Voice of Preaching the Gospel

vopg

رسالة أفسس هي جوهرة رسائل بولس وذروة لاهوته، كتبها من سجنه في روما حوالي 62م، وهي رسالة عقائدية وعملية في آنٍ واحد.

يشرح فيها بولس سرّ الكنيسة، ويصف دورها وموقعها في مخطط الله الأزلي الذي يبلغ ذروته في المستقبل، عند إتمام قصد الله لتدبير ملء الأزمنة حيث يجمع الله كل شيء في المسيح. وكذلك يشرح بولس فيها خطوات السلوك في نهج القداسة، وكيفية تطبيق الحقائق الإلهية بشكل عملي في كافة جوانب حياتنا اليومية، ويختم رسالته بكيفية الاستعداد للحرب الروحية.
مقام المؤمن وهويته
تقع رسالة أفسس في ستة فصول، يشرح بولس في الفصول الثلاثة الأولى منها: 1-3 الأساس العقائدي، أي الحقائق الإلهية حول مقام وهوية المؤمن وامتيازاته في المسيح، ثم يوضّح بولس في الفصول 4-6 كيفية تطبيق هذه الحقائق في حياة المؤمن اليومية.
إن الفصول 1-3 تشمل الأساس الكتابي العقائدي لحياة القداسة، وفيها يلفت بولس أنظارنا إلى أن الخطوة الأولى في حياة القداسة هي معرفة وفهم الحقائق الإلهية حول عمل الله التام لأجلنا في المسيح. ويدعونا لتركيز أذهاننا على نتائج عمل الله كحقيقة ماثلة أمام عيوننا، فنرى كل الامتيازات والبركات المتاحة لنا في المسيح، والتي تمثّل مقامنا وهويتنا فيه. قبل كل شيء، يؤكد بولس في مطلع رسالته لأهل أفسس ولكل المؤمنين أنهم في نظر الله قديسين، أفسس 1:1 "بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله إلى القديسين الذين في أفسس." المقصود بقديسين: أشخاص مفروزين ومخصّصين ليستخدمهم الله لمجده، ونلاحظ أن أكثر لقبٍ مستخدم عن مؤمني العهد الجديد هو لقب: "قديسين". وبعد المقدمة والتحيات، يبدأ بولس رسالته برفع تسبيحة شكر وحمد، يكشف فيها محتوى عمل الله لأجلنا في المسيح: "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح، كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم قدّامه في المحبة... الذي هو عربون ميراثنا، لفداء المقتنى، لمدح مجده." (أفسس 3:1-4 و14)
نلاحظ تكرار استخدام بولس لعبارة "إين خريستو" اليونانية ومعناها: "في المسيح" مع مشتقاتها 18 مرة في الفصول 1-3، تلك العبارة هي مفتاح فهم العهد الجديد، والمقصود بها: "اتّحادنا مع المسيح"، أي اشتراكنا في نتائج وثمار عمله الفدائي على الصليب. هذه الثمار هي جملة من البركات والامتيازات المتاحة لنا في كل حين، ويعدّد بولس أهمها: اختيارنا قبل تأسيس العالم ودعوتنا لنكون قديسين وبلا لوم (4:1) والفداء والتبني، والميراث الأبدي، وختم روح الموعد القدوس (14:1). ويستخدم بولس صورًا مجازية متعدّدة لتوضيح مقامنا الجديد في المسيح: "ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح بالنعمة أنتم مخلصون وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع." (أفسس 5:2-6) وأننا لسنا بعد غرباء وبعيدين، بل نحن قريبين، ورعية مع القديسين وأهل بيت الله ومسكنًا لله. (أفسس 11:2-22)

الراحة قبل العمل
تحتوي المسيحية مجموعة عقائد وأفكار نظرية نحتاج إلى فهمها قبل محاولة تطبيقها عمليًا. فالمسيحية تبدأ قبل كل شيء بمعرفة الحقائق الإلهية المعلنة لنا في كلمة الرب، وتصديقها، والثقة بكل ما قاله الرب عن مقامنا وهويتنا، وامتيازاتنا في المسيح، فندخل راحته ونتمتّع بما فعله لأجلنا، ومن ثم نبدأ بممارسة حياتنا اليومية بما يتوافق مع مقامنا وهويّتنا، وامتيازاتنا في المسيح. "لأنكم بالنعمة مخلصون، بالإيمان، وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد. لأننا نحن عمله، مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة، قد سبق الله فأعدّها لكي نسلك فيها." (أفسس 8:2-10) لذا، فعندما نضع العربة أمام الحصان لا نستطيع أن نجعلها تسير، فنحن عاجزون عن ممارسة الحياة المسيحية بدون أن نجلس ونستريح أولًا مع المسيح، فننال قوة للسلوك في حياة القداسة اليومية، التي هي ثمار ناتجة عن امتلاء المؤمن بالروح القدس وثباته في المسيح. يقول يسوع في إنجيل يوحنا 4:15 "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضًا إن لم تثبتوا فيَّ... الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا." فمهمة الغصن ليست أن يصنع الثمر بل فقط أن يحمل الثمر، عندما يثبت في الكرمة.

استنارة الأذهان
يصلّي بولس في أفسس 16:1-18 إلى الله لكي يفتح عيون مؤمني أهل أفسس ليفهموا حقيقة جلوسهم واتحادهم مع المسيح، وكل الامتيازات المرافقة لها، ويضعوا تلك الحقيقة نصب أعينهم دومًا، ومن ثم يختبروها في حياتهم اليومية: "لا أزال شاكرًا لأجلكم، ذاكرًا إياكم في صلواتي، كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح، أبو المجد، روح الحكمة والإعلان في معرفته، مستنيرة عيون أذهانكم، لتعلموا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين." وفي أفسس 14:3-19 يطلب من الله أن يمنحهم معرفة أعمق لأبعاد محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي يمتلئوا إلى كل ملء الله. لقد صُلبَ المسيح، وقام تاريخيًا، منذ أكثر من 2000 سنة، ونحن كذلك عند قبولنا هذه الحقيقة التاريخية قد صُلبنا معه وقُمنا، حيث أن اختبار يسوع التاريخي يصبح اختبارنا الشخصي الروحي. فبولس لا يتحدّث في رسالته عن تلك الأمور كأنها أمنيات يرجو حدوثها في المستقبل، بل كحقائق تاريخية حصلت معنا في الماضي. إذًا فالحياة المسيحية تبدأ عندما نقبل ما فعله الله لأجلنا في المسيح، ونستريح فيه، فالجلوس مع المسيح يصف مقامنا وهويتنا في المسيح واتحادنا معه، كأولاد الله القديسين، الوارثين لكل بركات الله في المسيح.

المجموعة: أذار (مارس) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

34 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10674083