Voice of Preaching the Gospel

vopg

إنَّ ميلاد الرَّبِّ يسوع المسيح هو حدثٌ استثنائيٌّ بحدِّ ذاته. فَمَن أتى إلى أرضنا ونما وتربَّى في كَنَفِ عائلةٍ بشريَّة تقيَّة كان شخصيَّةً استثنائيَّة بل وفريدةً أيضًا.

وكما كان يسوع استثنائيًّا في ولادته، فقد كان هكذا أيضًا في نموِّه في الحكمة والقامة والنعمة أمام الله والناس – "وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ." (لوقا ٥٢:٢) فَتَربيتهُ البيتيَّة كانت استثنائيَّة وأُنموذجًا مسيحيًّا للطَّاعة والخضوع لِذوينا الأرضيِّين ولأبينا السَّماويّ.
يُلاحظ القارئ الحكيم أنّ تفاصيل حياة الرَّبِّ يسوع المسيح لما كان بعد ولدًا ذُكِرت تحديدًا في إنجيل الطَّبيب لوقا. وبينما يتميَّز البشير متَّى بذِكر بعض الأحداث المتعلِّقة بولادة المسيح، فمن الواضح بمكان أنَّ إنجيل لوقا ينفرد بإظهار شخصيَّة المسيح الاستثنائيَّة وكلماته وهو بعدُ صبيٌّ يانعٌ وصغير.
عندما كان في عمر الاثني عشر، سافر الرَّبُّ يسوع مع عائلته قرابة التسعين ميلًا (أكثر من ١٤٠ كلم) من الناصرة باتِّجاه مدينة أورشليم للاحتفال بعيد الفصح السنويّ. ولما قاربت الاحتفالات على الانتهاء وباشرت العائلة بالتّرحال عَودًا إلى الناصرة، بقي يسوع في أورشليم من دون عِلم والدَيه الأرضيَّين. ولما علِما بغيابه، عادوا بقلقٍ شديدٍ إلى أورشليم يطلبانه بين القوم باحثين عن مكان تواجده.
وإذا كان الرَّبُّ قد أكرمك، أيُّها الأخ العزيز، بنعمة الأولاد والبنين، فيُمكنك أن تتخيّل مقدار الخوف والإحباط الَّذي أصابهما في بحثهما الجادّ هذا. وإذا كان بإمكانك أن تختبرَ المشاعر التي اختبروها لمّا أيقنوا أنَّ يسوع ذلك الصبيّ الصغير لم يكن بين الرفقة، لكنتَ عرفت كم انتابهم من القلق من جرَّاء اختفائه القسريّ.
ومن حظِّهما، كحظِّ كلِّ عائلةٍ تجدُ ضالَّتها، فقد وجدا يسوع في الهيكل، في بيتِ الله – "وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ." (لوقا ٤٦:٢) الجدير ذكره إنَّ هؤلاء المعلِّمين كانوا بلا مُنازع من ذويّ الخبرة والمكانة الاجتماعيَّة والدينيَّة بمكان لدرجةِ أنَّهم تعجّبوا كثيرًا من شخصيَّة يسوع ونموِّه الفكريّ والعقائديّ – "وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ." (لوقا ٤٧:٢) وهذا يدلُّ على أنَّ المسيح كان مُطَّلعًا وضليعًا بالكُتُب حتَّى في هذه السنِّ المبكِّرة.
ألا ينبغي أن نُرشِد أولادنا كي يفهموا الكُتُب ولا سيَّما كلمة الله ونخلُقَ جيلًا يخاف الله مملوءًا بالحكمة والفَهم؟!
