أحداث ولادة السيد المسيح - له كل المجد - تمت بصورة رائعة. لو حدثت بأسلوب آخر ما كان ذلك يلائم ويليق بولادة رب المجد...
أرسل الله ملاكًا إلى عذراء اسمها مريم مخطوبة لرجل اسمه يوسف وقال لها: "سلام لكِ أيتها المُنعَم عليها! الرب معك. مباركة أنتِ في النساء." اضطربت عندما رأته فقال لها: "لا تخافي يا مريم، لأنكِ قد وجدتِ نعمة عند الله. وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع..."
فقالت: "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟" فقال لها الملاك: "الروح القدس يحلّ عليك، وقوة العليّ تظلّلك، فلذلك أيضًا القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله."
قال الرسول يوحنا عن هذا المولود: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله... والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا، ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيد من الآب، مملوءًا نعمة وحقًّا."
وقال عنه الرسول بولس: "الذي إذ كان في صورة الله... أخلى نفسه، آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس. وإذ وُجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه..." وقال عنه أيضًا: "عظيم هو سرّ التقوى: الله ظهر في الجسد..." فبولادة المسيح، له كل المجد:
1- تمت النبوءات
توجد في الكتاب المقدس نبوات كثيرة عن ولادة المسيح أذكر بعضها على سبيل المثال:
"ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه [عمانوئيل.]"
يقول التاريخ أن بطليموس الأول عيّن سبعين شخصًا لترجمة الكتاب ومن بينهم سمعان الذي عُرف بعد ذلك بسمعان الشيخ. ولما وصل سمعان إلى هذه الآية خشي أن يكتبها لئلا يعترض بطليموس فأراد أن يغيّرها إلى كلمة فتاة ولكن لم يسمح له ضميره فكتبها كما وردت في النصّ فكافأه الرب بوعده أن يبقى على قيد الحياة حتى يرى ذلك بعينه... وتم ذلك فعلاً.
ونبوة أخرى تقول: "لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا، وتكون الرياسة على كتفِه، ويُدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًّا، رئيس السلام. لنموّ رياسته، وللسلام لا نهاية..."
ونبوة أخرى تحدّث بها إرميا: "ها أيام تأتي، يقول الرب، وأُقيم لداود غصن برّ، فيملك ملك وينجح، ويجري حقًا وعدلاً في الأرض."
ونبوة رابعة تحدّث بها ميخا: "أما أنتِ يا بيت لحم أفراتة، وأنتِ صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنكِ يخرج لي الذي يكون متسلطًا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل."
لو لم يولد المسيح ما كان لهذه النبوات معنى... وكانت كاذبة... لكن بميلاد المسيح تأكيد صدق هذه النبوات.
2- تبددت الظلمات
تقول كلمة الرب: "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا. الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور؟" هذا المولود هو نور من ذاته "ليس فيه ظلمة البتة." يقول يوحنا: "كان إنسان مُرسَل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور، لكي يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور، بل ليشهد للنور. كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم. كان في العالم، وكُوِّن العالم به، ولم يعرفه العالم."
هذا المولود هو شمس البر الذي أشرق والشفاء في أجنحته. قال عن نفسه: "أنا هو نور العالم. من يتبعني لا يمشي في الظلمة." إنه نور الأرض ونور السماء.
"والمدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها، لأن مجد الله قد أنارها، والخروف سراجها. وتمشي شعوب المخلصين بنورها."
هو "كوكب الصبح المنير." تبدّدت الظلمات وحلّت الأنوار! تبدّدت ظلمة الشرّ والجهل والكراهية والطمع... "استيقِظْ أيها النائم وقمْ من الأموات فيضيء لك المسيح."
"أنار الحياة والخلود..."؛ "وأجعلك عهدًا للشعب ونورًا للأمم، لتفتح عيون العمي..."
3- عمّت المسرّات
ظهر الملاك للرعاة فخافوا واضطربوا. فقال لهم: "لا تخافوا! فها أنها أبشّركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. وهذه لكم العلامة: تجدون طفلاً مقمّطًا مضجعًا في مذود." والفرح ليس لجميع الشعب فقط بل للملائكة. فقد أنشدت أنشودة تدلّ على أفراحهم "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرّة."
فرح أيضًا المجوس فرحًا عظيمًا عندما عرفوا موضع ميلاده. "فلما رأوا النجم فرحوا فرحًا عظيمًا جدًّا." وفرحوا أكثر وأكثر عندما شاهدوا الصبي مع أمه. فرح الجميع لأنه قد وُلد مشتهى كل الأمم... وفرح الجميع بولادة المخلص – بولادة المحرّر...
يفرح الناس بذكرى ميلاد المسيح عن طريق لبس الثياب الغالية وإقامة الولائم والموائد وبالتجمّع معًا، وشراء أشجار الميلاد المحمّلة بالأنوار والزينات، ولكن ليست هذه هي الأفراح – الأفراح يجب أن تكون بسكنى المسيح في قلوبنا. هل وُلد المسيح في قلبك؟