مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. (تيطس 13:2)
يكاد يستولي اليأس في هذه الأيام على الكثيرين كأن لا رجاء لهم.
لأنهم لا يرون من الأيام المقبلة سوى غيومًا قاتمة تنذر بأخطارٍ هدّامة، وأحزانٍ مضنية، ونكباتٍ مسكونيّة تدعو إلى القلق الشديد. أما المؤمن المتجدّد بحق الإنجيل فإنه لا يضطرب قلبه بما هو آتٍ على المسكونة ولا يهاب الصدمات مهما كانت إذ يرى ما هو أبعد مما يراه العالم ويعرف ما لا يعرفه غيره من الناس. فبينما ينتظر العالم الخراب والدمار ينتظر ذلك المؤمن الاختطاف والبهجة. وبينما يتوقّع العالم النهاية المروعة يتوقّع المؤمن مُلك السلام المجيد. أجل، إن الرجاء المجيد نصب عينيه وهو رجاء وطيد ومبارك مبنيٌّ على كلمة الله الصادقة ومواعيده الثابتة ألا وهو أن المسيح "سيظهر ثانية للخلاص للذين ينتظرونه." (عبرانيين 28:9) فهو ينظر إلى الأيام المقبلة بكل يقين وطمأنينة كما كان ينظر نوح إلى الطوفان العتيد عندما كان يصنع الفلك.
ويرتبط بهذا الرجاء المبارك رجاء فداء أجساد جميع المؤمنين - المحاطة بالضعف - وذلك في قيامة الراقدين بالرب بأجسادٍ ممجدة خالدة؛ أي استبدال الجسد الفاني بجسد ممجَّد غير خاضع للموت والفناء. ويكون جميع المؤمنين أحياءً عند مجيئه. ويرتبط بهذا الرجاء أيضًا رجاء فداء الخليقة المتمخّضة التي قد طال انتظارها لمجيئه.
إن هذا الرجاء يملأ قلب المؤمن عزاءً وسط الحياة المضطربة وأحزانها المبرحة "لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ." (تسالونيكي 18:4)
وهو يطهّر وينقّي النفس "وكل من عنده هذا الرجاء به، يطهّر نفسه كما هو طاهر." (1يوحنا 3:3) لأنه يحلّ القلب من التعلّق بالماديات والعالميات والشهوات الجسدية ويبعث فيه الرغبة الشديدة إلى الاستعداد لذلك الوقت السعيد الذي فيه ينال المؤمن نصيبًا أفضل من تلك كلها. كما أنه يوقظ النفس لحياة السهر، أيّ السهر ضدّ الخطية والسعي في خدمة الفادي إلى أن يجيء أو نلتقي معه.
فمهما اشتدّت الظلمة، فلا تيأس أيها المؤمن واعلم أنها مبتدأ الأوجاع وعن قريب سيأتي ذاك الذي سيخطفك إلى مقرّ "السعادة الدائمة". فثق ودعنا بذلك نزداد رجاء منتظرين بشوق عظيم سرعة مجيئه. "وَلْيَمْلأْكُمْ إِلهُ الرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلاَمٍ فِي الإِيمَانِ، لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (رومية 13:15)
الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد بحرف مكبّر وغلاف طري يُرسل إليك مجانًا إن طلبته
