عندما خلق الله الإنسان لم يكن هناك "الموت"، لكن تعدّى آدم وحواء وصية الله، فطُردا من جنة عدن لئلّا يأكلا من شجرة الحياة فيحيا الجسد للأبد بينما تبقى الروح في موتها الأبدي.
"لعله يمدّ يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضًا ويأكل ويحيا إلى الأبد." (تكوين 22:3) لما انفصلا عن الشركة مع الله كانت بداية انحلال وفساد الإنسان وأصبح الموت الجسدي "يأكل أعضاء جسده. يأكل أعضاءه بكر الموت." (أيوب 13:18)
هذا يأتي بنا إلى شعب الله القديم الذي سقط تحت وطأة المرض والضعف أثناء الترحال في البرية، ولكن الله شفاهم "ولم يكن في أسباطهم عاثر (سقيم أو ضعيف)." (مزمور 37:105) إن الله لا يصيب الإنسان بالوباء بل يسمح به لأن الإنسان سبق وقبله والله وعدنا:
"أنا الرب شافيك... وأزيل المرض من بينكم." (خروج 26:15 و25:23) فقط علينا أن نأخذ موقفًا من هذه الخطوات:
أولًا، هل تريد أن تبرأ؟
هذا سؤال وجّهه يسوع إلى مريض بِركة بيت حسدا الذي كان مصابًا لمدة ثمان وثلاثين سنة (يوحنا 6:5). لم يشفِ المسيح كلّ مريض في بِركة بيت حسدا، ولم يُقِمْ كل لعازر من القبور، وفي أيام الجوع كان هناك أرامل كثيرات، ولم يرسِل الله إيليا إلا إلى أرملة صرفة صيداء (لوقا 25:4-26). قد تكون لدينا الإرادة أحيانًا، لكن القدرة مفقودة والعون معدوم. سُئل أحدهم: كيف حالك؟ فقال: أنا شخصيًّا في أحسن حال ولكن البيت الذي أسكنه تهدّمت منه أجزاء بفعل الزمن والقدم. المهم، أحقًّا تريد أن تبرأ أم فقط تتحدّث عن مشكلتك؟ أو تريد أن تشكو الآخرين وتشهّر بهم؟ أجاب المريض يسوع قائلًا: "يا سيد، ليس لي إنسان يلقيني في البِركة متى تحرّك الماء. بل بينما أنا آتٍ، ينزل قدّامي آخر." وكأنّ المسيح قصد أن يسأله إذا كان واثقًا في قدرته الإلهية وسلطانه بل ومستعدًّا لمسامحة كل من كان له دور في مشكلته، بل وأن يسامح نفسه. لقد غفر الله لنا خطايانا في الصليب وطرحها في أعماق البحار فلا تصطاد أخطاءً غفرها الله ونساها.
سافر الأب وترك خلفه زوجته وطفلة مريضة وحيدين. سألت الطفلة أمها: أين بابا؟ أجابتها: إن ظروف عمله اضطرته للسفر، ثم عاودت تسألها: من الذي يعتني بي في غياب بابا؟ فردّت عليها: أنا سأعتني بك. سألتها أيضًا: ومن يعتني بك؟ أجابتها: الرب الذي وعد "هو يعتني بكم." (1بطرس 7:5)
ثانيًا، إيمانك قد شفاك
"الإيمان هو الثقة بما يُرجى" لأنه يبدأ بنتائج غير منظورة بل مرجوّة بناء على وعد الله وليس على مجرّد خيال المؤمن: "إن آمنتِ ترَيْنَ مجد الله." (يوحنا 40:11) هذا هو الفرق بين اليوجا و"الإيقان بأمور لا تُرى." اليوجا مناجاة الأرواح يتعلّمون كيف يشخصون إلى صور ذهنيّة واضحة ويكرّرون جملة واحدة مرّات عديدة حتى يسمّوا بأرواحهم. أما الإيمان المسيحي هو إيمان بوعد "تلذّذ بالرب فيعطيك سؤل قلبِك." وأيضًا "شهوة الصدِّيق تُمنَح." فالله هو الذي "يُحيِي الْمَوْتَى، ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة." (رومية 17:4) إن الصلاة باسم المسيح تنقل إلى داخلك قوة المسيح وتكشف لك مشكلتك الحقيقيّة ويتكلّم الرب إلى قلبك بوضوح. امرأة عانت من نزف دم اثنتَي عشر سنة وصارت إلى حال أردأ. إن مرضها يضيع الصحة ويحرمها من دخول بيت الرب. كثيرًا ما نتعرّض لليأس، ولكن الله يغيِّر ما يبدو غير قابل للتغيير. لمست هُدْبَ ثوب المسيح، فالتفت إليها وامتدح إيمانها ونالت الشفاء الجسدي والروحي (متى 22:9).
