Voice of Preaching the Gospel

vopg

عندما لا تمطرُ السَّماء - 1 للمؤلف فيليب يانسي - من إعداد وتقديم الدكتورة ألينور نحّات
كتاب "عندما لا تمطرُ السماء" هو كتابٌ مترجم عن اللغة الإنكليزية بعنوان: Disappointment with God‎ وترجمتها الحرفية: "خيبتي مع الله".

ولقد ألَّف هذا الكتاب فيليب يانسي وأهداهُ إلى كل أخ وأخت ما زالا خائبَين.
مقدمة: قد يربكنا عنوان هذا الكتاب مع أنه حين تُرجم إلى العربية وُضع له عنوانٌ أكثرُ قبولًا. وهو يعالج خيباتِ أمل لنا بحسب تصوّراتنا لأنَّ رؤيتنا لله قد تكون غائمة، مع أن الحقيقة هي أن الله موجود فعلًا ومهتم بكلٍّ منّا ويعبُر معنا في كل ظرف من ظروف الحياة.
ولكن هنالك حقيقة هامة وهي أننا نريد أن يعمل الله معنا بالطريقة التي نحن نراها مناسبة. ولكن الله يبقى هو الله وهو خارج منظورنا وهو يعرف خفيّات قلوبنا ولكنه يريد أن يعلِّمنا دروسًا لندخل إلى العمق معه. وكما قال بولس: "لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبّهًا بموته."
يقدِّم فيليب يانسي نظرة متوازنة إلى الإيمان المسيحي ويعالج ثلاثة من الأسئلة التي قد تخالجُ أعماق الإنسان المؤمن وربَّما غير المؤمن أحيانًا، ولكن المؤمن لا يطرحُها جهارًا، وهي:

