الكتاب المقدس مليء بتاريخ صادق وأمين. لم يتستّر على خطايا إبراهيم وداود وموسى - أعظم أنبياء العهد القديم وأطهرها - بل تعامل مع الجميع دون محاباة أو خداع، وبيّن خطايا الشعب القديم الذي انحدر إلى هاوية الفساد وارتكب الشر أكثر من الأمم الذين طردهم الرب من أمامهم (2أخبار 9:33؛ 2ملوك 7:17-23)، وسجل لنا العقاب الذي أوقعه الله بهم.
ورغم هذا التاريخ المظلم الموغل في الشر، اختار الله أنبياء أعلنوا ما يجب أن تكون عليه حالة عبيده. فمن إشعياء إلى ملاخي نرى صورًا نبوية لعهد النعمة وسيادة الإنجيل الذي جاء بالخلاص الكامل للجنس البشري عن طريق الرب يسوع المسيح. نشهد كل هذا في الجزء الأول من الكتاب المقدس الذي هو العهد القديم. نرى فيه الخلاص انتظارًا وتطلعًا ونبوءة ورموزًا، أما في العهد الجديد ففيه الخلاص تحقيقًا وواقعًا وإتمامًا وليس ثمة تناقض أو اختلاف بينهما. فلقد كان الرسل في كل مواعظهم يستشهدون بنبوءات العهد القديم: "بل هذا ما قيل في يوئيل... لأن داود سبق فرأى... تكلم عن قيامة المسيح..." وإلى غير ذلك من الأقوال التي استشهد بها الرسل وتحققت في حوادث الصلب والقيامة التي أُعلن الخلاص بهما، مما يؤكد أن الصلب لم يكن حدثًا طارئًا بل خطة إلهية مدبرة من قبل تأسيس العالم (1بطرس 18:1-20).
وحين دوَّنت البشائر الأربعة - أي الأناجيل - قصة حياة المسيح على الأرض، ولا سيما حوادث موته وقيامته، لم تتوقّف عند ما سبق وقاله الأنبياء عن المسيح، بل كانوا يسجلون الأقوال نفسها بكل أمانة وإخلاص.
وبعد هذا شهد الرسل عما شاهدوه فعلاً في حياة المسيح فأصبحوا شهودًا له، وقد أخلصوا فيما ذكروه، ودفعوا حياتهم ثمنًا لشهادتهم. ولم يكن الأمر تعصبًا للمسيح إنما تقديرًا لما عمله المسيح لخلاص البشر. فهو الذي "أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا." "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا." ولما قام المسيح من بين الأموات أوضح للتلاميذ ما كتبه عنه الأنبياء (لوقا 44:24-48).
ثم يتحدث العهد الجديد أيضًا عن أشياء مستقبلية بخصوص قيام أنبياء كذبة، ومجيء ضد المسيح، والاختطاف، والضيقة العظيمة، والدينونة، وهلاك الأشرار، ومكافأة الأبرار.
وكذلك ذكر العهد القديم هذه الأمور في سفر المزامير والأسفار النبوية التي تحدثت عن آلام المسيح والأمجاد التي بعدها. إلا أن اليهود لم يفهموا...
فالكتاب المقدس كتاب واحد، له موضوع واحد هو الخلاص الذي بربنا يسوع المسيح.