Voice of Preaching the Gospel

vopg

شارك أحد المحامين باختباره الفريد والمرعِب بالحق فقال: كنتُ في ولاية ألاسكا أقوم بتقديم دعوة قضائية وبالتحديد في ألوشين أيلاندز Aleutian Islands.

وبينما كنت أتحضَّر للعودة من الجزيرة إلى أنكريج Anchorage ومن ثم إلى بيتي، وبطاقة السفر في جيبي بالطبع، إذا بأحد الرجال يتقدَّم مني ويقول لي: اسمع، أنا قسيس وباستطاعتي أن أوفِّر عليك ثمن البطاقة. قلت له: وكيف ذلك؟
قال: إنني أقود طائرة صغيرة وأستطيع أن آخذك معي في طائرتي الخاصة هذه وهكذا توفِّر بطاقة السفر. قلت: لا لا داعي، أنا شاكرٌ فضلك لكنني لست بحاجة إلى ذلك فالبطاقة في جيبي وأنا وزميلي المحامي الآخر لسوف نشقُّ طريقنا على جناح السرعة نحو الطائرة.
لكنَّه لم يقتنع بكلامي بل أصرَّ بأن أصعدَ معه إلى طائرته الخاصة أنا وزميلي. فرضخنا للأمر الواقع وذهبنا معه إلى حيث طائرته الخاصة الصغيرة. كانت تبدو جديدة وبرّاقة من الخارج. فتمشَّيت حولها ملقيًا نظرةً سريعةً عليها متفحِّصًا إيّاها عن كثَب. ومن ثمَّ صعدنا بكل شجاعة إليها وجلستُ أنا في المقعد إلى جانبه بينما جلس زميلي في المقعد الخلفي. وبدأنا بالتحرُّك وهنا طلبت إليه أن نصلي، فقال: فكرة جيدة، لكنني لا أفعل ذلك عادةً، يمكنك الصلاة طبعًا. وهنا صلَّيت مدةً فاقت الثماني دقائق. وحين أقلعتِ الطائرة من على المدرج بدا كلُّ شيء على ما يُرام وباشرنا بالتحليق عاليًا بكلِّ راحةٍ ومتعة. لكن ما هي إلا بضعة دقائق حتى حصل ما لم يكن في الحسبان. إذ التفتَ إليَّ هذا القبطان القس وقال: "سندخلُ الآنَ في قلب الغيوم وأنا لا أحبُّ ذلك لأنني أشعرُ معها بالإعياء والإغماء." قلت له: ماذا؟ فالطقسُ كان غائمًا طوالَ النهار! وما أنْ انتهيت من كلامي حتى تدحرجتْ عيناه إلى الوراء وأُغميَ عليه. فتلقطْتُّ به ورحت أهزُّه بعنف وصرخت في وجهه: "هيا انهض! عليك أن تصحو من الإغماء حالًا لكي أقتلك." وبينما نحن على هذه الحال إذا بزميلي يقول: سوف نلاقي حتفَنا أليس كذلك؟ قلت: نعم بالتأكيد. فكلانا لا يفقهُ شيئًا عن الطيران! عندها لمحتُ الراديو الذي يساعدنا على الاتصال بالبرْج، فناولت زميلي الميكروفون ليطلبَ المساعدة في الحال. أخذه وبدأ يقول: مرحبًا، مرحبًا! فأتى الصوت من الطرف الآخر ليقول: مرحبًا. أوَلًا، تعلمُ آدابَ الاتصال الجوي؟" أجابه زميلي: كلَّا، لا أعلم، نحن الاثنان زميلي وأنا نطير مع قبطان فاقدِ الوعي وليس لدينا أية معلومات عن الطيران. قال الصوت: "هل تعني أنَّ لا أحدَ آخرَ في الطائرة يعرف شيئًا عن القيادة؟" "كلَّا، لا أحد." أجاب زميلي.
