"أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟" (رومية 3:6-4)
بكل تأكيد تتعدّد أنواع الموت، فهناك أموات بالذنوب والخطايا، وأموات بالجسد، وأموات روحيًا، وأموات أحياء. كذلك تتعدّد قيامة الأبرار كقيامة المسيح باكورة الراقدين، وقيامة لحظة الاختطاف، وقيامة الضيقة العظيمة (رؤيا 4:20)، وقيامة الدينونة. ويظل المسيح هو القيامة والحياة ومفتاحًا لألغاز كثيرة.
1- قيامة لعازر (يوحنا 11)
كانت قيامة لعازر برهان جلي لحياة مغتصبة من الموت، ومن وضع ميؤوس منه. إنها آخر معجزة في هذا الإنجيل، وتتكلم عن ربنا يسوع المسيح كابن الله. تأملوا لعازر وهو يخرج بأربطة حيًّا، لكنه لم يسِرْ حرًّا تمامًا. صار بعدها في أرض الأحياء بسلطان وصلاة يسوع الذي يمنح الحياة لمن فقدها، ويضع حدًّا لأحزاننا ويفكّ قيود أسرنا. في هذه المعجزة ترد كلمة القيامة مرتين: الأولى كعقيدة تؤمن بها مرثا، "أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ." والثانية كلمة القيامة ترد كشخص كشفه المسيح لمرثا: "أنا هو القيامة والحياة." لذلك كل من يؤمن وإن مات جسديًا فسيقوم ويتمتّع بالشركة في المجد، والحياة تستمرّ حتى خلال الموت. إن إيماننا في القيامة يحوي ثلاث حقائق أن يسوع هو المسيح، أو المسيا، وأنه ابن الله بالطبيعة، وجاء ليتمّم خلاص البشرية.
كان أحدهم يعرض على ابنه بعض الصور عن حياة المسيح بريشة الفنان وليم هول، ولما بلغ الولد إلى صورة ابن أرملة نايين وضع يده على الصورة وقال: نعم، أنا أفهم ذلك أن المسيح كانت فيه الحياة. كانت فيه الحياة كلها!
إن الفرق بين لعازر والمسيح أن قيامة لعازر مؤقتة أما المسيح "لا يسود عليه الموت فيما بعد." وأن اتحاد اللاهوت بالناسوت في المسيح أعطى إمكانية التحرّر من الموت بصفة نهائية. لقد ذاق "بنعمة الله الموت لأجل كل واحد." (عبرانيين 9:2)
2- قيامة يونان (سفر يونان)
"صَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ... لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال." (يونان 1:1؛ ومتى 40:12) ثم أصعده الرب "من الوهدة" وقذفه الحوت إلى البَرّ. يُعتبر اختبار يونان النبي صورة حية عن الموت والقيامة. دفعته العنصرية أن يذهب إلى ترشيش بدلاً من نينوى. استشهد المسيح بقصة يونان كشخصية حقيقية ومعجزة تاريخية، "ولا إن قام واحد من الأموات يصدّقون." فهل تؤمن بالمعجزات؟ إن يسوع هو كلمة الله، حياة الله ذاتها، والقيامة أقوى دليل على ألوهيته. "مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ." (يوحنا 28:8) من الآيات التي اقتبسها بولس كنبوة عن القيامة ما جاء في تثنية 13:30 "مَنْ يَعْبُرُ... الْبَحْرَ؟" وبقيادة روح الله غيّرها بالنسبة إلى المسيح لتكون "من يهبط إلى الهاوية؟" ليصعد المسيح من الأموات، والقصد أن الإنجيل لا يطلب من الناس أن ينزلوا إلى القبر ليصعدوا المسيح من الأموات لأن المسيح قام من بين الأموات. الكلمة قريبة من فمك بالإيمان بالمسيح ربًا والاعتراف به علنًا. إن المسيح قام من بين الأموات بوصفه ابن الله، وإسناد القيامة إلى الله مباشرة باعتباره جوهر الآب بعينه لاهوتيًا وكل ما ينسب للابن يُنسب في الوقت نفسه للآب "أنا والآب واحد." "وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ... سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ" (رومية 11:8)، فليس بأعمال الجسد نميت الجسد بل بعمل الروح. والخلاصة أن الآب والابن والروح القدس - "الله الواحد" - تُنسب له القيامة. "هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله." والمجد هنا هو فضائل وكمالات الله وإعلان مجد القيامة وإعطاء الميت الحياة.
