أن نفتحه بإرادتنا ليدخل ويتربّع على عرشه. "هنذا واقفٌ على الْباب وأقْرع. إنْ سمع أحدٌ صوْتي وفتح الْباب، أدْخل إليْه وأتعشّى معه وهو معي." (رؤيا 20:3)
اعتاد أحد خدام الله الأتقياء أن يقول: "إن قلب المؤمن كقصر خاص لا يدخله أحد إلا بإذن صاحبه، أما قلب الخاطئ فهو كالفندق العام يدخله كل من يدفع الأجرة." إن قلب الخاطئ ملآن بالحقد، والحسد، ومحبة المال، والرياء، والخداع. أما قلب المؤمن فيملأه شخص المسيح الكريم. فهل تعطي الله المكان الأول في قلبك لتتم فيك الكلمة المكتوبة "ليحلّ المسيح بالإيمان في قلوبكم"؟
أعطوا الله المكان الأول في بيوتكم
ما هي حالة بيوتنا اليوم؟ أين هو مكان الله فيها؟
في بيوتنا اليوم آلهة غريبة أولها "التلفزيون"، الذي أكل روحانية الكثيرين، وأنساهم الاجتماعات الروحية ودرس الكتاب المقدس، والصلاة. بل أكثر من ذلك أفسد الأولاد والبنات الصغار.
قال لي أستاذ في مدرسة ثانوية: كم ندمت لأنني اشتريت التلفزيون، لقد أكل وقت أولادي الصغار، وعلمهم الكثير مما يجب أن لا يتعلّموه.
وهناك آلهة غير التلفزيون. آلهة سيطرت على الحياة تمامًا... وكل بيت له إلهه المعظم الذي يتعبّد له. والله يطالب شعبه اليوم: أعطوني المكان الأول في بيوتكم.
قال يشوع للشعب بلغة صريحة: "وأما أنا وبيتي فنعبد الرب." (يشوع 15:24)
ولقد اتّخذ يشوع هذا القرار، كقرار شخصي، لا يعتمد على حال الشعب الذي يحيط به، لقد اختار لبيته أن يعبد الله. فهل أنت كرجل وكرأس لبيتك اخترت لبيتك عبادة الله؟
إن البيت الذي يعبد الرب يتميّز بالمذبح العائلي الذي يجتمع حوله أفراد الأسرة ليتحدّثوا إلى الله حديث القلب للقلب، فيصبح الله حقيقة حية في البيت وملجأ لكل أفراده.
والبيت الذي يعبد الرب يتميّز بالكتاب المفتوح كما يقول بولس لتيموثاوس: "وأنّك منْذ الطّفوليّة تعْرف الْكتب الْمقدّسة، الْقادرة أنْ تحكّمك للْخلاص، بالإيمان." من أين جاءت لتيموثاوس هذه المعرفة؟ "أتذكّر الإيمان الْعديم الرّياء الّذي فيك، الّذي سكن أوّلاً في جدّتك لوْئيس وأمّك أفْنيكي."
والبيت الذي يعبد الرب يتميّز بوجود المسيح فيه، والبيت الذي يشعر أفراده أن يسوع موجود فيه لا يضع صور الراقصات العاريات، ولا يقتني الروايات الرديئة المفسدة للشباب، لأن شعار كل واحد هو "أسلك بكمال قلب في وسط بيتي."
كتبت إحدى المؤمنات هذا الشعار الجميل ووضعته على جدار غرفة الاستقبال: "يسوع هو الضيف غير المنظور في هذا البيت. يسمع كل حديث، ويراقب كل حركة، ويبارك كل خطوة، وينقذ من كل تجربة، فانتبه لوجوده." إن بيتًا كهذا لن يستمر فيه شجار، ولن يسمع فيه كلمة نابية، فلأجل خاطر أولادك وبناتك أعطِ الله المكان الأول في بيتك.