وهنا بدأتُ أنا في المقعد الأمامي أتصبَّب عرَقًا من كثرة الخوف والتوتر، وبدأ الصوت يقول لنا: "ابدأوا الآن فورًا بالتحليق على شكلٍ دائري حتى لا تضيعَ الطائرة من على شاشة الرادار. ولسوف أخبرُ أنكريدج بأنَّ هناكَ حالة طوارئ مستعجِلة كيما يستعدُّوا لها ويساعدوكم." وما هي إلاَّ دقائق حتى أتانا الصوت من أنكريدج قائلًا: "نعرف أنكما تطيران مع قبطان فاقد الوعي وأنتما لا تعلمان ماذا تفعلان." قلنا: "نعم." قال: "لا عليكما، إنَّ مهمتي الآن أن أوصلَكما إلى المطار بسلام. لكن عليكما أن تعدِاني بأنَّكما ستستمعان إلى صوتي وستطيعان ما أقوله تمامًا. فأنتما لا ترَياني أما أنا فأرى طائرتَكما. اسمعا وانتبها لما سأقول، بعد أربع دقائق لسوف تصطدمان بقمة جبل، فاتبعا صوتي وتعليماتي بحذَر لئلاّ يحدث هذا - وعلمتُ للتوِّ أنه بدون الاستماع لذلك الصوت فنحن مائتانِ لا محالة - وتابع يقول: سوف أقوم بتجميد حركة الطائرات حول أنكريدج وأنتما بحاجة إلى ساعة ونصف الساعة للوصول إلى هنا. لكن انتبها فالطقس من حولِكما غير مستقرّ وهناك عاصفة هوجاء محيطة بكما لكن عليكما ألاَّ تقلقا ولا تنظرا إلى ما يجري خارجًا بل استمعا إلى صوتي واتبعا تعليماتي. لأنه إذا بدأتما بتثبيت أنظاركما على العاصفة والأمطار من حولكما فلسوف تموتان."
وبعد لحيظات بدأنا نسمع أصواتًا منبعثة من الطائرات التي ابتعدتْ عن مسارنا كهذه العملاقة 747 التي قالت: "نحن نعلم بحالكم وصلاتنا أن تصِلوا بسلام. فقط استمعوا إلى الصوت ولا بدَّ أن تصلوا بأمان. ثقوا بالصوت فهذا هو المفتاح للخلاص."
وأخيرًا وبعد أنِ اجتزنا قساوة العاصفة وهذه المحنةَ المُرعِبة، عاد الصوت من جديد ليقول لنا: "والآن جهِّزوا أنفسكم للهبوط على المدرج. ففي بداية المدْرَج تريانِ الأنوار مشعشعةً وهي على شكل صليب فانتبها إليها. وما هي إلاَّ دقائق حتى أضحتِ الطائرة قريبةً جدًا من المدرج لكنَّنا إلى حدِّ الآن لم نرَ شيئًا. وحين حطّطت دواليبَ الطائرة على المدرج أخيرًا وبعد سبع محاولات، رأينا ساعتئذٍ الأنوارَ المتلألئة على شكل صليب والتي أشار إليها الصوت. وهنا عاد الصوت مرةً أخرى ليقول لنا: "ابقيَا معي والحمد لله على سلامتكما وأهلًا بكما في أنكريدج." والغريب في الأمر هو أنَّه حالَما حطَّت الطائرة على المدرَج استيقظَ القبطانُ من غيبوبته! وهكذا وصلنا بسلام إلى الأرض. وهنا رجع الصوت ليقول: شكرًا لاستماعكم وإطاعتكم لصوتي.
وما أنْ خرجنا من الطائرة حتى أقلَّتنا سيارة خُصِّصتْ لنا إلى فندق قريب حيث قضينا الليلة هناك. وباكرًا جدًا حوالي الساعة الرابعة صباحًا سمعتُ قرعًا على باب الغرفة، ولمَّا فتحت الباب قال الرجل: "أُسعدْتَ صباحًا، أنا ديفيد، صاحبُ الصوت الذي سمعتموه من خلف المذياع والذي أنقذَكم من الموت المحتَّم." (مترجمة عن فيديو من أحد المواقع)
"استمعْ إلى الصوت وثق به." هذا ما قاله موظفُ برج المراقبة. هل ترانا نستطيع أن نميِّز الأصواتَ المليئة في عالمنا والمحيطة بنا من كل جانب؟ وهل ترانا نستطيع أن نعرف مصدر الأصوات التي تدوّي أحيانًا في داخلنا؟ فهناك ضغوطاتٌ وصعاب ومحَنٌ وأزمات وتجارب منوَّعة يجتاز فيها كلٌّ منا يوميًا، حتى لتبدوَ أحيانًا وكأنَّها لا تنتهي. وهذه تحجبُ الرؤية عنا ولا نعودُ نسمع سوى صوتِ صخَب الأمواج المتلاطمة من حولنا. عندها ماذا نفعل؟ هل نثقُ بصوت الله ونستمع له لأنَّه الوحيد الذي يمكنه أن يُنقذَنا ممَّا نحن فيه؟!
