Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور جون حدادالجزء الأول
رأينا أهميَّة الحِفاظ على الصحَّة مِن مُنطلق الاهتمام المستمرّ بأجسادنا التي هي هيكلٌ للروح القدس. بالإضافة إلى ذلك، هُناك معَايير وضعَها الله لمسَاعدة الإنسان في الحِفاظ على حياته مِن الأمراض. الكتاب المقدَّس يُؤكِّد وعدَ الله بالشِّفاءْ (خروج 21:15؛ عدد 8:21؛ مزمور 3:103)، ولتَحقيق هذا الوعد، ينبغي أنْ نُكرمَ الرب أولًا في حياتنا (خروج 25:23).

أما في حالات المرَض نحن نرى يدَ الله المبَاركة الممدُودة للشِّفاء (مزمور 2:103-3).
لكي نتمتَّع بصحَّة كامِلة، ينبغي علينا أن نجدَ توازُنًا بين العمَل والرَّاحة (خروج 8:20-11). مِن الأمور التي تؤثِّر أيضًا على صحتنا هي القلَق الفكري المستمرّ. بالرُّغم مِن عدم وجود دراسَات علميَّة دامغة تربط الاثنين معًا، فسفر الأمثال مثلًا يقول: "الْقَلْبُ الْفَرْحَانُ يُطَيِّبُ الْجِسْمَ، وَالرُّوحُ الْمُنْسَحِقَةُ تُجَفِّفُ الْعَظْمَ" (22:17)، يُشدِّد على أهميَّة الفرح وتأثيره كعامل إيجابي. علمًا بأن الضُّغوطات الخارجيَّة تُؤثِّرُ حتمًا بشكلٍ سلبيٍّ إذا استمرت لفتراتٍ طويلة. أُذكِّر بضرورة الاهتمام بما هو سامٍ برُوح الشُكر، وبالتمتُّع بالسَّلام الإلهي الدائم (فيلبي 6:4-7). على سبيل المثال، أثبتَت إحدى الدِّراسات التي أُجريَت في جامعة ميريلاند الأمريكية أنَّ الضَّحِكَ والابتسام يقيان مِن الجَلطات القلبيَّة. أربط هذه الدِّراسة بكلِمَات المزامير (مزمور 1:32-2)، والأمثال (أمثال 22:17) والتي تُشير إلى أنَّ الفرَح القلبي والسَّلام الداخلي هما حقًّا أفضلُ علاجٍ طُبِّي وُجِدَ على الإطلاق. هناك مَن يقول بأن "العقل السليم في الجسم السليم"، وهي حكمة عربية مأثورة، طالما ردَّدها الناس، تسترعي انتباهنا لنتعرّف مِن خلالها على القواعد الغذائية الصحيّة، للحفاظ على سلامة جسمنا، ما استطعنا إليها سبيلًا، كما أُلقي الضوء على مكونات الغذاء الصحي والسليم، مِن خلال اتباع نظام غذائي يشمل نوعية الطعام مع تحديد كميته، إلى جانب تناول مقدار كافٍ مِن الماء يوميًا ومزاولة التمارين الرياضية والتربية البدنية؛ كل ذلك يساعد في المحافظة على وزن معتدل، ووظائف بيولوجيّة طبيعيّة إلى جانب صحة نفسية مرتاحة قدر الإمكان.
يستحضِرُني في هذا الإطار ما أراه في هذه الأيام أيضًا في خِضمّ العلاقات التي يقوم بها بعضُ الشُبَّان والشَّابات خارج إطار الزواج، وكذلك تعدُّد الشُركاء الجنسيِّين، وتأثير المِثليَّة الجنسيَّة وتعدُّد العلاقات الجنسية، أنْ أُنبِّهَ إلى مَخاطر هذه الممارسات على الصحَّة النفسيّة والجسديّة. ماذا ينبغي أن نفعلْ لكي نحمي أنفُسنا وعائلاتنا مِن الأمراض المتناقلة جنسيًا؟ الرسول بولس يضَع الأُطر العامَّة في الانضباط: "اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ." (1كورنثوس 18:6) نرى أيضًا أنَّ فُقدان الغِذاء المتوازِن هو أحدُ المسبِّبات الرئيسة للمرَض. أذكر منها السُمنة وتأثيراتُها مثل ارتفاع مُعدَّلات الكوليسترول والدُّهون المشبَّعة والسُكَّري وضغط الدم المرتفع، الأمور التي غالبًا ما يكون لها مضاعفات سلبيَّة على الصحَّة. حبَّذا لو كان هناك حَميَّةٍ غذائية مُتوازنة تحمي مِن الأمراض، لكن لنَحذر مِن الإعلانات العديدة في مجال الحميّات الغذائية التي غالبًا ما تكون غير دقيقة وفي معظم الأحيان غير مفيدة ولا تنسجم مع طبيعة الفرد الجسمانيّة.