أعطوا الله المكان الأول في أموالكم
قال إيليا للمرأة الأرملة: "اعملي لي... كعكة صغيرة أولاً... ثم اعملي لك ولابنك أخيرًا." (1ملوك 13:17) وعندما وضعت المرأة الرب أولاً قال لها: "هكذا قال الرّبّ إله إسْرائيل: إنّ كوّار الدّقيق لا يفْرغ، وكوز الزّيْت لا ينْقص، إلى الْيوْم الّذي فيه يعْطي الرّبّ مطرًا على وجْه الأرْض." (1ملوك 14:17) لقد عملت لرجل الله الكعكة الأولى الصغيرة، ولكنها عملت لابنها ولنفسها كعكة كبيرة من المخازن التي لا تفرغ. فالذي يعطي لله يربح ولا يخسر.
اسمع ما يقوله صاحب الأمثال: "أكْرم الرّبّ منْ مالك ومنْ كلّ باكورات غلّتك، فتمْتلئ خزائنك شبْعًا، وتفيض معاصرك مسْطارًا." (أمثال 9:3-10)
جلس الفلاح يعدّ لله نصيبه من أكوام البطاطس، فكان يعدّ 9 حبات لنفسه وواحدة لله. ولما انتهى وجد أن كومته أكبر 9 مرات من كومة الرب، فركع على ركبتيه قائلاً: يا سيد، مع أنك أنت الذي تنمي الزرع، لكن ما أكثر جودك وكرمك! ترضى لنا أن نأخذ لأنفسنا تسع أكوام ونعطيك كومة واحدة. فيا لك من إله جواد طيب وكريم!
أعطِ لله عشورك كاملة، واقرأ البركات التي لك لو عملت ذلك في سفر ملاخي 7:3-12.
أعطوا الله المكان الأول في برنامج حياتكم
حين ترتّب برنامج حياتك بدون الله، يهدمه الله.
قال الرجل الغني الذي أخصبت كورته: "ماذا أعْمل، لأنْ ليْس لي موْضعٌ أجْمع فيه أثْماري؟ وقال: أعْمل هذا: أهْدم مخازني وأبْني أعْظم، وأجْمع هناك جميع غّلاتي وخيْراتي، وأقول لنفْسي: يا نفْس لك خيْراتٌ كثيرةٌ، موْضوعةٌ لسنين كثيرةٍ. اسْتريحي وكلي واشْربي وافْرحي!" لم يعمل لله حسابًا، ولم يعطه مكانًا. لم يفكر في واهب العطايا ليشكره ولا في الفقراء ليعطيهم مما أعطاه الله. ولم يقدّم مشيئة الله. بل فكّر في نفسه. كان رجلاً أنانيًا، ورتب برنامجه على اعتبار أنه صاحب كل شيء، ومدبّر كل شيء، ولم يعطِ لله المكان الأول في حياته، لذلك قال له الله: "يا غبيّ! هذه اللّيْلة تطْلب نفْسك منْك، فهذه الّتي أعْددْتها لمنْ تكون؟" (لوقا 21:12) وهكذا انتهى برنامج الرجل في لحظة ومضى إلى الهاوية السفلى.
فهل تعطي الله المكان الأول في قلبك، وبيتك، ومالك، وبرنامج حياتك. إنه عندئذ يعطيك المكان الأول.
قديمًا طلبت الملكة فكتوريا ملكة إنكلترا من أحد اللوردات أن يذهب إلى الهند في مهمة خاصة بالدولة، وكان الرجل يملك ضيعة في جوار لندن خاف إن هو تركها أن تفسد وتذبل مزروعاتها، فلما أفصح للملكة عن مخاوفه قالت له: هل تظن أنك تذهب إلى الهند لأجل بلادك ولا ترعى الملكة ممتلكاتك؟
وذهب الرجل إلى الهند وعاد ليجد ضيعته أكثر نموًّا وازدهارًا مما كانت.
فاطلب أولاً ملكوت الله وبره... والله من جوده وعنايته وكرمه سيعتني بك في كل دائرة من دوائر حياتك.