"فَرَضُوا أَنْ يَقْبَلُوهُ فِي السَّفِينَةِ." (يوحنا 21:6)
"فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ." (كولوسي 6:2)
عندما يستمع الناس إلى رسالة الرب تختلف مواقفهم.
بعضهم يستهزئون ويرفضون قبول الرب يسوع، وآخرون يؤجّلون قبوله، وآخرون يقبلونه مخلِّصًا لحياتهم... كما نرى مواقف الناس عندما استمعوا رسالة الرب على فم الرسول بولس... وأخطر هذه الأنواع هم الذين يؤجلون قبول الرب يسوع.
تحدّث الرسول بولس عن البرّ والتعفّف، فارتعب فيلكس ولكنه أجّل أمر قبول الرب يسوع مخلصًا لحياته. وقال لبولس: "أما الآن فاذهب، ومتى حصلت على وقت أستدعيك." ولكن مع كل أسف، لم نقرأ أنه حصل على هذا الوقت! ما أروع الذين يرضون أن يقبلوه ليدخل سفينة حياتهم. يقول البشير يوحنا: "فرضوا أن يقبلوه في السفينة." فالذين يرضون أن يقبلوه يحصلون على بركات كثيرة. ولي معكم في حديثي عن قبول الرب يسوع ثلاثة أمور:
أولاً: قبول المسيح ضرورة حتمية
1- اقبل يسوع بإرادةٍ شخصيّة: البعض ينكرون حرية إرادة الإنسان في أمر قبوله للمسيح. قرأت قول أحدهم: إن الكتاب المقدس يؤكد عدم وجود ما يسمّى بالإرادة الحرّة للإنسان في أمر خلاص نفسه. ألا يتناقض هذا مع الشواهد الكتابية: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني." لقد ميّز الله الإنسان عن بقية المخلوقات بالعقل والإرادة الحرة. يقول داود لابنه سليمان: "اعرف إله أبيك واعبده بقلب كامل ونفس راغبة." يقول الكتاب أن الله: "يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون." وما الذي يعطِّل خلاص الإنسان؟ إرادة الإنسان.
2- اقبل يسوع بأفراحٍ قلبيّة: يجب أن نقبل الرب يسوع بفرح. طلب زكا أن يرى من هو يسوع ولم يقدر من الجمع. فتسلَّق جمّيزة. مرّ المسيح تحتها ورفع نظره "وقال له: [يا زكا، أسرع وانزل، لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك.] فأسرع ونزل وقَبِلَه فرحًا." فرح زكا لأن أمنيته برؤية المسيح تحقّقت، وفرح أيضًا لأن الرب يسوع دخل بيته. فالرب أعطاه أكثر جدًا مما طلب أو افتكر. يقول الوحي المقدس عن الخصي: "وذهب في طريقه فرحًا." والسجان عمل وليمة "وتهلّل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله."
3- اقبَلْ يسوع بثقةٍ قويّة: يجب أن تقبل الرب يسوع بإيمان قويّ. قال بولس وسيلا لحافظ سجن فيلبي ردًّا على سؤاله: "ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟" قالا: "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك." كان السجّان متوقِّعًا أن يقول له بولس: هات لوح كبير واكتب الأمور التي يجب أن تفعلها. لكن كان الجواب واضحًا كل الوضوح: آمن بالرب يسوع.
ثانيًا: لقبول المسيح بركات غنية
1- الحصول على أشرف بنويّة: يقول البشير يوحنا: "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه. الذين وُلدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله." فيحقّ لنا أن نقول بملء شدقينا: "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله!" هذا شرف ما بعده شرف – أننا أولاد ملك الملوك وربّ الأرباب.
2- تتبدّد المخاوف الخارجية والداخلية: من لا يقبل الرب يسوع... قلبه ممتلئ بالخوف. قال لي أحد الأشخاص المؤمنين: كانت حياتي قبل قبول الرب يسوع ممتلئة من الخوف. كنت عندما أسمع أن شخصًا قد مات كنت أرتعب وأقول: ماذا لو كنت أنا – ولكن بعد قبولي شخص الرب يسوع مخلّصًا لحياتي امتلأ قلبي بالسلام والطمأنينة وصرت أردّد: "الرب نوري وخلاصي ممن أخاف. الرب حصن حياتي ممن أرتعب." "أيضًا إذا سرت في وادي ظلّ الموت لا أخاف شرًّا، لأنك أنت معي."
3- ضمان الحياة الأبدية: "وهذه هي الحياة الأبدية: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته." ففيما أنت مسافر إلى الأبدية لا بدّ أن يكون معك تذكرة دخول مختومة بدم يسوع. "من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة."
ثالثًا: لقبول المسيح مسؤوليات روحية
1- السلوك بقداسة عملية: تقول كلمة الله عن زكريا وأليصابات: "وكان كلاهما بارَّين أمام الله، سالكَيْن في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم." يركّز الكتاب على ضرورة السلوك بقداسة فيقول: "نظير القدوس الذي دعاكم، كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة. لأنه مكتوب: [كونوا قديسين لأني أنا قدوس.]" "اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب."
2- مشابهة حقيقية: يجب أن نكون "مشابهين صورة ابنه، ليكون هو بكرًا بين إخوة كثيرين." يجب أن نشبه المسيح في المحبة والتواضع، والخدمة، والتضحية، والبذل، في الكلام، في التصرّف، وهذا قليل من كثير... ولكي نشبه المسيح علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا كان يفعل يسوع المسيح لو كان في مكاني؟ ماذا كان يقول لو كان في مكاني؟ ماذا يجول في فكره لو كان في مكاني؟ يجب أن يرى الناس فينا صورة المسيح.
3- السلوك بلياقة روحية: "لنسلك بلياقة كما في النهار: لا بالبطر والسكر، لا بالمضاجع والعهر، لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح، ولا تصنعوا تدبيرًا للجسد لأجل الشهوات." السلوك بلياقة يعني أن نفعل ما يليق. مثلاً، شخص له مكانته الاجتماعية وبينما كان يسير تعب فجلس على الرصيف حتى يستريح. إنه لم يرتكب خطية ولكن هذا لا يليق به. اصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة. ليكن كل شيء بلياقة – "لكي تسلكوا بلياقة عند الذين هم من خارج، ولا تكون لكم حاجة إلى أحد."
بالإجماع يجب أن نسلك في الروح – نسلك في المسيح "كما سلك ذاك (المسيح) هكذا يسلك هو أيضًا."