قبل عدة سنوات تقدمت إحدى الكنائس في الشرق الأوسط بوضع إعلان في أحد الصحف العربية، بعنوان: "المسيح قام، حقًا قام!" لتهنئة المؤمنين بعيد القيامة، وتفاجأ الجميع بأن الإعلان نزل بهذه الصورة "المسيح قادم، حقًا قادم!"
وكان واضحًا بأنّ المسؤول عن النشر لم يرغب أن يضعه بصيغته المعروفة للجميع "المسيح قام، حقًّا قام!" لأنه غير مقتنع بموت المسيح وقيامته. ومع ذلك فإن عبارة "المسيح قادم، حقًا قادم!" هي عقيدة راسخة في صُلب الكتاب المقدس، لكن ما أبعد الفرق بين شطري العبارة "المسيح قادم، حقًا قادم!" إذ إنهما يُكلمانا عن حدثين متتاليين لمجيء المسيح.
أولًا: المسيح قادم ليأخذ خاصته
حسب وعده الصادق "أنا أمضي لأعدّ لكم مكانًا، وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إليّ، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا." (يوحنا 2:14-3) هؤلاء هم الذين آمنوا بكفاية عمله على الصليب، بأنه أكمل فداءهم، واحتموا بالإيمان بدمه كفارة عن خطاياهم. فيسوع المسيح المُقام من بين الأموات قادم قريبًا، فهو الذي قال: "أنا آتٍ سريعًا." إنه قادمٌ ليأخذ المؤمنين لحفلة زفاف "لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة، لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيبٍ." (أفسس 27:5) وسيأتي كعريس بتشبيه رمزي لأخذ عروسه، الكنيسة المفديّة، "لنفرح ونتهلل ونعطه المجد! لأن عرس الخروف قد جاء، وامرأته هيّأت نفسها." (رؤيا 7:19) فما أجمل هذا الرجاء المُفرح، فكل مؤمن يشتاق أن يقول كل حين: "آمين، تعال أيها الرب يسوع." فكل أيامنا إذًا أعيادًا مع الرب! ونحن إذ ننتظر مجيئه بشوق، لتكن حياتنا مليئة بالشكر لمُخلصنا المعبود، الذي قد وفى ديننا فوق الصليب، فالشكر والسجود للفادي يسوع الحبيب. كما يقول الكتاب: "… لتعبدوا الله الحيّ الحقيقي، وتنتظروا ابنه من السماء، الذي أقامه من الأموات، يسوع، الذي يُنقذنا من الغضب الآتي." (1تسالونيكي 9:1-10)
ثانيًا: المسيح "حقًا قادم" يؤكد لنا بأن المسيح قادم ليطالب بحقوقه المغتصبة!
فالمسيح قال عن نفسه: "أنا هو الحق" لكن كثيرين رفضوه وقبلوا الباطل على أنه حق، وكثيرون يسألون السؤال القديم: ما هو الحق؟ ولا يرغبون أن يسمعوا بأنّ يسوع هو الحق.
إنّ يسوع المسيح بموته على الصليب دفع كل ديون الخطية، أي حمل دينونة العالم نيابة عن كل إنسان. فالذي صدّق ما فعله المسيح وشكره طالبًا عفوه، نال النجاة من جهنم وأصبح المسيح مدافعًا ومحاميًا عنه. ولكن هناك من رفض ولم يصدق الخلاص الكامل الذي قدّمه المسيح على الصليب، واختار لنفسه طريقًا خاصًا للتكفير عن خطاياه، وبعمله هذا داس كل حقوق المسيح، بل داس ابن الله، لذلك سيقف أمام منصة المسيح القاضي العادل.
يقول الكتاب المقدس: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية." (يوحنا 16:3)
فمن يرفض محبة الله لن يبقى له سوى دينونة الله! ومن يرفض كفارة المسيح سيكون مصيره الجحيم! ومن يرفض الحياة الأبدية لن يبقى له سوى الهلاك والعذاب الأبدي!
أخي، أختي، أتمنى أن يكون كلّ مِنّا حكيمًا لكيلا يمرّ عيد القيامة كتذكار تاريخي فقط، بل حياة نحياها مع المسيح، لأن المسيح مات وقام. فهل متنا عن خطايانا، لكي نقوم معه؟ إذا كان أي واحد بيننا لا يزال ميتًا بالذنوب والخطايا، الفرصة مفتوحة والنعمة موجودة لتخلص "لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت." (رومية 9:10)