Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ شكري حبيبيمن النصوص الكتابية التي تستحوذ دائمًا على انتباهي وإعجابي، هو اللقاء الذي تمّ بين تلميذي عمواس والرب يسوع المسيح بعد قيامته المجيدة. هذا اللقاء الذي كشف لنا الكثير من الحقائق المسيحية الهامة. والذي يُلخّص لنا بنفس الوقت المفهوم الصحيح للعهد الجديد، بالمقارنة مع المفهوم الخاطئ للعهد القديم الذي كان سائدًا في أيام الرب يسوع المسيح.

دوّن لنا البشير لوقا تفاصيل هذا اللقاء في الأصحاح الرابع والعشرين من بشارته، ابتداء من العدد 13 وإلى نهاية العدد 26. فأخبرنا كيف أن اثنين من تلاميذ المسيح، كانا في طريقهما إلى بلدة عمواس، يوم قيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات، حيث اقترب منهما الرب يسوع نفسه، دون أن يعرفاه. ويهمنا من هذا اللقاء هو قول تلميذي عمواس عن المسيح الذي صُلب ومات: "ونحن كنّا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل." (لوقا 21:24)
وأضافا أن بعض النساء منّا حيرننا، لأن ملائكة أخبروهنّ إنه حي. وهنا أجابهما الرب يسوع قائلًا: "‘أيُّها الغبيّان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلّم به الأنبياء! أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟’ ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسّر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب." (لوقا 25:24-27)
سأركّز في مقالتي اليوم عن رجاء تلميذي عمواس بأن المسيح سيفدي أو ينقذ إسرائيل، بالمقارنة مع تأكيد الرب يسوع المسيح لهما عن ضرورة موته وقيامته ودخوله إلى مجده. فهل هناك من علاقة بين الأمرين؟ قد يبدو للوهلة الأولى أن لا علاقة بينهما، لكن الحقيقة هي أنهما يرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا. كان يعني فداء إسرائيل بالنسبة لليهود، أن المسيح عندما يأتي سيحرر إسرائيل من الأعداء، ويعيد بناء المملكة، ويجلس على كرسي داود. أي يصبح هو الملك الموعود به الذي يحقق لهم أمانيهم بالراحة والسلام والازدهار. وكأن المسيح أراد بإجابته أن يقول لتلميذي عمواس لقد حققت رجاءكم بفداء إسرائيل ولكن بطريقة لم تكونا تتوقعانها.
لو عُدنا إلى إنجيل لوقا لوجدنا في بشارة الملاك للعذراء مريم، أول إشارة في العهد الجديد تتحدث عن جلوس المسيح على كرسي داود ومُلكه على بيت يعقوب إلى الأبد "هذا يكون عظيمًا، وابن العليّ يُدعى، ويعطيه الرّب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية." (لوقا 32:1-33) وأثناء محاكمة الرب يسوع المسيح أمام قيافا رئيس الكهنة، نرى صورة أخرى، إذ صرّح المسيح له قائلًا: "من الآن تُبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوّة، وآتيًا على سحاب السماء." (متى 64:26)
كان الرسول بطرس هو أول من كشف لنا وبكل وضوح كيف ومتى جلس المسيح على كرسي داود. عندما اقتبس بالروح القدس ما جاء في مزمور 8:16-11 للنبي داود الذي يقول: "... لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيّك يرى فسادًا." فقال: "فإذ كان نبيًّا، (أي داود) وعلم أن الله حلف له بقسمٍ أنه من ثمرة صُلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيّه، سبق فرأى وتكلّم عن قيامة المسيح." (أعمال 30:2-31) إذًا لقد جلس المسيح على كرسي داود بقيامته من بين الأموات. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ بل تابع الرسول بطرس شارحًا معنى جلوس المسيح على كرسي داود، فاقتبس من المزمور 110: "قال الرّب لربّي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك." (أعمال 34:2-35) وهنا علّق الرسول بطرس قائلًا: "فليعلم يقينًا جميع بيت إسرائيل أنّ الله جعل يسوع هذا، الذي صلبتموه أنتم، ربًا ومسيحًا." (أعمال 36:2) أي إن الله جعل المسيح ربًّا ومسيحًا، عندما أجلسه عن يمينه في مركز القوة والسلطان. وبحسب تعبير المسيح نفسه إلى تلميذَي عمواس، أنه دخل إلى مجده. فهو الملك المسيح الموعود به في كتب العهد القديم.