لقد مرَّ تلاميذ المسيح بموقف شبيه فخافوا وارتعبوا، إذ هاجت عليهم الأمواج العاتية وهم في السفينة مع الرب يسوع. وقالوا نحن لا محالةَ هالكون والبحرُ سوف يبتلِعُنا. لكنَّ صوتَ المعلّم الذي قام وانتهر الرياح والأمواج فهدأت في الحال، دوَّى في صفوفهم قائلًا لهم: "أين إيمانُكُم؟" أي، أين هي ثقتكم فيّ؟ واليوم لم يتغيَّرْ هذا الصوتُ البتة منذُ ألفيِّ عام ونيِّف، لأنه صوت حيّ ولا يزال موجَّهًا إلينا يريدنا أن نسمعَه يطمئنُنا. لكن، يريدك أولًا أن تلتفت أنتَ إليه ويريد أن يسمع صوتك المستنجِد به كما استنجدَ التلاميذ وصرخوا إليه من شدة روعِهم، قبلَ أن يمنحَك الأمان والسلام والطمأنينة في داخلك.
وفي بعض الأحيان ونحن في خضم المعاناة والجدال مع الله نجد أنفسنا نصارعُ طالبين منه أن يتدخَّل في مشكلة معينة أو أن نسمع صوته مجيبًا لأنَّاتِ قلوبنا، فنجدُه يتأنَّى ويتكلم إلينا في وعوده في كلمته المقدسة ويقول: "انتظرِ الرب. ليتشدَّد وليتشجع قلبك، وانتظرِ الرب." (مزمور 14:27) حينئذ ندركُ قول النبي إرميا: "جيِّدٌ أن ينتظرَ الإنسان ويتوقَّع بسكوتٍ خلاصَ الرب." (مراثي إرميا 26:3)
وخلال هذا الانتظار يعلِّمنا الرب أن نسلِّم له وليس أن نستسلم، لأن التسليم يأتي إراديًا، نسلِّم له واثقين بحلوله وطرُقه وأفكاره البعيدة جدًا عن أفكارنا. وأحيانًا أخرى يجرِّدُنا الله من كلّ الأشخاص المحيطين بنا وحتى من أقرب الناس إلينا، لكي يجعلَنا نتَّكل عليه وعليه وحده وليس سواه. وهذا بحدِّ ذاته صراعٌ مرير ودرسٌ مليءٌ بالدموع. قال النبي داود: "نفسي تنتظر الرب أكثرَ من المراقبين الصبح." (مزمور 6:130) والذين سبقونا ومرُّوا بتجارب مثلَنا قالوا وشهدوا وتغنُّوا قائلين: "هوذا هذا إلهنا. انتظرناه فخلَّصنا. هذا هو الرب انتظرناه. نبتهجُ ونفرح بخلاصه." (إشعياء 9:25) فهل يا ترى نحن مستعدّون أن نستمع إلى صوته وأن ننتظره في نفحةِ الحياة السريعة التي ليس فيها وقت للانتظار؟ هذا هو التحدِّي الذي نعيش فيه في هذه الحياة العصرية.
يقول الرب يسوع: "خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعُني." (يوحنا 27:10)
تُرى، هل أنت من خراف المسيح ومن رعيّته حتى تسمع صوته؟ إنَّه الكلمة المتجسِّد... الابن الوحيد الذي بذلَ نفسه من أجل الخراف. وهو فاتحٌ ذراعيه الآن ويقول: "... ومَنْ يُقْبِل إليَّ لا أُخرجْهُ خارجًا." (يوحنا 37:6) أي أنَّ كل من يأتي إليه تائبًا عن خطاياه ومؤمنًا بعمله الكفاري على الصليب من أجله، فلن يردَّه خائبًا. فالصليب المشعّ في بداية المدرَج لهو الدليلُ لكلِّ إنسان يبغي الوصول بسلام إلى شاطئ الأمان. فلا تتجاهلِ الصوت أرجوك.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

98 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10626952