لماذا الله صامت؟ وهل الله ظالم؟ وهل الله مختبئ؟ وقد وردت آيات في الكتاب المقدس عن هذه الأسئلة: "استيقظ! لماذا تتغافى يا رب؟ انتبه! لا ترفض إلى الأبد. لماذا تحجب وجهك...؟" (مزمور 23:44-24) وأيضًا: "يا رب، لماذا تقف بعيدًا؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟" (مزمور 1:10) و "لا تحجب وجهك عني. لا تخيِّب بسخطٍ عبدك." (مزمور 9:27)
عندما راود السؤال ذهن الكاتب عن موضوع خيبة أملٍ بالله، كانت له فرصة لزيارة كنيسة في إنديانا حيث كان أعضاؤها يؤمنون أنَّ في وسع الإيمان البسيط أن يشفي من أي مرض، وأنَّ التماس المعونة من أي مصدر آخر كالأطباء يدلّ على قلّة الإيمان بالله. وعليه فقد رفضوا العلاج الطبي وتعرّض أولادُهم إلى الموت بسبب نوع من التهاب السحايا كان يمكن علاجه. لكنّهم لاموا أنفسهم على قلّة إيمانهم.
ويَعرضُ الكاتبُ أيضًا التقاءَه بشخصٍ اسمه ريتشارد كان في أول إيمانه طالبًا يدرس في الجامعة وقد كتب بحثًا عن سفر أيوب وأراد أن يطَّلِعَ عليه وينقِّحه. مع أن النص كان شيّقًا بالنسبة لشخص مبتدئ. وعندما أصبح الكتاب جاهزًا للطباعة التقى الكاتب بريتشارد إلا أنَّ وجهه كان متجهِّمًا لأنَّه أصيب بخيبة أمل بالله وأحسَّ بأنَّ كل صلواته لم تُستَجَبْ ولم تؤدِّ إلى نتيجة. لذلك توقّف ريتشارد عن كل ما لَه علاقة بالله. وهذا ما دفع الكاتب أن يبحث ويكتب ليرى ما يسمّى بخيبةِ الإنسان من الله في عدسة جديدة متابعًا معه الطريق.
الفكرة الأولى للردّ: لا بدَّ من العودة إلى البدايات. لقد كان هدف الله من خلق آدم وحواء والإنسان عامّة هو أن يتلذَّذ بالشركة معه. لأنَّه يقول: "فرِحةً في مسكونةِ أرضه، ولذَّاتي مع بني آدم". (أمثال 31:8) إن شهوة قلب الآب هي أن تكون له علاقة معنا ولقد خلقنا على صورته وشبهه ووضع فينا حبّ العلاقة معه. لقد كان يتمشّى مع آدم في الجنة وقد كتب الطيِّب الذكر القس يوسف قسطه هذه الترنيمة:
ربّي معي يسير في المروج
نحكي معًا كالخلِّ للخليل
يضمُّني بفرح بهيج
نمشي معًا بفرح جزيل
القرار
نمشي معًا نحكي معًا كأفضل الرفاق
نمشي معًا نحكي معًا، نحيا بلا افتراق
فعندما خلق الله النور والنباتات والحيوانات والشمس والقمر كان يقول: "ورأى الله ذلك أنه حسن." لكنَّه عندما خلَق الإنسان قال: "ورأى الله ذلك أنَّه حسن جدًا." نعم، كان هدف الله فعلًا من الخلق أن يقيم شركة روحية مع الإنسان. ويقول في أيوب 7:38 "عندما ترنَّمَتْ كواكب الصبح معًا، وهتف جميع بني الله." وعندما خلق الله العالم، لا بدَّ أنه قيّد ذاته بقيود خاصة في زمان ومكان حيث أن الله يرى المستقبل والحاضر والماضي دفعةً واحدة. وحين خلق الإنسان كانت مجازفةُ الله إذ توسّم أن يكون في علاقة معه. إلى أن وقع انفصال رهيب كان قد انسلَّ إلى تربة العلاقة الوثيقة. ونستطيع أن نقول إن كل اهتزازة خيبةٍ في علاقتنا بالله إنما هي هزة ارتدادية ناجمة عن فعل تمرُّدها الأولى. وبعد السقوط التقى الله بآدم وحواء وبيَّن لهما أن الخليقة كلها ستضطر إلى التكيُّف مع الخَيار الذي اختاره آدم وحواء. وتتالى الأحداث حتى نأتي إلى تكوين 6:6 "فحزن الرب أنه عمِل الإنسان..." إذ عندما ازداد شر الإنسان يقول الكتاب: "فقال الله لنوح: [نهاية كلّ بشرٍ قد أتت أمامي، لأن الأرض امتلأت ظلمًا منهم. فها أنا مُهلكُهم مع الأرض." (تكوين 13:6) لكنَّ نوح أطاع وبنى الفلك ونجا ثماني أنفس. ومن ثمَّ: "بنى نوح مذبحًا للرب... وأصعد محرقات على المذبح، فتنسَّم الرب رائحة الرضا. وقال... [لا أعود ألعن الأرض...]" (تكوين 20:8-21) وارتبط معهم بميثاق أبدي وهو: "وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض." (تكوين 13:9) وهنا تعهَّد الرب بأن يتحمّل الشرّ على هذا الكوكب إلى حين، حتى يحلَّه بوسيلة أخرى غير الفناء. وتقدّم الله