ثالثًا، لماذا شككت؟
ربما فقد الكثير من المؤمنين إيمانهم لأن الله لم يستجبْ صلواتهم. إن الله ليس مضطرًّا أن يصادق على إيماننا لأسباب فينا أو لعامل الوقت أو "نطلب رديًّا".
إبراهيم استمرّ صابرًا خمسة وعشرين سنة، ويعقوب تحمّل المشقّة عشرين عامًا، ويوسف تألّم ثلاثة عشر عامًا، وموسى تغرّب في البرية أربعين سنة، وتلاميذ المسيح عانوا كثيرًا طوال حياتهم، وتيموثاوس كان بحاجة لدواء.
طلب بطرس من المسيح أن يمشي على الماء "فمرني أن آتي إليك." (متى 28:14) فأجاب يسوع سؤله. إنها دعوة محدّدة لشخص محدّد في ظرف محدّد. هل ينتابك القلق من الأخطار المحدّقة عندما تصدمك الرياح والأمواج ويبدو المخلص بعيدًا؟ عندما تصدمك الرياح وتبدأ في الغرق اصرخ: "يا ربّ، نجِّني". عالج المسيح فشله وأدخله السفينة (متى 24:14-33). توجد كلمتان في اليونانية بمعنى "الإعلان الإلهي":
الأولى "لوجوس"، وتعني معرفة الله وفهم كلمته المقدمة لكل إنسان. أما كلمة "ريما"، فالروح القدس يحوّل لوجوس إلى "ريما"، أي إلى رؤية خاصّة في قدرة الله ومعجزاته، ويعطي إيمانًا خاصًا يتعلّق بموضوع ما. لكن الشفاء الجسدي يتوقّف على مشيئة الله.
كان جورج مولر - مؤسس ميتم بريستُل المشهور - رجل صلاة ورجل إيمان مثالي. لقد جمع بصلواته الملايين من الدعم المالي لخدمة الميتم دون أن يطلب من أي إنسان. ولما كان يفتّش عن إرادة الله في أمر ما كثيرًا ما كان يضع قائمتين بوجهات النظر المؤيِّدة ووجهات النظر المضادّة على ورقة كبيرة لتصميم يوشك أن يُتَّخذ وبحكمة.
رابعًا، اعكف على القراءة
قال أحد مستشاري جراحة الأعصاب لصديقه: هل تعرف أن مركز الكلام في المخّ؟ فأجابه: إنني أعرف ذلك منذ زمن طويل من دكتور يعقوب في بحثه عن أهمية وفاعلية اللسان "يتحكّم في الجسد كلّه". إن الكلمة المنطوقة تمنح الإنسان سلطانًا على جسده وتوجِّهه إلى الطريق الذي يبتغيه، فإن كنت تقول "أنا ضعيف"، تبدأ كل أعضاء الجسد تشعر بالضعف. هل يمكن أن ترى الله؟ إن الله "كلمة" والكلمة في العقل غير منظورة. الله يتكلم إلينا من خلال أفكارنا ويسيطر على هذا العالم المادي. اقرأ كلمة الله واصغِ إلى صوت الله لأن الإصغاء إلى صوت الله هو إمداد إلهي للضمير والإرادة والذهن والكيان.
كيف يكون لك إيمان الله؟
عندما تثق في كلمته وتقبله مخلّصًا وفاديًا. بمعنى آخر، عندما يزرع الله الإيمان الحيّ فيك "ينبغي أن يكون لكم إيمان الله (باليونانية)" في مرقس 22:11. كان يوسف رجل أحلام ورؤى ولديه فكرة واضحة عن مقاصد الله، وكل القديسين كانت لهم دعوة في أرواحهم، وتعلّموا الحديث بلغة الروح القدس، وهذا أعطاهم القدرة على الصلاة المؤثرة "تكلم يا رب لأن عبدك سامع." "اجتهد أن تُقيم نفسك لله مزكّى، عاملًا لا يخزى، مفصِّلًا كلمة الحق بالاستقامة... اعكف على القراءة والوعظ والتعليم... لاحظ نفسك والتعليم... أكرز بالكلمة... أودعه أناسًا أمناء، يكونون أكْفاءً أن يعلّموا آخرين أيضًا." لذلك إن وجدت نفسك تحب أن تتمتّع أكثر من التمتّع بالله، أو أنك تميل إلى قراءة أي كتاب أكثر من ميلك للقراءة في الكتاب المقدس، أو أنك تفضّل أي بيت على بيت الله، أو تحبّ إنسانًا أكثر من محبتك لله، فإن الارتداد حينئذ يكون قد بدأ في قلبك. اطلبه وتأمّل في الرب يسوع المسيح من صُلب لأجلك في الجلجثة لأنه هو طبيب الأجساد والأرواح الآن وثق أن "إيمانك قد شفاك".
نظر إليّ أحسن إلىّ
بعد ما كنت أعمى فتّح عينيّ
خلاص مجّاني خلاص مجّاني
يسوع أعطاني خلاص مجّاني