أتذكَّرُ قصدَ الله عندما وضعَ الإنسان الأول في جنَّة عدَن (تكوين 27:1-29). وفي هذا إشارة إلى أهميَّة، وليس حصرية، الغِذاء النباتي في الحِفاظ على الصحَّة. فتوازن الغذاء إنَّما يدخُل في إطار المفهُوم الذي يشمل القوانين الغذائيَّة، ولا يتعلَّق بفئةٍ مِن النَّاس دون الأخرى. فالقوانين الإلهيَّة المتعلِّقة بالصحَّة هي شامِلة وكامِلة وموضُوعة لخير البشريَّة. أيضًا سفر التكوين يُشيرُ إلى ضرورة التميِّيز في اختيار الأطعمة سواء كانت نباتية أم حيوانية، لما له مِن نتائج إيجابيَّة (تكوين 1:7-2)، وفي حال عدم الالتزام، فإن لهذا عواقبَ وخِيمة (تكوين 15:66-18). نُلاحظُ أيضًا أنّه بعد الطُّوفان أصبحَت الثَّروات النباتيَّة، كما الحيوانيَّة، نادرة وغير كافية لغذاء الإنسان. لكنَّ الله وضع الأطر لاستمرار الغِذاء المتوازن. أرى حكمتهُ وتدبيرهُ السَّامي في اختيار الغذاء السَّليم) تكوين 2:9-4)، إذ أعطى النعمة في تمييز وانتقاء الأنواع المفيدة مِن الطعام (لاويين 47:11؛ عدد 3:6-4؛ قضاة 14:13).
عندما نتكلَّم عن دور الغذاء وأهميتَهُ للصحَّة العامَّة لا بُدَّ أن نذكُر النبيّ دانيآل الذي كانَ مثالًا يُحتذى به في اختيار الغذاء المتوازن (8:1؛ 12-13)، وذلك عندما "جَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ." يتكلّم الكتاب أيضًا عن الأنواع المختلفة مِن الأشجار والثروة النباتية والتوازن الغذائي في تناولها مُقدّمًا مثلًا رائعًا عن الفوائد الغذائيّة لعددٍ مِن الثمار (قضاة 8:9-15). هناك مثلًا الزيوت والدهون المفيدة الموجودة في شجر الزيتون وثماره: "فَقَالَتْ لَهَا الزَّيْتُونَةُ: أَأَتْرُكُ دُهْنِي الَّذِي بِهِ يُكَرِّمُونَ بِيَ اللهَ وَالنَّاسَ، وَأَذْهَبُ لِكَيْ أَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟" (قضاة 9:9)، والحلاوة والثمر الطيِّب في التين: "فَقَالَتْ لَهَا التِّينَةُ: أَأَتْرُكُ حَلاَوَتِي وَثَمَرِي الطَّيِّبَ وَأَذْهَبُ لِكَيْ أَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟" (قضاة 11:9)، والمسطار والعصير للكرمة: "فَقَالَتْ لَهَا الْكَرْمَةُ: أَأَتْرُكُ مِسْطَارِي الَّذِي يُفَرِّحُ اللهَ وَالنَّاسَ وَأَذْهَبُ لِكَيْ أَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟" (قضاة 13:9)
الجدير ذكره أنه وفي نفس الأصحاح مِن سفر القضاة، يُحدِّثنا الكاتب أيضًا عن شجر العوسج وفوائده. نبات العوسج هو مِن النباتات الشوكيّة المعمِّرة التي تنفع لعلاج العديد مِن المشاكل والأمراض التي يتعرَّض لها الإنسان، لاحتوائه على عدد مِن المركّبات، ومنها: التربينات الثلاثية، ومواد عفصية، وفلافونيدات، وستيرولات، والنحاس، والمنغنيز، والنيكل، والكروم، والمولبيديوم، ومواد سكرية، والقلويدات، وحمض الهيدروسيانيك، وزي زانتين، والذي يلجأ إليه الكثيرون كونه أفضل مِن الأدوية الكيميائيّة التي تحمل آثارًا جانبيّةً متعدّدة تضرّ الجسم. ومِن ناحيةٍ أخرى، يُعرَف عن نبات العوسج، والذي يُطلق عليه العوشز، أو عنب الذيب، أو الزعرور، أو العوسجة، أو القصر، أو المصع، أو شجرة اليهود، أو السحنون، أو الغرقد، أنّه نوع مِن النباتات الشجرية، ينتمي للعائلة الباذنجانية، ويصل ارتفاعه إلى ما يقارب المترين، وله أوراق صغيرة الحجم ذات لون يميل إلى ما بين الأخضر والأصفر، وتوجد على جوانبها شوكتان، وتحتوي أوراق نبات العوسج على مواد ضارة وسامّة للجسم، مُميتة إذا ما تناولها الإنسان بكميات كبيرة كونها تضرّ بالطحال. "فَقَالَ الْعَوْسَجُ لِلأَشْجَارِ: إِنْ كُنْتُمْ بِالْحَقِّ تَمْسَحُونَنِي عَلَيْكُمْ مَلِكًا فَتَعَالَوْا وَاحْتَمُوا تَحْتَ ظِلِّي. وَإِلأَّ فَتَخْرُجَ نَارٌ مِنَ الْعَوْسَجِ وَتَأْكُلَ أَرْزَ لُبْنَانَ!" (قضاة 15:9) ففي ضوء هذه المعلومات، هل ينبغي أن نُمارسَ التحكُّم الإرادي والعقلِّي في اتِّباع التَّوازن الغذائي للمُحَافظة على صحَّة أجسادنا؟ أم هناك مِن عوامل أخرى مؤثِّرة؟ "اَلصِّدِّيقُ يَأْكُلُ لِشَبَعِ نَفْسِهِ، أَمَّا بَطْنُ الأَشْرَارِ فَيَحْتَاجُ." (أمثال 25:13) الرسول بولس أيضًا يُحدِّد الهدَف الرئيس وراء ذلك بالتأكيد على ممارسة عاداتنا الغذائية بروح الشكر ولمجدَ الله (1كورنثوس 23:10-31).
البقية في العدد القادم


