مضى عام بل أعوام من حياتنا... وكل لحظة فيها تعلن بوضوح كم كان إلهنا أمينًا جدًا! وأمانته لا تتوقّف أبدًا على حالتنا، فمهما نبتعد عنه نجد عينَه مثبّتةً علينا... فيا له من إله محبٍّ، ليس عنده تغيير ولا ظلُّ دوران (يعقوب 17:1).
فإذا ألقينا نظرة إلى الوراء نجد أمانةً متناهيةً منبثقةً من قلب هذا الإله المحبّ على نقيض ما يقابلها من ضعف الإنسان وتقصيره.
عزيزي، ربما أدخلك الله عامًا جديدًا وهو يتأنّى عليك، لأنه "لا يشاء أن يُهلك أناسًا بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة." ربما تكون هذه هي آخر فرصة لك لتسمع صوت النعمة العذب يناديك، وربما تكون آخر سنة لك في الحياة، ولمَ لا؟! إنها سنة الرب المقبولة والفرصة التي من الممكن ألّا تُعوَّض. لذا اغتنم الفرصة وادخل من الباب لتحتمي في فلك النجاة الوحيد شخص ربنا ومخلصنا يسوع المسيح لتحيا إلى الأبد.
إسأل نفسك: كم مضى من عمرك، وكم بقي؟
تستطيع الإجابة عن السؤال الأول لكنه لا يمكنك أن تجيب عن السؤال الثاني. لذا أدعوك ألا تؤجِّل برهة واحدة، فالغد غير مضمون لكلِّ بعيد عن الله. وربما تخاف من الموت، لكنك ما أن تتعرّف بالرب يسوع حتى تستطيع أن تقول: "لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح." (فيلبي 21:1)
وكمؤمنين يجدر بنا في نهاية كل عام أن نتوقّف لنحاسب أنفسنا بدقَّةٍ، فكم من أوقاتٍ وهبها الله لنا وأضعناها دون جدوى؟ وكم من فرص كانت بين أيدينا لنشهد فيها عن كم صنع الرب بنا ورحمنا، لكننا صمتنا!
أخي المؤمن، ماذا سيكون موقفك عندما تقف أمام جابلك وفاديك لتعطِيَ حسابًا عن وكالتك؟ هل تحني رأسك خجلاً من نفسك لأنك طمرت الوزنات التي منحها إياك؟ أم أنك تاجرت بها وربحت؟ اترك الماضي خلفك مصممًا ألّا تعود إليه. كفاك ما عانيت من حياة الضعف والهزيمة، وهيّا للانطلاق نحو حياة التكريس الكامل للسيِّد، والعمل الجاد في حقل الخدمة. لأنه "قد تناهى الليل وتقارب النهار... وخلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنّا." (رومية 11:13-12)
إن نهاية عام وبداية آخر إنما يقرّبنا من نهاية رحلة الحياة وبداية الأبدية التي لا تنتهي. إن ما بقي هو القليل والقليل جدًّا، لذا علينا أن نعيشه بالكامل لمخلصنا الحبيب، "مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة." (أفسس 16:5) وعن قريب سوف نرى من أحبنا ودفع عنّا دمه الثمين، ونتمتّع بجماله "وسيمسح الرب كل دمعة من عيوننا." (رؤيا 4:21)
وكخطأة، لنأتيَ إليه ونطلب منه الخلاص... وكمؤمنين لنتشدَّد ونعمل في حقله.