أمَّا أبواه فاندهشا ولاما يسوع بقولهما له – "فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: [يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّّبَيْنِ[!" (لوقا ٤٨:٢) أمَّا هو – أي يسوع ذلك الصبيّ الاستثنائيّ – فوبَّخهما بأدبٍ نادرٍ وذكَّرهما برسالة الملاك قبل الولادة المتعلِّقة بشخصيَّة المسيح ودورها الأرضيّ – "فَقَالَ لَهُمَا: لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلََمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لِأَبِي؟" (لوقا ٤٩:٢) اللَّافت في الأمر أنَّ أبواه لم يفهَما قطٌّ ما نطق به يسوع الَّذي، مع اهتمامه بعمل أبيه السَّماويّ، لم يكن غبيًّا مُتمرِّدًا بل خاضعًا لهما – "فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلَامَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ." (لوقا ٥٠:٢-٥٢)
وبما أنَّ الله هو أبونا أيضًا، فقد ائتُمنَّا وأُرسِلنا لنعمل عمله كما الرَّبّ يسوع المسيح (يوحنَّا ١٧:٢٠، ٢١). وإذا أخذنا الصبيّ يسوع كمثالٍ لنا، هكذا ينبغي أن نتفانى في خدمة الرَّبّ. فهذه الخدمة تشمل أيضًا الأمانة التي أُعطينا إيَّاها من فوق لِنُتمِّم عمل الله على هذه الأرض (٢كورنثوس ٦:٩-٨؛ غلاطية ٧:٦-١٠). وإذا كنَّا عالمين بأنَّنا سنعطي حسابًا في يومٍ من الأيَّام (رومية ١٢:١٤؛ ٢كورنثوس ٩:٥-١٠)، فعلينا أن نسأل أنفسنا الأسئلة التالية:
كيف نُدير الأمانة أو الوكالة التي أُعطيت لنا؟ وما هي المعايير والضوابط المتَّبعة للتصرُّف بها؟ هل نعتبر الصبيّ يسوع بأمانته وتفانيه مثالًا حقيقيًّا في الحياة العمليَّة؟
كيف نتفاعل مع إرادة الله في حملنا لهذه الأمانة، وهل هناك من مصادر معيَّنة لا تخضع للترتيب الإلهي في حياتنا كأولاد الله؟
هل نستخدم الحريَّة المعطاة لنا كوكلاء أمناء لله، وما هي مدى أمانتا المادِّيَّة والروحيَّة أيضًا؟
هل نكنز كنوزًا لا تفنى حتَّى إذا شارفت خدمتنا على النهاية نجد هناك رصيدًا كبيرًا نستطيع أن نرتكز عليه في خدمة الآخرين وتمجيد الله؟
لا شكّ أنّ الصبيّ يسوع قد انجذب نحو هيكل الله في أورشليم وهو عالمٌ ببيتِ الآب وخدمته الجليلة، حيث بقي ثلاثة أيامٍ في أوَّلِ خدمة علنيَّةٍ له. لم يكن مُمكنًا له إلَّا أن يعمل أعمال أبيه السَّماويّ بأمانةٍ ونشاط استثنائيّ. وبعد سنواتٍ طويلة، نرى الرَّبّ يسوع المسيح يشرح لتلاميذه كيفيَّة الخدمة بقوله: "يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ." (يوحنَّا ٤:٩)
هل نقتفي آثار خطواته في الخدمة العمليَّة ونرتقي بمستوى خضوعنا للمشيئة الإلهية؟ هل نستطيع أن نُعلِن أنه "ينبغي أن نكون فيما لأبينا السَّماويّ" في حياتنا اليوميَّة والاجتماعيَّة والروحيَّة، وفي الخدمة التي اؤتمنَّا عليها؟ "ثُمَّ يُسْأَلُ فِي الْوُكَلَاءِ لِكَيْ يُوجَدَ الْإِنْسَانُ أَمِينًا." (١كورنثوس ٢:٤)؛ وكما كان المسيح استثنائيًّا في ولادته وتربيته ونموِّه وخدمته، هكذا ينبغي أن نكون نحن فيما لأبينا السَّماويّ ولمسيحه القدُّوس المبارَك – "لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلَاءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ." (١بطرس ١٠:٤)

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

172 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10628752