ظهر مؤخرًا ريبورتاج عن امرأة بلغت من العمر 84 عامًا، بدأت تقوم بحسابات الموت. فهي تعتقد أنها رأت كل شيء، وتمتّعت بالحياة إلى أبعد حدود التمتّع، لا بل تقول بأنها اكتفت من الحياة...
وكانت خطواتها الأولى أنها اشترت تابوتًا على مقاسها اختارته بنفسها، ودفعت ثمنه، ووضعته في شقتها ينتظرها. وهي لا تحب الطريقة التي يُعامل بها جثمان الميت في أميركا حين يُنقل من السرير إلى التابوت، فستموت قريبة منه. قالت: "لا أسمح لمتعهد مراسم دفن الموتى من أن يلمسني بيده."
ما أشقى الإنسان الذي يعيش فقط لهذه الحياة! رجاؤه، وأمله، وطموحه، وكل ما يتعلّق به ينتهي في هذه الحياة.
يولد الإنسان في هذا العالم فينمو، ويتعلّم، ويعمل، ويتزوّج، وينجب ذرية، ويعلّمهم، ويفرح بهم، ويزوّجهم، ويشيخ، ويهرم ثم يموت... وماذا بعد الموت؟ ما الحكمة وما الفائدة من حياة تنتهي هكذا؟ إذا كانت حياة الإنسان تقتصر فقط على حياته هنا، ما أشقاه! أليست حياته أشبه ما تكون بحياة الحيوانات والحشرات التي ليس لها رجاء بحياة أخرى؟!
ألا يجدر بنا أن نشكر الخالق المنّان على عظيم محبته لنا إذ خلقنا لا لنعيش في الألم والشقاء - في حياتنا الأرضية التي تنتهي بالموت - بل استهدف أن نعيش إلى الأبد شرط أن نطيع مشيئته، ولكن الإنسان اختار بإرادته أن يموت إذ اختار أن يتعدّى مشيئة خالقه فحكم على نفسه بالموت. لكن الله المحب لم يتخلّ عنه بل أعدّ كفارة لافتدائه. ولم يكن قصد الله أن نبقى في هذه الأرض الفانية نتمتّع بأباطيلها ومباهجها، بل أوجدنا في هذا العالم لقصد أزلي لنحبه، ونقبل فداءه، ونخدمه، ونستعد للحياة الأبدية معه في ملكوته الآتي عما قريب جدًا.
نعم، هنالك حياة أبدية... وهنالك خلود! سيعيش الإنسان من جديد مع خالقه بصحبة الملائكة الأطهار وسيتحرّر نهائيًا من براثن الموت، والحزن، والوجع إلى الأبد... ومن ثم تنتهي مآسي هذه الحياة إلى غير رجعة. هذه حقيقة لا يرقى إليها أي شك، وطوبى لمن يعيش على رجائها! وهنيئًا لمن يؤمن بها لأن حياته الأرضية هنا ستكتسب معنى آخر، ورحلته الأرضية ستكون أحلى وأجمل لأنه يرجو حياة أخرى لا تنتهي.
سؤالي الأخير لك:
هل قبلتَ فداءَه وتمتّعت بخلاصه والحياة معه؟!