3- قيامة المعمودية (رومية 6)
تعطينا المعمودية صورة عينية عن الاعتماد للمسيح. وفي إنجيل مرقس يتكلم الرب يسوع عن الإيمان والمعمودية في الوقت عينه (مرقس 16:16) مع أن المعمودية ليست ضرورية للخلاص بل كعلامة بارزة للخلاص لا بد منها. إنها بالتغطيس، وهي دفنٌ في قبر وقيامةٌ من الأموات. قال أحدهم: إننا لا نقدر أن نحيا حياة طبيعية إلا إذا كنا في الهواء والهواء فينا، وهكذا مع المسيح! إنها تشير إلى اتحادنا مع المسيح ولسنا بعد تحت سلطان الخطية. إن معمودية الروح تُدْخِل المؤمن في جسد المسيح (1كورنثوس 13:12)، أما معمودية الماء فهي معمودية الموت والدفن في التدبير الإلهي للقيامة مع المسيح. نتيجة لذلك يقول بولس: "حاشا! نحن الذين متنا عن الخطية، كيف نعيش بعد فيها؟" (رومية 11:6) أي، إن الخطية من الناحية العملية قد فقدت تأثيرها وإغواءها لنا، لكننا لا زلنا نواجه الخطايا والتجارب كل يوم. هذا يعني أننا متنا عن مبدأ الخطية، وممارسة الخطية، وقوة الخطية (رومية 1:6-14)، "احْسِبُوا أنفسكم أمواتًا عن الخطية" (ع 11)، بأن تعيشوا لله مثل المسيح ولا تَدَعُوا الخطية تملك عليكم مطلقًا.
فقدت بنت صغيرة في عملية جراحية لها كمية كبيرة من الدم، وارتُئِيَ أنه لا بد من الحصول على كمية كافية من الدم من أحد الأقرباء - وكان من شقيقها الأصغر سنًا - فسأله الطبيب هل هو مستعدّ أن يقدّم دمه لأخته، فأجابه: أنا مستعد إذا كان هذا ضروريًّا لها. أجابه الطبيب بالإيجاب، فمدّ الصبي ذراعه شاحب الوجه. ثم سأله الطبيب ثانية: هل أنت مريض؟ فأجاب: كلا، واستكمل: قد أموت؟! لقد كان يفكر في دم المسيح الذي بذل دمه لخلاصنا.
4- قيامة المسيح (متى 28:6)
سأل المسيح اليهود: "ماذا تظنّون في المسيح؟ ابن من هو؟" قالوا: "ابن داود." قال لهم: "فكيف يدعوه داود بالروح ربًّا؟" المسيح هو رب داود بلاهوته وابن داود بناسوته (رومية 3:1). كما أن كرسي داود الذي أجلسه الرب عليه هو ونسله قد زال بالسبي قبل تجسّد المسيح بنحو ستمائة سنة (2ملوك 2:24). لذلك، ما جاء عن كرسي داود في بشارة الملاك وإشعياء لا يشيران إلى كرسي داود القديم لأن داود لم يصعد إلى السماوات بجسده، وهو نفسه يقول: "قال الرب لربي... ربًّا ومسيحًا." (أعمال 24:2-26) الآن ربًّا، ومسيحًا يوم ملكه، و"صار باكورة الراقدين." أي، بداية الحصاد التي يتبعها القطاف في الوقت المناسب، ثم جمع الحصاد كله في مجيئه (1كورنثوس 23:15).
ماتت أم فتاة في السادسة عشرة من عمرها، فكان عليها أن تعول إخوتها الصغار وتدبّر المنزل لوالدها، فحرمت قسطها الواجب من التعليم حتى أحيانًا من العبادة في الكنيسة. ولما سُئلت ماذا عساها تقول لله يوم تمثل أمامه، فأطرقت رأسها ثم رفعت يديها وقالت: سأريه يديّ. بالنسبة لعمل الفداء المسيح "آدم الأخير" (1كورنثوس 45:15)، والإنسان الواحد (رومية 15:5)، لأنه فعل ذلك مرة واحدة وإلى الأبد. أما بالنسبة لقيامة القديسين وملكهم سُمّي "الإنسان الأول" (1كورنثوس 47:15)، و"باكورة من الأموات"، لكنه ابن الله بالمفرد وقيامته ثمرة الحياة.
لما نشبت نار النهضة الروحية في مقاطعة ويلز سنة 1904 وكان هناك ما يقرب من 400 اجتماع صلاة في تلك المقاطعة، وذلك لفرط شر الناس. هناك صرخ المؤمنون، فاستجاب لهم الله وسرت تلك الحركة ليس في المقاطعة فقط، أو في بلاد الإنجليز لوحدها، بل عمّ تأثيرها العالم أجمع.
قال يسوع: "أنا هو القيامة والحياة... أتؤمنين بهذا؟"