Voice of Preaching the Gospel

vopg

Anis_Bahnamلنا في تاريخ داود الملك دروس عمليّة نافعة لنا روحيًّا، "لأن كل ما سبق فكُتِبَ كُتب لأجل تعليمنا." (رومية 4:15) كما أنها كُتبت "لإنذارنا، نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور." (1كورنثوس 11:10)

ولكن للأسف، كثيرون من المؤمنين يهملون قراءة العهد القديم ودراسته، وبذلك يحرمون أنفسهم من فوائد روحية عملية يريدها الله لكل أولاده – أي المؤمنين بالرب يسوع المسيح.
قال الرب عن داود: "قد وجدت داود بن يسّى رجلاً حسب قلبي الذي سيصنع كل مشيئتي." (أعمال 22:13) وقال عنه الوحي المقدس أنه "مرنّم إسرائيل الحلو." ولعلّ معظم القراء يعرفون قصة داود وجليات، فقد انتصر داود الشاب على جليات الجبّار، وذلك لأنه اتّكل على الرب الإله إذ قال لجليات: "أنت تأتي إليّ بسيفٍ وبرمحٍ وبترسٍ. وأنا آتي إليك باسم رب الجنود." (1صموئيل 45:17) فرح الشعب بهذا وفرح الملك شاول، ولكن فرحه زال حين سمع النساء تغنّي وتقول: "ضرب شاول ألوفه وداود ربواته (أي عشرات الآلاف)." (1صموئيل 7:18)
اغتاظ شاول جدًا وازداد به الغيظ إلى أنه صمّم أن يقتل داود؛ ولا عجب، فقد قال الوحي المقدس: "ومن يقف أمام الحسد؟" (أمثال 4:27) ليحْمِنا الرب من هذه الخطيئة.
حاول شاول مرارًا أن يقتل داود ولكنه فشل في كل مرة، لأن الرب حفظه. ومن العجيب، بل الجميل جدًا أن داود كانت له أكثر من فرصة ليقتل شاول ولكنه لم يفعل ذلك بل كان "يُسلّم لمن يقضي بعدل." وبذلك أظهر داود تقواه. ولكن أخيرًا زاد به الخوف فقرر أن يهرب من شاول، وهنا لا بدّ أن نتوقّف ونفكّر. فإن كان عدوّنا لا يسكت، لذلك يحرّضنا الروح القدس قائلاً: "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسدٍ زائرٍ يجول ملتمسًا من يبتلعه هو." (1بطرس 8:5) مهما كان نجاحنا الروحي في الماضي، فهو لا يضمن لنا النجاح المستمر. لذلك قرّر داود أن يهرب من أمام شاول فذهب إلى أخيش ملك جتّ، ولكن عبيد أخيش قالوا له: "أليس هذا هو داود ملك الأرض؟ أليس لهذا كنّ يغنّين في الرقص قائلات: [ضرب شاول ألوفه وداود ربواته؟]" فوضع داود هذا الكلام في قلبه وخاف جدًا من ملك جتّ، فتظاهر داود بالجنون وابتدأ يخربش على مصاريع الباب ويسيل ريقه على لحيته. يا للعار! داود الممسوح ملكًا من الرب إله إسرائيل يلجأ إلى التظاهر بالجنون! ألم يقل في مزمور 23 "أيضًا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي." وفي مزمور 27 "إن نزل عليّ جيش لا يخاف قلبي"؟ ولكن عندما يحوّل المؤمن نظره عن الرب يحرم نفسه من الثقة واليقين، ومن سلام الله الذي يفوق كل عقل. ولكن شكرًا لإلهنا، فداود هذا نفسه قال: "يردّ نفسي يهديني إلى سُبُلِ البرّ من أجل اسمه." (مزمور 3:23)
كانت نتيجة تعامل الرب مع داود في هذا الموقف الصعب أن الروح القدس أوحى إليه بمزمور 34 - هذا المزمور الجميل ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول من عدد 1-10 هو تسبيحة حمد ومديح للرب بمناسبة ما جاز فيه داود.
والقسم الثاني هو موعظة فيها نصائح للجميع. وسنتكلم فقط عن الجزء الأول باختصار.
عدد 1: "أبارك الرب في كل حين. دائمًا تسبيحه في فمي."
بدل الخوف، امتلأ فمه، بل قلبه، بالشكر والسجود للرب. هذا هو معنى "أبارك الرب"، أي أحمده وأسجد له وذلك ليس في الأوقات السهلة، بل في كل حين، في الأفراح والأتراح... مع الأحباء وفي وسط الأعداء. "دائمًا تسبيحه في فمي." الفم الممتلئ بالتسبيح للرب لن تخرج منه كلمة رديّة بل كل ما هو صالح للبنيان... لن يكذب بل يقول الصدق.
عدد 2: "بالرب تفتخر نفسي." بحسب البشر كان لداود الكثير مما يمكنه أن يفتخر به. ألم ينتصر على جليات الجبار حتى غنّت النساء ببطولته؟ قال أحد رجال شاول عنه إنه "يحسن الضرب (أي على الآلات الموسيقية)، وهو جبّار بأس ورجل حرب، وفصيحٌ ورجلٌ جميل والرب معه." (1صموئيل 18:16) ولكنه لم يفتخر بهذا بل بالرب. كما هو مكتوب: "من افتخر فليفتخر بالرب." (1كورنثوس 29:1)