بعدئذٍ لا ليعاقب الأرض بل ليرسم خطة جديدة للتاريخ البشري بدأت في تكوين 12 بقصة أبرام ودعوة الرب له. وهنا بدأ الله يقوم بدور الآب. لقد كان إبراهيم أبًا إلا أن الله عاد وتعامل معه. فمثلًا في سن 75 ذهب إبراهيم إلى مصر وأخطأ. وفي سن 85 لم ينتظر وعد الله فاتّخذ له هاجر زوجة. وفي سن 99 ضحكت زوجته سارة عندما جاءت الملائكة وأخبروه أنه نحو زمان الحياة سيكون لسارة ولد. وبعدئذ سمَّى ابنَه إسحاق أي (ضحكة). أخيرًا تعلّم إبراهيم الدرس ووثق بالله "فحُسب له برًّا." ولكن في زمن يعقوب باتت الرسائل أكثر غموضًا إذ حلم حلْمًا مبهمًا، رأى سلَّمًا منصوبة من الأرض إلى السماء وملائكة الله تصعد وتنزل. مع أننا الآن وفي ضوء العهد الجديد نفهم أنها تشير إلى المسيح الذي فتح لنا باب السماء مع الله القدير. ونأتي إلى قصة يوسف، فعندما فسّر الأحلام لإخوته، رموه في البئر. ثم وقف ضد خطية الشهوة مع زوجة فوطيفار، وفي السجن فسّر حلمَ كلٍّ من ساقي الملك والخباز، لكنهما نسياه، فهل يا ترى خطر السؤال هذا على بال يوسف: لماذا يصمت الله، وهو يراني أعاني؟ عندما ذهب ليتفقد سلامة إخوته كان عمره 17 سنة وعندما وُضع في السجن تألّم فكانت مدة ألمه مجملةً 13 سنة. ترى لماذا صمت الله؟ وهل ظلَّ يوسف يثق ولم يخِبْ أمله بالله؟ ألم تمرّ في ذهنه تساؤلات: لماذا أنا هنا؟ ماذا فعلت؟ كنت أمينًا لإلهي وقلت: "كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟" لو وضعنا أنفسنا مكان يوسف، ألا نفكر بأن الله حجب وجهه عنا؟ ولكن أخيرًا تذكّر رئيس السقاة يوسف أمام الملك فرعون، وحين وقف يوسف أمامه كان عمره 30 سنة. حينذاك كان يوسف قد نضجَ من خلال اختباراته لمعاملات الله إذ تعلم أن يثق بإلهه. وأخيرًا، فيما غلبت الدموع يوسف حاول أن يشرح إيمانه لإخوته قائلًا لهم: "أنتم قصدتم لي شرًّا، أما الله فقصد به خيرًا."
والآن، وبعد أن قدّمنا التساؤلات والأحداث التي مرّت في الكتاب المقدس وما نمرّ به الآن من أوبئة، وأمراض، وضيق اقتصادي، وآلام، وكوارث، وانفجارات، وحرائق، نصرخ:
يا رب لماذا تصمت؟
1- إن هدف الله من علاقته معنا هو أن يعلّمنا ألَّا نتعلّق بالأرض التي هي للفناء. ولكن ننظر إلى السماء حيث نجاتنا تقترب من نهاية حياة غربةٍ حقيقية، وما حياتنا إلا إقامة مؤقتة، فلنجتهد أن نكون مرضيين عنده ولا نفقد إيماننا وثقتنا به - إنما الله صالح (مزمور 73). وعن طريق اجتيازنا لكل هذه الأحداث من حولنا وفينا يُثبَّت إيماننا وتتقوّى ثقتنا ونصبح في عِداد قائمة مشاهير الإيمان كما ورد في عبرانيين 11. والأمانة تتضمّن تعلّم الثقة بأن الله خارج محيط الضباب ما زال يملك ولم يتخلّ قطّ عنا.
2- وحتى عندما يحدث موت المؤمن التقي، الخادم، نسأل لماذا لم يشفِه الرب؟ لماذا صمَت الرب؟ يقول إشعياء 1:57-2 "بادَ الصدّيق وليس أحدٌ يضع ذلك في قلبه. ورجال الإحسان يُضمّون، وليس مَن يفطن بأنّه من وجه الشر يُضمّ الصدِّيق (يدخل السلام)."
3- لسبب لا نعرفُه، لأنَّه كيف لعقولنا الصغيرة أن تسبُرَ غور الله الذي يشبه المحيط؟
أراد مرةً إسحاق نيوتن أن يحدّق بالشمس وبهائها بدون أيّة نظّارة، فعانى من بعدها من العمى المؤقت لمدة ثلاثة أيام اضطرّ خلالها أن يحجُز نفسه في غرفة مظلمة ومع ذلك لم تستطع البقعة أن تفارق بصره. ولنا في اختبار نيوتن عبرة لمن أرادوا أن يعيشوا مع الله بصورة مرئية، فإن كنّا لا نحتمل نور الشمعة فكيف يمكننا أن نحدّق بالشمس؟! وكما يقول في رومية 33:11 "يا لَعمق غنى الله وحكمته وعلمه! ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء! لأن من عرف فكر الرب؟ أو من صار له مشيرًا؟"
يتبع في العدد القادم

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

160 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10628296