Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور القس لبيب ميخائيلحين ترنّ أجراس عيد الميلاد، وتتردّد أصداؤها في الفضاء، تحمل مع موسيقاها العذبة أعذب ألحان السلام، والهدوء، والفرح التام. ومنذ أكثر من ألفَي عام، ظهر ملاك الرب لجماعة من الرعاة، ووقف فوق مروج بيت لحم، وحين رأى الخوف العظيم يرتسم على وجوه الرعاة قال لهم:

"لا تخافوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ." (لوقا 10:2-11)
وهكذا سَمِعَتِ البشرية المستعبدة، المقيّدة بالأغلال أوّلَ إعلانٍ سماويٍّ بالقضاء على الخوف. وما أرهب الخوف وما أفظعه! لكن ممّا يخاف الإنسان؟
إن الإنسان يخاف من اكتشاف خطاياه... يخاف من أن تتمزّق الستائر التي يختبئ وراءها فيَظهَر أمام الملأ على حقيقته التي يحاول أن يسترها.
والإنسان يخاف دينونة الله، يخاف القصاص الإلهي، ويسمع دومًا ذلك الصوت الرهيب يناديه في أعماق ضميره: "النفس التي تخطئ هي تموت." (حزقيال 20:18)
والإنسان يخاف الفقر، والمرض، والموت، والمستقبل، والمجهول. فالخوف يتدخّل في نسيج حياته من المهد إلى اللحد.
وحين وُلد المسيح، تحدّثت السماء إلى سكان الأرض تعلن لكل من يؤمن التحرّر من الخوف. فعلى أي أساس أعلنت السماء هذا النداء؟

لقد أعلن ملاك الرب القضاء على الخوف على أساس ميلاد المسيح
وهذا واضح في الكلمات "لا تخافوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ." فقبل ميلاد المسيح مضت فترة طويلة من الزمن سكتت فيها السماء عن التكلم إلى سكان الغبراء... حتى ظن الناس في تعبهم، وخوفهم، وعبوديتهم أن الله قد نسيهم. فلما وُلد المسيح أعلنت السماء أن الله لم ينسَ البشر. لكنه جاء يتحدث إليهم بحديث المحبة، لا بنبيٍّ من الأنبياء لكن في ابنه الوحيد المجيد، كما يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين "الله، بعد ما كلّم الآباء بالأنبياء قديمًا، بأنواع وطرق كثيرة، كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه، الذي جعله وارثًا لكل شيء، الذي به أيضًا عمل العالمين." (عبرانيين 1:1-2)
إذن، فلا مجال للخوف، لأن الله يحبّ العالم، وقد أعلن حبّه في تجسُّد ابنه، وجاء ليحتضن البشرية الخاطئة ويصالحها لنفسه... "أي إن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه، غير حاسبٍ لهم خطاياهم، وواضعًا فينا كلمة المصالحة." (2كورنثوس 19:5)

وهناك أساس ثانٍ يؤكد القضاء على الخوف هو أساس خلاص المسيح
فالمسيح الذي وُلد هو المسيح المخلّص كما قال الملاك: "وُلد لكم... مخلّص هو المسيح الربّ." فالمسيح لم يولد في بيت لحم ليُعلِّم الناس مجرّد تعاليم سامية، ولم يولد كما وُلد سائر الناس، لكنه وُلد لكي يموت، ومات لا كما نموت نحن بسبب خطايانا بل مات من أجل خطايانا، وصلّى وهو على الصليب قائلًا: "يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون." (لوقا 34:23)
إذن فلا خوف من عقاب الخطية... وما دام الخوف من عقاب الخطية قد انتهى، فلا خوف من الموت، ولا خوف من الدينونة، ولا خوف من المجهول... بل سلام كامل عظيم.
لكن، لمن هذا السلام الكامل الأسمى؟ إنه للّذي يقبل الرب يسوع المسيح مخلّصًا شخصيًا لنفسه "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية." (يوحنا 16:3)
فهل قبلت المسيح في قلبك؟ وبأي صورة ستعيد ذكرى ميلاده؟ هل ستعيّد هذه الذكرى في الملاهي، ودور السينما، وفي أماكن اللَّهو، ومع كؤوس الخمر أو ستعيّدها وأنت ممتلئ بالإحساس الكامل أن المسيح في قلبك، وأنه بكل يقين مخلصك الشخصي فتهتف مردّدًا مع رسول الأمم "ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي." (غلاطية 20:2)
وهكذا نتحرر من الخوف من الفقر، والمرض، والمستقبل المجهول لأنك ستصبح ابنًا لله الذي يسدّد احتياجات أبنائه بسخاء وغنى.

هذا يأتي بنا إلى الأساس الأخير الذي يؤكد القضاء على الخوف وهو أساس لاهوت المسيح المجيد.
أقول "لاهوت" ولا أقول ألوهية. فلم يكن المسيح مجرّد إله، فقد قيل عن البشر: "أنا قلت إنكم آلهة." (يوحنا 34:10) ولكن المسيح - له المجد - هو "الله الابن" وهو "ابن الله". وعلى أساس الإيمان بلاهوته المجيد يتحرّر الإنسان من الخوف.
والإيمان بلاهوت المسيح ضرورة حتمية لقانونية الصليب، فإذا كان المسيح مجرد إنسان بشري فقط، فهو إذًا قد ورث الخطية، وإذا كان قد ورث الخطية فهو "مفلس" كسائر البشر في حساب العدالة الإلهية. وإذا كان "مفلسًا" كسائر البشر فهو لا يستطيع أن يفديهم وأن يسدِّد أجرة خطاياهم. ولكن المسيح هو "ابن الله"، هو "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته." هو "الذي فيه خُلق الكل ما في السماوات وما على الأرض." هو القدوس "الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه غشّ." ولذا فهو قادر على فدائنا، وأخذ العقوبة عنا. وشكرًا لله ألف شكر لأنه ذاق الموت لأجل كل واحد. لقد نزل من المجد الأسنى وسار على كل درجات سلّم الاتضاع، فأخلى نفسه، وأخذ صورة عبد، وصار في شبه الناس، ووُجد في الهيئة كإنسان، ووضع نفسه، وأطاع حتى الموت، موت الصليب... أفظع وأقسى أنواع الموت.
وفي ذكرى ميلاده اذكُرْ ما صنعه لأجلك وردّد صدى هذا الحب في حياة التكريس، والصلاة، ودرس الكتاب، والخدمة، والتضحية لأجل الفقير، ولأجل عمل الله، وامتداد ملكوته. وكل عام وأنت في ملء بركة الإنجيل.

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578775