وبنفس المعنى تحدّث الرسول بولس لليهود في مجمع مدينة أنطاكية بيسيدية، مقتبسًا من المزمور الثاني، عن قيامة المسيح من بين الأموات. وأضاف: فهكذا قال: "إني سأعطيكم مراحم داود الصادقة." (أعمال 34:13) ولو عُدنا إلى العهد القديم، وخاصة إلى نبوءة النبي إشعياء 3:55-4 التي تقول: "أميلوا آذانكم وهلمّوا إليّ. اسمعوا فتحيا أنفسكم. وأقطع لكم عهدًا أبديًا، مراحم داود الصادقة. هوذا قد جعلته شارعًا للشعوب، رئيسًا وموصيًا للشعوب" لوجدنا أن مراحم داود الصادقة تعني: وعد الله للملك داود أنه سيأتي من نسله من يجلس على كرسيّه، وأن الله سيثبّت مملكته إلى الأبد. "متى كمُلت أيّامك واضطجعت مع آبائك، أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك وأثبّت مملكته... ويأمن بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك. كرسيّك يكون ثابتًا إلى الأبد." (2صموئيل 12:7 و16) وكان النبي إشعياء قد أكّد أيضًا هذا الوعد عندما تنبأ عن ولادة الرب يسوع المسيح، وعن جلوسه على كرسيّ داود. "لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًا، رئيس السلام. لنموّ رياسته، وللسّلام لا نهاية على كرسيّ داود وعلى مملكته، ليثبتها ويعضدها بالحق والبرّ، من الآن إلى الأبد. غيرة رب الجنود، تصنع هذا." (إشعياء 6:9-7)
ولهذا لم يكن غريبًا أن يربط الرسول بولس بحديثه عن مراحم داود الصادقة، ما بينها وبين قيامة المسيح من بين الأموات، وبالتالي دخول المسيح إلى مجده.
أما النبي دانيآل، فبعد رؤيته "مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام (أي الله الآب)، فقرّبوه قدّامه"، كتب قائلًا: "فأُعطي سُلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض." (دانيآل 13:7-14) إن نبوءة دانيآل هنا تتحدث إذن بكل وضوح عن قيامة الرب يسوع المسيح وصعوده إلى السماء، وجلوسه عن يمين الله الآب. وليس هذا فحسب بل تتحدث أن ابن الإنسان هذا – أي المسيح- قد أُعطي من قبل الله سلطانًا ومجدًا وملكوتًا... هذا هو بالضبط ما قصده المسيح في جوابه لتلميذَي عمواس مقابل حديثهم عن الرجاء بفداء إسرائيل. إذ أكّد لهما أن فداء إسرائيل قد تمّ من خلال موته الكفاري على الصليب، وقيامته الظافرة من بين الأموات، وجلوسه عن يمين الله الآب، وإعطائه سلطانًا ومجدًا وملكوتًا. وهكذا يكون المسيح قد دخل حقًا إلى مجده. نعم، لقد تممّ الله مواعيده لشعبه القديم وبطريقة لم يكن أحد يتوقعها، وأعلن في نفس الوقت عن خلاصه وملكوته إلى جميع البشر.
أختم بهذه الآيات الرائعة التي أوردها لنا الرسول بولس في رسالته إلى أهل فيلبي: "وإذ وُجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتّى الموت موت الصليب. لذلك رفّعه الله أيضًا، وأعطاه اسمًا فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كلّ ركبة ممّن في السماء، ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كلّ لسان أن يسوع المسيح هو ربٌّ لمجد الله الآب." (فيلبي 8:2-11)

المجموعة: حزيران (يونيو) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

460 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577194