الشهيد المسيحي الأول

"فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو ويقول: [أيها الرب يسوع اقبل روحي.]" (أعمال 59:7)
كان الرب يسوع قد أخبر تلاميذه وأتباعه بأن العالم كان سيضطهدهم كما اضطهده، وعندما نقرأ في سفر الأعمال عن امتداد المسيحية وانتشار البشارة وتأسيس الكنيسة المسيحية في عدة أماكن من العالم المتمدن فإننا نقرأ في نفس الوقت عن الاضطهادات التي جرت للمسيحيين وعن استشهاد البعض في سبيل إيمانهم وربهم. حقًا إن دم الشهداء هو بذار الكنيسة.
لم يكن الشماس استفانوس يهتم سوى بالقيام بوظيفته الدينية حسب المطلوب وبالشهادة للإنجيل في كل فرصة تسنح له. ولكن سيرته الطاهرة لم ترق في أعين أعداء البشارة، ولذلك فإنهم تخلصوا منه بالرجم بعد محاكمة صوريّة تذكّرنا بالمحاكمة التي أجريت للرب يسوع. علينا أن نلاحظ أن استفانوس لم يسعَ وراء الاستشهاد عندما كان ذلك الطريقة الوحيدة الباقية له للمحافظة على إيمانه وطاعته لربه ومخلصه يسوع المسيح. وقد سار في طريق الشهيد الأول الألوف من المسيحيين في شتى العصور والأقاليم مبرهنين بأن إيمانهم في يسوع كان حيًا وقويًا حتى في الموت.

المجموعة: تموز (يوليو) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

649 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578202