"يسمع الودعاء فيفرحون." يا له من امتياز ثمين أن يكون سبب فرح للآخرين! كلّ منا له تأثير على من حوله. وكم هو جميل أن نكون سبب فرح لأولاد الله لأن فرح الرب هو قوّتنا.
عدد 3: في هذا العدد يدعو داود الآخرين ليشاركوه في أنبل وأحلى عمل فيقول:
"عظموا الرب معي ولنعلِّ اسمه معًا." فالمؤمن الفرح يريد دائمًا أن يشاركه الآخرون في فرحه. وما أعظم الفرح الناتج عن عبادة الرب وإدراكِ شيئًا من عظمته وجلاله! فكلما اختبرنا إحسانات الرب زادت رغبتنا في أن يشاركنا الآخرون في هذا الاختبار – وهذا ينطبق أيضًا على التبشير.
عدد 4: "طلبت إلى الرب فاستجاب لي ومن كل مخاوفي أنقذني."
لقد كان داود خائفًا من شاول الذي كان يطارده ويريد قتله. ومع أن الرب كان مع داود وأنقذه من كل محاولات شاول الفاشلة، إلا أنه جاء وقت فيه تملّك الخوف قلب داود. "وقال داود في قلبه: إني سأهلك يومًا بيد شاول، فلا شيءَ خيرٌ لي من أن أفلت إلى أرض الفلسطينيين، فييأس شاول مني فلا يفتّش عليّ بعد في جميع تخوم إسرائيل، فأنجوَ من يده." (1صموئيل 1:27) ففعل ذلك وذهب إلى أخيش كما رأينا، ولكن هذا اللجوء أضاف إلى خوفه من شاول خوفًا آخر من أخيش والفلسطينيين في نفس الوقت. وإذ أدرك داود خطأه التجأ إلى الرب وطلب منه المعونة. نحن لا نعلم متى حدث هذا التحوّل والالتجاء إلى الرب. هل حدث هذا حين سمع عبيد أخيش يحذرونه من قبول داود، أم بعدما خاب أمله ورجع إلى بيته، ثم أنَّبَه ضميره، فالتجأ إلى الرب وتمّ قوله: "جعلت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني فلا أتزعزع" (مزمور 8:16)؟
عدد 5: "نظروا إليه واستناروا ووجوههم لم تخجل." وهذا هو اختبار الكثيرين من المؤمنين. نظر داود إلى ملك جتّ فخجل، ولكنه إذ نظر إلى الرب استنار ولم يخجل...
هكذا قال الرب: "ملعون الرجل الذي يتكل على الإنسان ويجعل البشر ذراعه، وعن الرب يحيد قلبه." (إرميا 5:17)
عدد 6: والآن يتكلم عن نفسه فيقول: "هذا المسكين صرخ والرب استمعه ومن كل ضيقاته خلّصه." الآن يتكلم بصراحة عن اختباره الشخصي. وهذا هو ما حدث لداود: فقد أنقذه الرب من شاول، ومن أخيش، ومن كل أعدائه من الشعوب حوله، وثبّت الرب ملكه. "وكان داود يتزايد متعظّمًا والرب إله الجنود معه." (2صموئيل 10:5) ولنلاحظ أن داود قال عن نفسه: "هذا المسكين!" ألم يقل الرب يسوع "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات" (متى 3:5)؟ فالإنسان مهما كانت مؤهلاته وأملاكه، هو مسكين يحتاج إلى المعونة الإلهية. هذه حقيقة يجب أن تترسَّخ دائمًا في قلوبنا وعقولنا.
عدد 7: "ملاك الرب حالٌّ حول خائفيه وينجيهم."
هذا يعني أن الرب يسوع مع أجناده – أي الملائكة الخاضعة له – يحيط بالمؤمن الذي يخاف الرب (أي يطيعه ويُجلّه)، لكي ينجيه من كل المصاعب؛ فهو الذي لا يعسر عليه أمر، وهو الذي عنده "للموت مخارج." (مزمور 20:68) بعد كل هذه التأكيدات الجميلة يدعو داود الآخرين قائلاً في عدد 8:
"ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب. طوبى للرجل المتوكّل عليه." هذه في حدّ ذاتها موعظة جميلة وثمينة لنا جميعًا.
ثم في عدد 9 يدعو جميع المؤمنين قائلاً: "اتّقوا الرب يا قدّيسيه لأنه ليس عوز لمتّقيه." ثم يختم هذا النصف الأول من المزمور بالقول في عدد 10: "الأشبال احتاجت وجاعت وأما طالبو الرب فلا يعوزهم شيءٌ من الخير!"
يا للعجب! قد يكون المؤمن صبيًّا صغيرًا أو كهلاً ضعيفًا، غنيًّا أو فقيرًا أو أمّيًّا، ولكن له هذا الوعد: لن يعوزك شيء من الخير!
إذًا افرحي وابتهجي يا نفسي مهما كانت الظروف، لأنه لن يعوزكِ شيء من الخير، هلّلويا، آمين!

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

132 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10624435